الربيع العربي وإيران يجبران إسرائيل على زيادة موازنة استخباراتها

05 يونيو 2014
نتنياهو رئيس وزراء الأكثر اهتماماً بـ"الوسائل الخاصة" (الأناضول)
+ الخط -

تنتمي عملية التنصت على اللقاء الذي جمع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون، في جنيف عام 1990، التي نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية، وكشفت عنها الأسبوع الماضي مجلة "نيوزويك" الأميركية، إلى ما يعرف في تل أبيب بـ "الوسائل الخاصة". وتشمل "الوسائل الخاصة" تلك، كل أشكال الجهد الاستخباري الهادف إلى التعرف تحديداً على توجهات دوائر الحكم الرفيعة المستوى في الدول التي تؤثر على البيئة الإستراتيجية لإسرائيل، علاوة على كل مظاهر الحرب السرية التي تهدف إلى تحقيق أهداف إستراتيجية من "دون ترك آثار"، قد تفضي إلى تبعات أمنية أو قد تجبر إسرائيل على دفع أثمان سياسية في الساحة الدولية والإقليمية.

وبحسب ما ذكرته صحيفة "هارتس" في عددها الصادر يوم الثلاثاء، فقد اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قراراً بزيادة موازنة الأجهزة الاستخبارية، وتحديداً تلك المخصصة لتمويل الأنشطة التي تندرج تحت إطار "الوسائل الخاصة". ونقلت الصحيفة عن المدير العام لوزارة الدفاع، دان هارئيل، قوله إن الموازنة المخصصة لتفعيل "الوسائل الخاصة" قد بلغت هذا العام 4.5 مليار شيكل (حوالي مليار و330 مليون دولار)، مشيراً إلى أن هذا المبلغ سيقفز العام المقبل إلى 5.1 مليار شيكل، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 13 في المئة.

ويتضح ممّا قاله هارئيل، أن أحد المسوغات التي دفعت نتنياهو لزيادة الاستثمار في "الوسائل الخاصة"، هو انطلاقه من فرضية مفادها أن إسرائيل لن تنجح في النهاية بإحباط أو تدمير البرنامج النووي الإيراني، مما يوجب عليها تطوير بدائل تمكن تل أبيب من التشويش على هذا البرنامج، وفي الوقت ذاته ردع الإيرانيين عن إمكانية استخدام السلاح النووي في حال نجاحهم في تطويره.

وعلى الرغم من أن هارئيل لم يتوسّع في الحديث عن طابع "الوسائل الخاصة" المستخدمة في مواجهة البرنامج النووي الإيراني، فإنه، بالنظر إلى ما كشفت عنه وسائل الإعلام الغربية حتى الآن، يمكن القول إن "الوسائل الخاصة" في السياق الإيراني، شملت مظاهر الحرب السرية، سواء الحرب الإلكترونية، وتصفية العلماء، وتنفيذ تفجيرات تستهدف مخازن الصواريخ البعيدة المدى، وإقامة شركات وهمية لتزويد الإيرانيين بعتاد تالف لاستخدامه في المنشآت النووية، علاوة على محاولة تجنيد مصادر بشرية. وكرئيس للوزراء، يُعتبَر نتنياهو المسؤول المباشر عن جهاز الاستخبارات للمهام الخارجية، "الموساد"، وجهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك". وبحسب تقرير صادر عن وزراة المالية الإسرائيلي، فإن موازنة كل من "الموساد" و"الشاباك" قد زادت خلال العام 2013 بنسبة 10 في المئة عما كانت عليه عام 2012 (هارتس، 22-5-2014). ويوصف نتنياهو بأنه رئيس الوزراء الأكثر حماسةً في تاريخ إسرائيل لتوظيف "حرب الظلال" التي تنفذها الأجهزة الاستخبارية، حتى إنه حرص على تعيين النائب زئيف إلكين، المقرب منه، كرئيس لـ"لجنة الخارجية والأمن" التابعة للكنيست، لضمان إزالة أية معوقات رقابية أمام الاستخبارات، ولضمان توفير المخصصات المالية اللازمة لتنفيذ العمليات السرية، على اعتبار أن هذه اللجنة هي المخولة فرض رقابة على الأجهزة الاستخبارية.

لا خلاف في إسرائيل على أن التحولات الدرامتيكية المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة، منذ تفجر ثورات الربيع العربي، قد مثلت نقطة تحول فارقة بمكانة الاستخبارات في الجهد الحربي والأمني الإسرائيلي. ووفق معلق الشؤون العسكرية، عمير رايبوبورت، فإنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تنطلق من افتراض مفاده أن سرعة وتيرة التحولات في العالم العربي، تفرض على تل أبيب تعزيز استثمارها في مجال الاستخبارات. ويشير رايبوبورت، في تقرير نشرته "معاريف" بتاريخ 15-5-2014، إلى أنه "في الوقت الذي يقوم الجيش بتقليص القوى البشرية العاملة لديه، ويقوم بتسريح المئات من الجنود والضباط في القوات النظامية، فإن شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، أكبر الأجهزة الاستخبارية، هي أكثر فروع الجيش استيعاباً للقوى البشرية، إذ يتم الحرص على تجنيد الخبراء في مجال التقنيات المتقدمة، ويتم توظيف التقنيات المتقدمة لتحسين القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الحرب السرية بأشكالها المختلفة".

وفي خطوة تشي بتنافس الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على "اقتناص" الكفاءات في مجال التقنيات المتقدمة، فقد شرع جهاز "الشاباك" بتنظيم زيارات للمدارس الإسرائيليية للتعرف إلى الطلاب الذين يُظهرون مؤشرات تفوق في المجال التقني. وقد عرضت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة أخيراً، تقريراً تظهر فيه مهندسة تعمل في "الشاباك"، وهي تقوم باختبار قدرات مجموعة من الطلاب في إحدى المدارس. ويأتي قرار نتنياهو زيادة مخصصات الاستخبارات، في الوقت الذي تخوض فيه وزارة الدفاع وقيادة الجيش الإسرائيلي حملة علاقات عامة لتجنيد الرأي العام لدعم موقفها المطالب بعدم المس بموازنة الجيش، لدرجة أن وزير الدفاع موشيه يعلون، قرّر إلغاء تدريبات عسكرية ومناورات جوية للتحذير من مخاطر المس بموازنة الجيش.

المساهمون