الذكرى العاشرة على اتفاقية "نيفاشا": سلبيات وإيجابيات

12 يناير 2015
خلف سلفاكير قرنق بعد توقيع "نيفاشا" (سمير بول/الأناضول)
+ الخط -
حلّت الذكرى العاشرة لتوقيع الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق، اتفاقية السلام الشامل "نيفاشا"، التي أنهت أطول حرب أهلية في أفريقيا، تعدّت الـ21 عاماً، وذلك في 9 يناير/كانون الثاني. وُقّع الاتفاق قبل أن يُقتل قرنق في حادثة تحطم طائرته على الحدود الأوغندية الجنوبية، في 30 يوليو/تموز 2005، وقبل أن يشهد انفصال السودان إلى دولتين، مع نهاية تطبيق اتفاقية "نيفاشا" في يوليو/تموز 2011. وبعد مقتل قرنق، تجاوزت الحركة محنتها، واختارت رئيس جنوب السودان حالياً، سلفاكير ميارديت، رئيساً لها، ونائباً أولاً لرئيس الجمهورية، عمر البشير، خلفاً لقرنق.

ومنذ اللحظة الأولى من تنفيذ اتفاقية السلام عملياً على الأرض، شهدت علاقة الشريكين، "المؤتمر الوطني" الحاكم و"الحركة الشعبية"، عمليات شدّ وجذب. وكان الطرفان في حالة نزاع وخلاف مستمرّين، إذ شكّلت وقتها قضية تقاسم النفط، ومسألة منطقة أبيي، ضربة سلبية للاتفاقية.

وشهدت الفترة الانتقالية انسحابا كاملا لوزراء "الحركة الشعبية" من حكومة الوحدة الوطنية، احتجاجاً على أحداث وقعت في أبيي، واتهمت الحركة الحكومة بإشعالها في مايو/أيار 2008، إلى أن نجحت الوساطة الافريقية بقيادة ثامبو أمبيكي، وبضغط من المجتمع الدولي، في توقيع الطرفين مرة أخرى، على خارطة طريق لحلّ مشكلة أبيي، وفقاً لبروتوكول المنطقة، الوارد في اتفاقية السلام، لتعود بعدها الحركة إلى الحكومة.

وبعد انفصال الجنوب، انعدمت الثقة بين الطرفين، حتى أن الحركة كانت أقرب للمعارضة السودانية، منها للحكومة التي تشاركها السلطة. كما كانت نادراً ما تتوافق مع "المؤتمر الوطني" في القضايا التي يطرحها أمام البرلمان، وسبق أن سحبت نوابها أكثر من مرة، من جلسات البرلمان، عند احتدام الخلافات بينهما، ولا سيما فيما يتصل بقانون الاستفتاء والمشورة الشعبية لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.

ويعتبر مراقبون أن ما يمرّ به السودان وجنوب السودان حالياً من حروب داخلية وتوتر في العلاقات، نتاج طبيعي لاتفاقية السلام الشامل، التي ولّدت ثنائية بضغط دولي، كان كل التركيز فيها، منصباّ إلى إتمامها، أي فصل الجنوب.

ورأى المجتمع الدولي أن "تصرّفات الشريكين طيلة الفترة الانتقالية، لم تكن تشير لرغبة أي منهما في العمل من أجل أن تكون الوحدة جاذبة للجنوبيين، بل عمدا إلى تنفير الجنوبيين من الوحدة، عبر ممارستهما وتنفيذهما للاتفاقية".

ويعتبر القيادي الجنوبي وأحد كبار المفاوضين عن "الحركة الشعبية" في اتفاقية "نيفاشا"، لوكا بيونق، أن "الاتفاقية حققت إنجازات كبيرة للبلاد في وقتها، وإن حملت جملة من الإخفاقات، أهمها منح الجنوب حقه في الاستقلال، فضلاً عن التغيير الجذري في بنية السودان الموحّد وقتها، وفكّ هيمنة الحزب الواحد على مؤسسات الحكم، بجانب توسيع مشاركة المرأة في مؤسسات الحكم، تحديداً التشريعية".

ويضيف في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "أهم اخفاقات الاتفاقية، تمثلت فيما يتصل بتطبيقها للمشورة الشعبية، التي لم تكن هناك جدية من الخرطوم في وقتها بشأنها، إضافة لقضية أبيي، وقضايا ما بعد الاستفتاء". ونفى أن "تكون الحرب التي اندلعت في جنوب السودان، منتصف ديسمبر/كانون الأول 2013، نتاجا لنيفاشا". وأكد أن "الحرب أمر طبيعي لأي دولة تستقلّ بعد حرب أهلية طويلة وعبر حركات تحرير".

ومن المحطات المهمة خلال الفترة الانتقالية، التحالف العريض، الذي شاركت "الحركة الشعبية" في تكوينه، في العام 2009، عبر دعوة كافة أحزاب المعارضة في جوبا، والذي وُلد عبر تحالف قوى المعارضة الحالي، الذي ضمّ أحزاب "الأمة القومي"، برئاسة الصادق المهدي، والحزب الشيوعي، بزعامة محمد ابراهيم نقد، و"المؤتمر الشعبي" بزعامة حسن الترابي. لتتفق مع بعض أحزابها لاحقاً بمقاطعة العملية الانتخابية على مستوى المركز، بعد أن دفعت بأمينها العام ياسر عرمان مرشحاً لرئاسة الجهورية في 2010.

ويقول المحلّل السياسي، فيصل صالح، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "نيفاشا تُعتبر ابنة شرعية للظروف التي كان يعيشها السودان في حينه، على الرغم الثغرات هنا وهناك". وأوضح أنه "كان من الصعب جداً توقيع اتفاقية، من دون أن تأتي بذات البنود التي حملتها نيفاشا لإنهاء الحرب". وأضاف أنه "لم يكن هناك مفر من تضمين حق تقرير المصير في الاتفاقية". وأكد أن "الممارسة السيئة للاتفاقية لم تؤثر على تطبيقها".

للخبير السياسي الطيب زين العابدين، رأيه، حين اعتبر أن "اتفاقية نيفاشا من أسوأ الاتفاقيات". ويشير إلى أنها "خلقت وضعاً غير مسبوق في القارة الأفريقية، بعد انفصال جنوب السودان". ويضيف "الأسوأ أننا انفصلنا قبل رسم الحدود، وهو وضع يؤذن بعودة الحرب مرة أخرى، ولا سيما أن هناك خمس مناطق حدودية متنازع عليها".

المساهمون