الذكرى السادسة للثورة المصرية.. الصمت سيّد الموقف

الذكرى السادسة للثورة المصرية.. الصمت سيّد الموقف

26 يناير 2017
+ الخط -


مرّت الذكرى السادسة لثورة 25 يناير 2011 كما هو متوقّع؛ لا شيء جديد، لا حدث خارق للنواميس، المقدّمات أفضت بالفعل إلى نتائج منطقية، وهي تزايُد وتيرة القمع الأمني وارتفاع كلفة الفعل السياسي، أدّت إلى التزام المواطنين لمنازلهم وترك الشوارع والميادين فارغة لقوّات الأمن، مع استثناءات قليلة.

هذا الفراغ الموحِش يعطي للمرء فسحة من الوقت لاستذكار سياقات وأحداث ذكريات الثورة الماضية.

2012
حلّت الذكرى الأولى للثورة وسط أجواء اتّسمت بالتعقيد والاضطراب، فحلفاء الميدان قبل عام انقسموا وتشرذموا؛ الإسلاميون عامة والإخوان خاصة، كانت لهم رؤية تتمحور حول مهادنة مؤسّسات الدولة والسعي للسيطرة عليها بطريقة تدريجية، وكان يبدو لهم أن هذه الاستراتيجية تؤتي أكلها، خاصّة بعدما نجحوا في الاستحواذ على أغلب مقاعد البرلمان، فأعلنوا أن "الشرعية انتقلت من الميدان إلى البرلمان"، أمّا القوى الثورية فكانت ترى أن المجلس العسكري هو امتداد لنظام مبارك، فطالبت بإنهاء حكمه ومحاكمة أعضائه، خاصّة بعد مذبحة "مسبيرو" وأحداث "مجلس الوزراء" ومعارك "شارع محمد محمود".

مظاهرات مناهضة لحكم المجلس العسكري، وأخرى تحتفل بنجاح الثورة والانتخابات البرلمانية، هكذا مرّ يوم الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2012، لكن الحدث الأبرز الذي صاحب الذكرى الأولى للثورة، كان مؤجلًا لمطلع فبراير/ شباط، حيث وقعت مذبحة مروعة في "ستاد بورسعيد"، راح ضحيتها 74 شخصًا من مشجعي فريق الأهلي.


2013
أجواء الاضطراب التي اتسمت بها الذكرى الأولى للثورة تحوّلت إلى استقطاب حاد في الذكرى الثانية، لكن أطراف الصراع اختلفت؛ المجلس العسكري توارى في الظل، وحلّ مكانه الرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان، وفي مواجهتهم كانت القوى المدنية والثورية.

أجواء الاستقطاب والكراهية هذه، كانت امتدادًا لحالة الغضب التي تلت الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس مرسي في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وما أعقبه من احتجاجات ومظاهرات واشتباكات أدّت إلى إلغائه، وكذلك قرار الاستفتاء على الدستور رغم انسحاب ممثلي التيّار المدني والكنيسة من جمعيته التأسيسية، تعبيرًا عن رفضهم له.

مظاهرات مناهضة لمرسي، وأخرى داعمة له، واشتباكات خلفت 10 قتلى وعشرات المصابين، وخطاب مثير للجدل للرئيس، جاء فيه "لقد كان العبور الثاني والشرطة في القلب منه في 25 يناير 2011"، هكذا مرّ يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2013.

الحدث الأبرز الذي صاحب الذكرى الثانية للثورة، وقع يوم 26 من الشهر نفسه، عندما حكمت محكمة جنايات بورسعيد بالإعدام على 21 من المتّهمين في أحداث "ستاد بورسعيد"، حيث اندلعت أعمال عنف وشغب في محافظات القناة احتجاجًا على حكم المحكمة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصًا، فأعلن الرئيس حظر التجوّل وحالة الطوارئ في محافظات القناة.


2014
تكرّست حالة الاستقطاب والانقسام بحلول الذكرى الثالثة للثورة، حيث جاءت هذه الذكرى بعد الإطاحة بالرئيس مرسي والتنكيل بأنصاره بالقتل والاعتقال والمطاردة ومصادرة الممتلكات، كما شنّت السلطة الحاكمة حملة موسّعة لقمع التيار المدني.

يُمكن اختصار حالة الانقسام في هذا المشهد: أنصار وزير الدفاع الفريق السيسي يحتفلون في ميدان التحرير؛ فرقٌ غنائية واستعراضية وهدايا وطائرات الجيش تقوم باستعراض فوق الميدان، وعلى بعد عشرات الأمتار منهم يتظاهر مئات الشباب رفضًا للقمع وانتهاكات حقوق الإنسان فتواجههم الشرطة بالرصاص وقنابل الغاز، فيسقط بينهم قتلى وجرحى.

انقضت ذكرى الثورة الثالثة، مخلّفة ما لا يقل عن 29 قتيلًا و167 مصابًا، وما يزيد عن 1000 معتقل من كافة التوجّهات السياسية المعارضة.


2015
مع حلول الذكرى الرابعة للثورة، كانت أوضاع النظام الجديد قد استقرّت بشكلٍ كبير ولكن قدرته على القمع ووأد الاحتجاجات تعاظمت، فخفتت حدّة المظاهرات والاحتجاجات المعارضة. وشنّت قوّات الأمن حملة أمنية استباقية اعتقلت خلالها عشرات الشباب، خاصّة في المناطق المعروفة بنشاط حِراكِها.

خرجت مظاهرات عدّة في القاهرة والمحافظات، كان أغلبها من تنظيم جماعة الإخوان، لكنها ووجِهت بعنف مفرط، فسقط 25 قتيلًا على الأقلّ وأصيب واعتقل العشرات.

الحدث الأبرز الذي صاحب الذكرى الرابعة للثورة، وقع في الثامن من فبراير/ شباط، عندما لقي 20 مشجعًا لفريق الزمالك حتفهم أمام ستاد الدفاع الجوي، بعدما أجبرتهم قوّات الأمن على الوقوف في ممرّ حديدي ضيّق حتى يدخلوا إلى الملعب، ثم حدثت مناوشات فأطلقت قوّات الأمن الرصاص وقنابل الغاز فقتلت 20 شابًا وأصيب العشرات.


2016
تنامت القبضة الأمنية كثيرًا بالتزامن مع الذكرى الخامسة للثورة، فشنّت قوّات الأمن حملات مداهمة واعتقال مسبقة استعدادًا لذكرى الثورة، وشهدت القاهرة والمحافظات إجراءات أمنية مشددة في كل الساحات والميادين وحول المنشآت الحيوية.

خفتت حدّة المظاهرات المؤيّدة والمعارضة بشكل كبير، فميدان التحرير لم يكن فيه سوى عشرات الأشخاص يحملون أعلام مصر لتهنئة الشرطة بعيدها، وخرجت عدّة مظاهرات احتجاجية في مناطق مختلفة انتهت بمواجهات مع قوّات الأمن، وانقضى اليوم بمقتل 4 أشخاص وإصابة واعتقال آخرين.