الدولة القوية

21 سبتمبر 2014
+ الخط -

"الخارجون على القانون هم الذين يصنعون التاريخ". عبارة صادمة، أو هكذا تبدو أول وهلة، عند تلقيها، غير أن هذه العبارة التي اتخذتها جمعية في نيويورك لافتة، في سياق أنشطتها، لم تكن لترمي إلى المجرمين، أو الإرهابيين أو جماعات التمرد المسلح، أو الذين يرتكبون جرائم قطع الطريق، وخطوط الكهرباء وأنابيب نقل النفط، أو غير ذلك من مرتكبي الجرائم، أياً كان نوعها، فالمقصود من الخارجين عاى القانون في العبارة السالفة، هو الخروج على أساليب التفكير المألوفة في مواجهة المشكلات والتحديات، إلى أساليب ابتكارية وابداعية، تؤدي إلى حل المشكلات والأزمات والتحديات التي تواجه المجتمع.
 
قد تبدو أحلك الأيام ما يعيشه مجتمعنا اليمني، في هذه الأيام التي جاءت في اللحظة التي قرر فيها الوطن أن ينطلق باتجاه بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، أساسها المواطنة المتساوية، وحماية حقوق الإنسان والحريات، والحكم الرشيد، دولة اتحادية تضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة.

لكن، من قال إن الأزمة القائمة في اليمن وسواه ستنوء بمجتمعنا، ففي الواقع، المجتمعات الحية لا تنوء بها المشكلات والتحديات، ومجتمعنا اليمني مهما اعتورته المعوقات فهو حي قادر على مواجهة التحديات والأزمات التي تواجهه، فكل أزمة تنطوي على فرصة، فمثلما أيقظت التهديدات التي تواجه الدولة أهمية وضرورة الاصطفاف الوطني من أجل الأمن والسلام وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، من أجل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، فإنها أيضاً أكدت أولوية بناء الدولة القوية، فهدف كل دولة هو الأمن والقوة، وبدون الدولة القوية لا أمن ولا أمان ولا استقرار ولا سلام اجتماعي، وبدون الدولة القوية لا قيمة للحديث عن مخرجات الحوار الوطني وتنفيذها واستكمال الانتقال السياسي.

غالبية الشعب اليمني مع أولوية بناء الدولة القوية، القادرة على اجتثاث الإرهاب والتمرد والانفلات والفساد، وعلى فرض احترام القانون. هذا الاصطفاف الوطني مع الرئيس، ينبغي أن يكون أكثر تفاعلاً وفاعلية في إنجاز أولوية بناء الدولة القوية التي تبسط سيطرتها على كامل التراب الوطني، وتحقيق الأمن والاستقرار، ولا تسمح بوجود جماعات مسلحة خارج نطاق القوات المسلحة والأمن، ولا تقبل بجماعات الارتهان السياسي وخدمة أطماع قوى إقليمية، ولا تتردد في تنظيم قوتها الناعمة، وفي مقدمتها وسائل الإعلام، سواء المملوكة للدولة أو الخاصة، تنظيم باتجاه ان يكون الإعلام في خدمة المجتمع، لا تحريض ولا تضليل ولا تزييف للحقائق والمعلومات، ولا تعصب وتشويه، ولا كتائب الكترونية تتبادل القصف الدعائي وتشتبك في حرب أهلية غبية.

إعلام يعاد تنظيمه بصورة مؤقتة لما تبقى من المرحلة الانتقالية، عذر غياب قانون ينظم الإعلام المرئي والمسموع عذر غير سليم فثمة قوانين قائمة مثل قانون الصحافة والمطبوعات والاتصالات، وسواها من القوانين النافذة فضلاً عما تتطلبه المراحل الانتقالية من إعلام، وما تضمنته الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني بشأن الإعلام يمكن من خلالها إعادة التنظيم للإعلام في هذه الفترة بصورة مؤقتة على أن يكون تمهيداً للانتقال للنظام الاعلامي الجديد وفق مخرجات الحوار الوطني.

بناء الدولة القوية لا يعني القمع والتسلط، وإنما القدرة على فرض قوة القانون، وهيبة الدولة وسيادتها وما أحوج مجتمعنا إلى التوافر لانجاز هذه الأولوية وما أحوج مجتمعنا إلى أساليب تفكير جديدة ابتكارية وابداعية لحل مشكلاته وأزماته ومواجهة تحدياته، ما اظنه إلا قادراً على استكشافها وتفعيلها.

avata
avata
اسكندر الأصبحي (اليمن)
اسكندر الأصبحي (اليمن)