الدولار يهيمن على 90%من صفقات سوق الصرف العالمي

الدولار يهيمن على 90%من صفقات سوق الصرف العالمي

16 يوليو 2014
الاخضر يسيطر رغم غضب أوروبا(ديفيد اليوت/Getty)
+ الخط -

ربما تكون الحكومات والمصارف الأوروبية وعلى رأسها مصرف "بي ان بي باريبا"  الذي غرمته الحكومة الأميركية قرابة 9 مليارات دولار في بداية الشهر الجاري غاضبة جداً من السلطات الاميركية ونظام النقد العالمي الذي تسيطر عليه" الورقة الخضراء"، ولكن لا مفر لها من هيمنة الدولار الذي يحتكر معظم الصفقات التجارية وتبادل العملات في سوق الصرف العالمي.

وحسب احصائيات  بنك التسويات الدولية الاخيرة فإن 90% من صفقات سوق الصرف العالمي التي بلغت 5.3 تيرليون دولار في العام الماضي  كانت مرتبطة بالدولار الأميركي. وفي ذات الصعيد تشير احصائيات "سويفت" الى ان 80% من عمليات تمويل الصفقات التجارية التي نفذت خلال العام 2013 تم تسويتها بالدولار. 
 
من جانبه يقول صندوق النقد الدولي  في احصائياته الأخيرة المنشورة في ( 31 ديسمبر/كانون الأول 2013)، أن اجمالي احتياطات البنوك المركزية العالمية من العملات الصعبة بلغت في نهاية  الربع الثالث من العام الماضي 11.434 تريليون دولار من بينها 6.1 تريليون دولار بالعملات الصعبة.

وحسب الصندوق النقد فان نصيب الدولار من احتياطي البنوك المركزية بلغ بنهاية العام الماضي 2013  حوالى  3.8 تريليون دولار وبنسبة تفوق 61%، فيما كانت حصة  اليورو في المرتبة الثانية بحصة 1.149 ترليون دولار ثم الجنيه الاسترليني بحصة بلغت 242.9 مليار دولار ثم الين الياباني بحصة 239.17 مليار دولار ثم الفرنك السويسري15.9 مليار دولار.

وبعد اسبوع واحد من اعلان العقوبات الاميركية على مصرف "بي ان بي باريبا" الفرنسي  دعا وزير الاقتصاد الفرنسي ميشيل سابين حكومات الاتحاد الاوروبي الى استخدام اليورو بشكل أكثر في صفقات التجارة الدولية بدلاً عن استخدام الدولار. ولكن يلاحظ أن نصيب اليورو لا يزال ضئيلاً مقارنة بالعملة الاميركية.

وكانت التوقعات حينما أطلقت العملة الاوروبية الواحدة في العام  1999، أن يتمكن اليورو من كسر احتكار الدولار وربما الانقلاب على العملة الخضراء بعد سنوات واحلاله مكانها كـ"عملة احتياط دولية".

وحينما نفذت الولايات المتحدة الحظر من جانب واحد على كل من ايران وكوريا الشمالية توقع العديد من المصرفيين وحتى بعض الاميركيين أن تتحول ايران وبعض دول منظمة البلدان المصدرة للنفط" أوبك" من تسعير وبيع النفط بالدولار. ولكن ذلك لم يحدث.

وفي أعقاب أزمة المال العالمية في العام 2008 وقيام الولايات المتحدة بطباعة ترليونات الدولارات وضخها في السوق . توقع بعض الاقتصاديين أن يقود التوسع الهائل بالكتلة النقدية الدولارية الى خفض قيمة الدولار ولكن ذلك لم يحدث. وحتى البروفسور جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل وكبير اقتصاديي البنك الدولي دعا الى عملة دولية جديدة بدلاً عن الدولار في العام 2008.

فيما يتواصل الرهان  في اسواق المال ووسط خبراء النقد والاقتصاد حول سقوط الدولار كـ"عملة احتياط دولية" تواصل" العملة الخضراء" كما يحلو للبعض تسميته، كسب الرهان ويخسر المراهنون دائماً وتزداد حصته من  نصيب الارصدة العالمية بالعملة الصعبة.

والسبب حقيقة في خسارة المراهنين، ليس لأنهم لا يفهمون مجريات عالم النقد والمال، ولكن الثقة المتوفرة في العملة الاميركية كوسيط فاعل في تسوية الصفقات وسط الرمال المتحركة في عالم النقد. فالدولار حتى الآن أقوى الضعفاء.

فحينما ظهرت عملة اليورو، راهن عديدون على أن اليورو سيصبح عملة دولية وستحل بعد عقد أو أكثر مكان العملة الخضراء في بنوك العالم. ولكن سرعان ما أحتاج اليورو نفسه إلى انقاذ الدولار، حينما حلت كارثة الديون الأوروبية بمنطقة اليورو وشارفت العديد من البنوك التجارية في عواصم المال الاوروبية على الانهيار لولا الخط الساخن وضخ السيولة المباشر الذي نفذه مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الاميركي" لانقاذ النظام المصرفي الأوروبي من الانهيار.

خلفية تاريخية

 نظام النقد العالمي كان يعتمد على الذهب حتى الحرب العالمية الثانية. ثم تحول العالم الى الدولار بعد اتفاقية بريتون وودز . وكان الدولار وقتها مرتبط بالذهب ويمكن تحويل كل دولار الى مكافئه الذهبي. ولكن الولايات المتحدة تحت ضغوط حرب فيتنام ومطالبات بعض الدول بتسوية ديونها ذهباً، أجبرت على التخلي عن ارتباط الدولار بالذهب وتم تعويمه منذ ذلك الوقت.

فالمشكلة اذا ليست في الدولار بقدر ماهي  في العملات التي كانت مرشحة لمنافسة الدولار على مكانة عملة الاحتياط الدولية، لان  لديها مشاكل وقصور ذاتي. فاليوان الصيني رغم ثقل الصين التجاري والاقتصادي، إلا انه عملة مقيدة وليست حرة يمكن تبادلها حسب معادلات الاقتصاد  في سوق الصرف الاجنبي. كما أن ضعف اقتصاديات اليورو لاتزال تمنع اليورو من أخذ نصيبه  الحقيقي في تسوية الصفقات أو في عملة الاحتياط الدولية.

دلالات

المساهمون