الدنمارك: حزب وطني لاسترجاع قيمها

الدنمارك: حزب وطني لاسترجاع قيمها

31 أكتوبر 2014
عمد الشارع اليميني الى نعت الحزب بأوصاف عنصرية (Getty)
+ الخط -
اختار "الحزب الوطني" الجديد العلم الدنماركي ليتوسّط شعاره. للوهلة الأولى، قد تظن أنه أشبه بالأحزاب اليمينية المتشددة، على غرار حزب "الشعب" أو الحركات القومية المتطرفة، التي تؤمن بأن علم البلاد هو بمثابة راية "مقدّسة هبطَت من السماء بالألوان الحمراء والبيضاء".

لكن المسألة ليست كذلك على الإطلاق. فالقائمون على تأسيس هذا الحزب هم ثلاثة أشقاء دنماركيين من أصول باكستانية، لاحظوا أن "الأحزاب السياسية تصبح أكثر يمينية"، فكان "إشاعة الخوف وعدم الثقة والتسامح بين الدنماركيين الدافع الأساسي لتأسيس الحزب".
يقول رئيس "الحزب الوطني" الجديد كاشف أحمد إن "الأحزاب التي كانت تتحدث عن ضرورة إزالة الفوارق بين الناس، ومنع التمييز من خلال تشريعات قانونية برلمانية، باتت تقفز إلى عربة التمييز هذه".

يريد مؤسّسو الحزب القول إنهم "بعدما ولدوا في الدنمارك وعاشوا فيها كل سنوات عمرهم، يواجهون تمييزاً بسبب العرق والدين والمعتقد والجنس".

يؤمن كاشف وعامر وآصف أن "القيم الدنماركية التي كانت موجودة حين جاء أهلهم إلى هذا البلد، هي التي جعلت المجتمع يستقبلهم، لكنها في طريقها إلى الاختفاء اليوم". يضيفون: "كان الناس أكثر انفتاحاً. يصعب علينا الآن إيجاد تلك القيم والتعرف على دنماركيتنا، رغم شعورنا بأننا دنماركيون في الحقيقة".

كاشف هو عضو منتخب في المجلس البلدي لفيداوفر في العاصمة كوبنهاجن، يرى أن "تأسيس أحزاب جديدة لا يدعو إلى الخوف، علماً أن بعضها لم يلق الرواج المطلوب، على غرار حزب المهاجرين الذي تأسس قبل نحو عام، من دون أن يدعمه الدنماركيون، حتى أولئك الذين هم من أصول مهاجرة".

يطمح الحزب إلى أن يكون مؤثراً في النظام الاجتماعي والسياسة الدنماركية، خاصة في الداخل". يقول الإخوة الثلاثة إن "حزبهم سيسعى إلى التواجد في جميع المدن الدنماركية"، علماً أنهم حتى الآن يوجد في حوزتهم قوائم لأعضاء في 25 مدينة. ولكي يصبح الحزب الوطني سياسياً ومعترفاً به، ولديه مرشحون للانتخابات البرلمانية المقبلة، عليه الحصول على توقيع 20 ألف مواطن مسجلين بالأسماء الحقيقية لترشحه للانتخابات.

مهمةٌّ يصفها القائمون على الحزب بأنها "ليست صعبة. فالمواطنون ملوا هذا التوجه اليميني، وبات لزاماً أن نجد صيغا أخرى أكثر وسطية". يظن هؤلاء أن "تركيزهم على القيم المجتمعية والمراهنة على القطاع العام من دون بيروقراطية سيجذب المواطنين لتأييد تأسيس وترشح أعضاء من الحزب".

إلا أن تأسيس حزب جديد بصبغة "وطنية" على هذا الشكل، لا يمر من دون انتقادات سياسية واجتماعية وإعلامية. وطرحت وسائل الإعلام أسئلة كثيرة تنسف الحاجة لتأسيس حزب مماثل، عدا عن وصفه بأنه حزب "إسلامي يحمل العلم الدنماركي". في المقابل، ركّز المؤسسون على الفكرة عينها: "الخارطة السياسية تصبح أكثر يمينية. ونحن جزء من هذا المجتمع، ويحق لنا وفق الدستور أن نؤسس حياتنا السياسية بما يتوافق مع الدستور".

وسأل المذيع في مقابلة أجراها التلفزيون الدنماركي كاشف: "أين النساء في حزبكم والدنماركيون الذين لم نشاهدهم في المؤتمر الصحافي؟" فرد كاشف: "هذا تماماً ما نعاني منه في المجتمع. الصورة التي التقطت لي ولأصدقاء مؤيدين للحزب بعد انتهاء المؤتمر الصحافي، تعرضونها وكأن الحزب حزب رجال. لماذا لم تعرضوا الصور التي تظهر الدنماركيين والشباب والنساء؟ هذا التنميط هو دافعنا لتأسيس الحزب، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمواطنين من أصول أخرى".

بدوره، عمد الشارع اليميني إلى نعت الحزب الجديد بأوصاف نابية وعنصرية، رغم اتخاذه العلم الدنماركي شعاراً له. يقولون إن "هذا الحزب دليل على أن المسلمين يريدون السيطرة على البلد وتطبيق الشريعة".

في حين يرى مواطنون آخرون أن "من حق كل مواطن أن يكون لديه طموح بتأسيس الحزب الذي يريده وفق الدستور". وفيما يتعلق بالدستور، سُئل كاشف في المقابلة عينها: "ماذا تفضل: الدستور أم القرآن؟" فردّ: "لا تعارض بين الاثنين. الدستور يمنحني الحق ويمنح كل إنسان أن يعتقد ويؤمن بما يريد، سواء كنت مؤمناً أم ملحداً".

تجدر الإشارة إلى أن ترشيح الأحزاب في الدنمارك للانتخابات التشريعية يشترط أن يُقدّم الحزب أوراقه قبل أسبوعين من تلك الانتخابات. وحتى يتم قبول الحزب في البرلمان، يجب أن يثبت أنه قادر على تقديم أسماء 20.260 مواطناً مؤيداً لترشحه.