الخميني وبني صدر

31 أكتوبر 2016
+ الخط -
أطلّ أبو الحسن بني صدر، أول رئيس للجمهورية الإسلامية الإيرانية، يوم 22 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، من القناة الفرنسية التي تبث بالعربية في برنامج "ضيف ومسيرة"، فأنعش الذاكرة، وذهب بها إلى فترة عاصفة في تاريخ الشرق الاوسط والعالم، وقدّم شهادة على ما يفعله الزمان بالناس، وما يفعله الناس بالشعوب وبالدنيا.
لم يعرف أبو الحسن آية الله الخميني في غمرة السياسة، وإنما التصق به بعد أن تعرّف عليه مبكراً، مذ رأى الخميني يتردّد على والده ويقضي أياماً في منزلهم، هارباً من قيظ مدينة قم، لكن ليس لهذه المعرفة المبكرة علاقة بما سيأتي من اتصال بين الرجلين.
لاحقاً، يصبح بني صدر مستشاراً للخميني في منفاه في النجف ثم في فرنسا، وسيلاحظ أنّ الإمام لم يكن مستعداً للقاءات الصحفية، بل بدا عازفاً وممتنعاً، وسينصحه المستشار الشاب والمدرك، فيرد الخميني بأنّه لا يعرف اللغات، ولا يدري ما الذي سينقلونه عنه، وتكتمل النصيحة بتشكيل لجنة تتوّلى تسلّم أسئلة الصحفيين وإعداد الأجوبة عليها، وهذه النصيحة رسّخت في قلب الخميني الطمأنينة إلى أنّ أحاديثه ستصل إلى الناس، من غير تحريف أو تشويه، فتحت أمامه سماء النجومية، وقدّمته ثورياً عاشقاً للحرية.
وبشأن موقفه من ولاية الفقيه، بدّل الخميني رأيه خمس مرات بما يوافق هواه ويرضي سامعيه، فكان في البداية ضد ولاية الفقيه، لكنّه في النجف تحدّث عن ولاية الفقيه. وفي باريس، تحدّث عن سيادة الشعب، وأمام البرلمان تحدّث عن نظارة الفقيه، وأخيراً قال بولاية الفقيه المطلقة، وذلك أغضب أية الله منتظري الذي قال إنّها ليست من الإسلام.
عند عودة الخميني من باريس في فبراير/ شباط 1979، كان برفقته أبو الحسن بني صدر، وظهر بجانبه في الصورة عند مدخل الطائرة في مطار طهران، حين صعد اثنان من رجال الدين لاستقبال الإمام العائد.
كانت الجماهير تملأ الشوارع والميادين ابتهاجاً بالنصر، بينما تداخل المرارة نفس الشاب الذي كان حتى اللحظة مرشداً لمرشد الثورة الإسلامية، وسوف يقول، في مقابلته مع القناة الفرنسية، إنّ الخميني ظلّ يتعامل مع المفكرين حتى باب الطائرة، ومن ذلك المكان أصبح يتعامل مع رجال الدين.
بعد أن صفّى الخميني عدداً من خصومه، بقي أبو الحسن بني صدر وجهاً لامعاً ولافتاً في وزارتي المالية والخارجية، وفي منصبه وزيراً للخارجية داهمته مشكلة اقتحام السفارة الأميركية واحتجاز موظفيها رهائن. وأحرج الحادث وزير الخارجية العارف بالفرق بين الدولة والعصابة، فحاول مع الخميني ومع الطلبة، وتلّقى إجابة واحدة مفادها بأنّ الاحتجاجات/ الاحتجاز لن تتجاوز ثلاث إلى أربع أيام، ويكشف بني صدر أنّ محاولات بذلت بواسطة الأمم المتحدة لحلّ الأزمة، بالتزامن مع حصول أشياء غريبة تظهر دائماً وتمنع الاتفاق، ومن ذلك إنّ مشروعاً من ثلاث نقاط أعدّ بالتعاون مع أمين عام الأمم المتحدة، وفي اليوم المقرّر للاجتماع صدر بيان عن الخميني بأنّ أحداً لن يمثل إيران.
بعد ذلك، رفع الحزب الجمهوري الإسلامي عريضة باثني عشر اتهاماً تشمل معاداته لولاية الفقيه والمؤسسات الثورية وموالاته حقوق الإنسان والديمقراطية الغربية، وبناءً عليها عزل بين صدر بعد سنة وأربعة أشهر من توّليه.
052B7D23-F217-434C-B080-1FCCC5D329DC
052B7D23-F217-434C-B080-1FCCC5D329DC
حسن العديني (اليمن)
حسن العديني (اليمن)