الخبز ... رحلة عذاب في مصر رغم المنظومة الجديدة

الخبز ... رحلة عذاب في مصر رغم المنظومة الجديدة

19 يونيو 2014
جودة الرغيف لا تزال سيئة (تارا تودلاس/ واشنطن بوست/getty)
+ الخط -

انتقد مواطنون في مناطق حلوان وطرة والمعادي بجنوب القاهرة، منظومة توزيع الخبز الجديدة، التي طبقتها وزارة التموين والتجارة الداخلية بداية الشهر الجاري، في أول تطبيق للتجربة في العاصمة المصرية.
واعتبروا أن المنظومة أدت إلى زيادة طوابير الخبز، وليس العكس كما روجت الوزارة، وكذا ساهمت في توسيع نفوذ أصحاب المخابز، ونقص في كميات الخبز التي كانوا يحصلون عليها سابقاً.

وكانت وزارة التموين قد أكدت أن المنظومة الجديدة تحفظ كرامة المواطن وتوفر له الخبز في سهولة ويسر، وطُبّقت بمحافظات القناة (بورسعيد والإسماعيلية والسويس) كما يجري تطبيقها حالياً في العاصمة القاهرة.

الخبز... رحلة عذاب

قالت رباب رياض، ربة منزل من منطقة حلوان، لـ"العربي الجديد" إن منظومة الخبز الجديدة زادت من معاناتها، واصفة الحصول على الخبز بـ"رحلة العذاب".

وأضافت أنها تقف لمدة ساعتين للحصول على الخبز في طابور طويل جداً يمتد لعدة أمتار، نظراً لتعطيل ماكينة الصرف، ولفتت النظر إلى أن تصريحات وزير التموين خالد حنفي حول المنظومة الجديدة، جاء لترضية الرأي العام فقط، وتوفير أموال للدولة على حساب المواطن البسيط، وأن هذه المنظومة فاشلة تماماً.

وقالت حليمة عبد الفضيل، ربة منزل في منطقة عرب المعادي، لـ"العربي الجديد" إن المنظومة الجديدة للخبز قلّصت زِنة الرغيف إلى النصف تقريباً، وبقيت نوعيته سيئة. موضحة أن معظم الخبز لا يصلح للاستهلاك البشري.

وأشارت إلى أن "ماكينة الصرف تتعطل كثيراً، ولا نستطيع الحصول على الخبز"، موضحة أنها اضطرت إلى شراء الخبز الحر بـ 50 قرشاً للرغيف الواحد.

ولفتت النظر إلى أنه "في ظل استمرار أعطال ماكينات الصرف سيحكم علينا بالجوع، أنا أسرتي مكونة من أربعة أفراد ودخلنا الشهري ضعيف، ولا نستطيع شراء الخبز الحر".

ضياع المسؤولية

وقال محمد جاد الرب، موظف في حلوان، لـ"العربي الجديد" إن وضع الخبز في المنظومة الجديدة لم يتحسن، ولم يجنِ المواطن من المنظومة سوى زيادة الطوابير ونقص زنة الرغيف.

وأوضح أن بطاقة الخبز فيها الكثير من المشاكل، حيث ترفضها بعض الماكينات، وأصحاب المخابز يحيلون المواطنين إلى وزارة التموين، والأخيرة تقول إنها ستنهي المشكلة قريباً، وفي النهاية لا يحصل المواطن على الخبز.

وقال صبري التونسي، وهو صاحب مخبز، لـ"العربي الجديد" إن المنظومة الجديدة فيها أخطاء كبيرة، موضحاً أنه كان من المفترض ألا يتم العمل بها إلا بعد إعداد بطاقات تموينية لجميع المواطنين.

وأشار إلى أن أكثر من 80% من سكان المنطقة ليست لديهم بطاقات تموينية، أو بطاقات مجمّعة، وبالتالي هناك صعوبة في عملية الفصل التمويني، فضلاً عن حاجة عملية الفصل إلى وقت طويل لا يقل عن 20 يوماً.

وأردف: "هناك مشكلة كبرى، وهي المغتربون من قاطني المنطقة الذين كانوا يستهلكون الخبز من دون أي مستند في المنظومة القديمة، في حين أن الوزارة تخصص للفرن الواحد للمغتربين 2600 رغيف فقط، وهؤلاء عددهم كبير، وبعد انتهاء الكمية يتهمون صاحب الفرن بعدم البيع لهم".

وطالب التونسي برفع الكمية إلى 5 آلاف رغيف لتلبية الطلب على الخبز. ولفت النظر إلى أنه يتم التعامل الآن مع المواطنين الذين ليس لديهم بطاقات تموينية من خلال بطاقة مؤقتة يعطيها صاحب المخبز للمواطن لمدة 15 يوماً فقط، لحين استخراج بطاقة تموين.

منظومة لصالح أصحاب المخابز

من جانبه، قال مستشار وزير التموين الأسبق نادر نور الدين لـ"العربي الجديد": إن الرابح الوحيد من هذه المنظومة هم أصحاب المخابز وليس المواطنون، موضحاً أن أصحاب المخابز استفادوا من تقليل زنة الرغيف وزيادة سعر التكلفة.

وأضاف أن وزير التموين خالد حنفي أصدر تعليمات شفوية بعدم تحرير محاضر ضد أصحاب المخابز لتمرير منظومة الخبز التي يتبناها، وأوضح أنه لم يتم تحرير محضر واحد لصاحب مخبز منذ تولي الوزير الجديد حقيبته.

وأوضح أن الوزير خفض زنة الرغيف المدعوم بنسبة 35% من 130 جراماً الى 90 جراماً مع تحديد حصة الفرد بخمسة أرغفة يومياً، وبذلك لن تساوي الحصة فعلياً في "منظومة حنفي" سوى رغيفين ونصف رغيف تقريباً، مقارنة بزنة الرغيف في المنظومة القديمة التي أقرها وزير التموين الأسبق باسم عودة.

وانتقد نور الدين أداء وزير التموين الحالي قائلاً: "المنظومة الجديدة للخبز تضيف أرباحاً إلى أصحاب المخابز وتضر بالمواطن، وذلك بعد رفع تكلفة الإنتاج من 29 قرشاً للرغيف الواحد إلى 34 قرشاً مع تقليل زنته، أي أن صاحب المخبز سيربح 500 جنيه في الشوال زنة 100 كيلو جرام".

وأوضح أن "الشوال" كان ينتج في المنظومة القديمة 1050 رغيفاً زنة 130 جراماً، في حين سينتج في "منظومة حنفي" 1550 رغيفاً زنة 90 جراماً، وبالتالي مضاعفة ربحية أصحاب المخابز (التجار) على حساب المواطن.

وأكد مستشار وزير التموين الأسبق أن هذه الفترة تحتاج إلى زيادة الدعم، وليس تقليله أو إلغاءه كما تنوي الحكومة، خصوصاً أن نسبة الفقر ارتفعت 1.1% خلال عام، وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء، الذي أكد أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 26.3% في مارس/آذار الماضي، مقارنة بنحو 25.2% في مارس/آذار 2013، أي أن مليون مواطن دخلوا دائرة الفقر، وارتفع معدل البطالة إلى 16.5% بدلاً من 9% قبل ثورة يناير حسب بيانات وزارة التخطيط. وأشار إلى أن الخلاف بين أصحاب المخابز ووزير التموين "مصطنع وتقسيم أدوار".

دفاع حكومي

ورغم رحلة العذاب التي يعاني منها المواطن المصري للحصول على رغيف خبز، إلا أن
المتحدث الرسمي في وزارة التموين والتجارة الداخلية محمود دياب، قال إن الوزارة طالبت منذ 20 يوماً المواطنين التوجه بسرعة للحصول على بطاقات التموين أو فصل أنفسهم من البطاقات المجمعة، غير أن المواطنين تكاسلوا عن الحصول عليها.

وأرجع دياب، عودة طوابير الخبز مرة أخرى، إلى حصول الكثير من المواطنين على حصة ثلاثة أيام مقدماً، بدلاً من أخذ الحصة يوماً بيوم.

وأضاف أن كل تجربة في بداية تطبيقها قد تشهد بعض العقبات، لكن مع استمرار التطبيق ستتلاشى تلك السلبيات.

وكان وزير التموين والتجارة الداخلية خالد حنفي، قد تعهد بالقضاء تماماً على طوابير الخبز، من خلال تطبيق منظومة الخبز الجديدة وتعميمها في باقي المحافظات.

وأشار الوزير حنفي في تصريحات سابقة إلى أنه سيتم تخصيص خمسة أرغفة يومياً من خلال البطاقة الذكية، بعد استصدار بطاقات ذكية لجميع المواطنين من دون تمييز. فضلاً عن إصدار بطاقات ذكية للمستشفيات والملاجئ وغيرها، للحصول على الحصص المجمعة من الخبز بالسعر الرسمي.

وأوضح أن المنظومة ستوفر 1.1 مليار دولار سنوياً مهدورة في تهريب الدقيق المدعم، واستخدام الخبز في أعلاف الماشية.

وتوفر المنظومة، حسب وزارة التموين، حصول المواطن على 5 أرغفة يومياً زنة 90 جراماً.

 

دلالات

المساهمون