الحصار يُكبّل الحرف اليدوية في غزة

الحصار يُكبّل الحرف اليدوية في غزة

21 يونيو 2014
امرأة في مشغلها بغزة (أشرف عمرة/الأناضول/getty)
+ الخط -

لا تقتصر حرفة المشغولات اليدوية كمصدرٍ للرزق في قطاع غزة على النساء فحسب، بل أيضاً تشمل ذوي الاحتياجات الخاصة، كفئةٍ مهمشة في المجتمع بحاجة إلى الانخراط في سوق العمل. إلا أن تراجع النشاط التجاري أدى إلى انخفاض الطلب على المشغولات اليدوية وتراجع حجم إنتاجها. إضافة إلى أن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين ساهم في انخفاض الإقبال على الصناعات الحرفية.

كذلك، كان للحصار مساهمة كبيرة في عدم القدرة على توفير المواد الخام، ومنع السياح من الوصول إلى القطاع، وهم يشكلون مصدراً مهماً في تسويق وشراء هذه المنتجات.

التطريز والسيراميك والصوف

فاطمة أبو كرش (22 عاماً)، إحدى الفتيات اللواتي التحقن بإحدى الجمعيات في قطاع غزة، لتعلم حرفة التطريز والأشغال اليدوية.

وقالت أبو كرش لـ"العربي الجديد": "أنهيت الثانوية العامة، ولم أتمكن من إكمال دراستي لعدم قدرتي على سداد الأقساط الدراسية، الأمر الذي دفعني للالتحاق بجمعية "يد بيد"، وقد خضعت لدورة تدريبية متخصصة في التطريز اليدوي".

وعن عدد القطع المطرزة التي يتم إنجازها أسبوعياً، أوضحت أبو كرش أنها تنجز ما يقرب من أربع قطع متمثلة بحاملات النقود والميداليات، وأطواق الشعر، مشيرة إلى أنها تحصل لقاء كل قطعة على نحو دولارين، الأمر الذي يساعدها في الاعتماد على نفسها في توفير مصروفها الخاص.

ولم تكن حرفة التطريز اليدوي المهارة الوحيدة التي أجادتها أبو كرش من المشغولات اليدوية، لكنها تعلمت مهارة الرسم على السيراميك "الزجاج والفخار"، حينما التحقت بمشروع "إرادة" الذي نفذته الجامعة الإسلامية في قطاع غزة بدعم من دولة تركيا، فقد خضعت حينها لدورة تدريبية مدتها ستة أشهر، وبعد ذلك تم توقيع عقد سنوي حصلت من خلاله على مبلغ 400 دولار شهرياً، ما كان له بالغ الأثر على دعمها نفسياً واقتصادياً.

"على الرغم من جمال وروعة هذه المشغولات، إلا أنها تحتاج  إلى الكثير من الصبر والدقة في إنتاجها، مما ينعكس على أسعارها فتجد أنها غالية بعض الشيء"، بهذه الكلمات بدأت كفاح أبو بكر" (40عاماً) حديثها عن تجربتها في تعلم فن حياكة الصوف كأحد المشغولات اليدوية التي تلقى رواجاً بين صفوف المجتمع الغزي.

وقالت أبو بكر :" كنتُ أحلم بأن أتقن حياكة الصوف منذ صغري، والتحقتُ بجمعية لتعليم هذا الفن فور الإعلان عن دورة متخصصة بهذا المجال، لمدة ستة أشهر، وكانت هذه المدة كفيلة بأن أتقن هذه المهارة التي لطالما حلمتُ بها". 

مهارة غير مربحة 

وفيما يتعلق بقدرتها على الإنتاج، أوضحت أبو بكر، أنها تنتج قطعة من الملابس الصوفية كل ثلاثة أيام، وتحصل على نحو دولارين لقاء كل قطعة يتم تسليمها للمركز، لافتةً إلى أنه في حال قامت بصنع هذه القطع في منزلها بناءً على توصياتٍ خاصة، فتحصل على تسعة دولارات لقاء كل قطعة.

وتحاول أبو بكر جاهدةً، بيع القطع التي تنتجها سواء داخل المركز أو في بيتها، "غير أن الأوضاع الحالية التي يعانيها قطاع غزة، إضافة إلى الحصار، تنعكس سلباً على مدى الإقبال على شراء المشغولات اليدوية".

ولم يكن هدف الشابة ولاء البرادعي (20 عاماً)، من تعلم الأشغال اليدوية بعيد عن زميلاتها، فالحاجة إلى تحسين وضعها الاقتصادي دفعتها لتعلم التطريز والرسم على الأواني الفخارية والزجاجية، علاوةً عن حبها للأعمال اليدوية، الأمر الذي دفعها للالتحاق بجمعية وفرت بدورها كافة الإمكانيات اللازمة لتعليمها هذه المهارات ودعمها نفسياً واقتصادياً.

وتنتج البرادعي أسبوعياً أربع قطع من السيراميك والذي يعتبر أكثر غلاءً من المشغولات اليدوية الأخرى، وذلك لاستخدام مواد خام غالية نسبياً، إضافةً إلى حاجته إلى جهد ودقة عاليتين في العمل.

وفي لقاء أجرته "العربي الجديد" مع مدير جمعية "يد بيد" لتعلم الأشغال اليدوية، هند دهمان، أوضحت أن الجمعية أنشأت منذ العام 2010 وتضم ما يقارب 50 امرأة من النساء ذوات الاحتياجات الخاصة والنساء الكبيرات في السن، لافتةً إلى أنه يتم إخضاعهن لدورات تدريبية متخصصة في أي مجال من مجالات المشغولات اليدوية مثل التطريز، الصوف، الخياطة، الرسم على الزجاج والأواني الفخارية".

وتابعت "بعد اجتياز هذه الدورة تصبح كل منهنّ قادرة على أن تحترف المهارة اليدوية التي تخصصت بها، حيث تنتج عدداً معيناً من القطع يومياً وتحصل على مقابل مادي لقاء كل قطعة يتم تسليمها سواء بِيعت أم لا، ما له بالغ الأثر على دعمهن اقتصادياً وتحسين ظروفهن المعيشية. 

تراجع حركة البيع

وأشارت دهمان إلى أنّ الجمعية تسعى إلى بيع وتسويق المنتجات اليدوية عبر المعرض المركزي الخاص بالجمعية، علاوةً عن المشاركة في المعارض مثل "معرض المرأة المبدعة التابع لشركة الهيثم، ومعارض وزارة الشباب والرياضة، والمعارض التي تقام في الجامعة الإسلامية بغزة".

وفيما يتعلق بأسعار المنتوجات اليدوية أكدت دهمان :" أنّ أسعار هذه المشغولات مناسبة جداً بالنسبة للمواطنين والأجانب على حدٍ سواء، غير أنّ الاقبال على هذه المشغولات بات قليل جداً نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى تراجع المستوى السياحي بسبب الحصار المفروض على القطاع".

ولفتت دهمان إلى وجود شروط لقبول العاملات في الجمعية، لاسيّما ذوات الإعاقة، فالجمعية "لا تقبل سوى الإعاقة الحركية، وتحدد الفئة العمرية من (18)، فما فوق وتشمل كبيرات السن".

وفي السياق ذاته، أوضح مدير المبيعات في مركز (PLO) التجاري للمشغولات اليدوية، حسام أبو دية، بأنّ المركز أنشِئ منذ العام (1978)، ويعتبر المعرض الوحيد المعتمد من وزارة السياحة، ويتخصص ببيع المنتوجات اليدوية من المطرزات، والمنتوجات الفخارية والزجاجية، والميداليات، والحطات والكوفيات...".

وأشار أبو دية إلى وجود تراجع ملحوظ في المبيعات، وذلك نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع، الأمر الذي أثر سلبا على المركز.

وأكد أن تراجع المبيعات دفع إدارة المركز إلى الاستغناء عن نحو 70 في المائة من النساء العاملات، واقتصاره على ما يقارب 15 إلى 20 امرأة عاملة.