الحرب تعزز التأمين على الحياة في سورية

الحرب تعزز التأمين على الحياة في سورية

03 ديسمبر 2014
الحرب في سورية تجارة رابحة (وكالة الاناضول/getty)
+ الخط -
تؤكد آخر البيانات الحكومية السورية أن "المؤسسة العامة السورية للتأمين" لا تزال تستحوذ على أكثر من نصف السوق بحصة بلغت 56% (7.8 مليارات ليرة من أصل 13.9 ملياراً). وحافظت المؤسسة على هذه النسبة طيلة أعوام الثورة. فيما حافظت جميع الشركات على حصصها السوقية أيضاً، دون نمو أو توسع في الفروع والكوادر.
وتشير بيانات أخرى إلى تواضع حجم المساهمين في شركات التأمين، إذ يبلغ عددهم في سبع شركات نحو 2500 مساهم، منهم 1217 مساهماً في "شركة العقيلة للتأمين التكافلي" وحدها. في حين يوجد 21 مساهماً فقط في "شركة المشرق العربي"، و45 مساهماً في "الاتحاد التعاوني للتأمين". فيما نالت باقي شركات بين 200 و350 مساهماً فقط،. وللإشارة لا يتعدى العدد الإجمالي لأسهم القطاع 74 مليون سهم.

سوق متواضع 
ورغم تحقيق قطاع التأمين الخاص قفزات كبيرة في عامي 2009-2010 لكنه بقي متواضعاً. وتعزو الخبيرة الاقتصادية والمحاسبية منى ناصر، في حديثها لـ "العربي الجديد" ذلك إلى "احتكار الحكومة المطلق لقطاع التأمين. واستمرار هيمنتها حتى بعد فترة ما سمي بالإصلاحات. بالإضافة إلى ضعف سوق الائتمان والخبرة الاحترافية التي يحتاجها هذا القطاع. وأخيراً ضعف الشفافية والالتزام بالقوانين وانخفاض مستوى الثقة التجارية".
وقد عصفت الحرب المدمرة بالقطاع المالي. وتأثر سوق التأمين كثيراً، جراء جمود سوق السيارات، التي تراجعت أعدادها، وتوقفت القروض المصرفية الممنوحة لشرائها. ما أدى إلى تراجع التأمين على السيارات بشقيه الإلزامي والشامل. وتراجع كذلك التأمين الهندسي بسبب انحصار استثمارات شركات البناء.
وتشير الأرقام الصادرة عن "هيئة الإشراف على التأمين" إلى أن التأمين على الحياة وضد الحوادث العامة ارتفع في سورية خلال عامي 2012-2013. إذ شهد الأول نمواً بنحو 20 %، والثاني بنحو 43 %. وبلغت الخسائر الإجمالية حتى نهاية العام 2013 حوالي 45 مليون ليرة سورية، حسب نفس المصدر. ويمثل الرقم الأخير ما تمكنت الشركات من تقديره، ولم يشمل التقييم جميع الفروع في المحافظات، ويعود معظمه للعام 2012. هذا وتراجع مجموع أقساط التأمين خلال العام 2013 ليسجل 13.8 مليار ليرة، مقارنة مع 16 مليار ليرة في 2012، بنسبة انخفاض بلغت 13 %.
وبرغم الخسائر، بقيت شركات التأمين رابحة. وأظهرت النتائج الأولية للمدرجة منها في "سوق دمشق للأوراق المالية" أنها حققت إيرادات بلغت 3.054 مليارات ليرة، وأرباحاً بنحو 1.064 مليار ليرة سورية.
وتعتقد ناصر أن "الأرباح الظاهرة لدى شركات التأمين لا تعود في جزء منها، إلى النشاط التشغيلي، ولا تشير إلى تحسن أداء الشركات. بل تعود إلى إعادة تقييم الأصول. بحيث جرى رفع قيمتها في بعض الحالات، كما انعكس انخفاض سعر صرف الليرة السورية على القوائم المالية لبعض الشركات". وكمثال على ذلك "بلغت أرباح فروقات سعر الصرف 100 مليون ليرة في إحدى شركات تأمين، بالمقارنة مع 340 مليونا وهو إجمالي الإيرادات".
في المقابل، يتنصل بعض شركات التأمين من منح التعويضات بذرائع مختلفة، سواء للأفراد أو الشركات، وقد قامت مؤخراً بإلغاء "تأمين الشغب".
اشتكى أحد الصناعيين لـ "العربي الجديد" من تنصل شركات التأمين عن تعويضه، رغم أنه قضى سنوات طويلة في دفع أقساط تأمين تشمل حالات الشغب واستخدام الأسلحة. يقول الصناعي الذي رفض الكشف عن اسمه: "رفضت شركة التأمين دفع التعويض عن دمار منشآتي، بذريعة أن العقد الموقع لا يلزمها بدفع أي تعويض في حالات الحرب، وأن علي أن أضيفها في ملحق خاص بالعقد". ويضيف: "توجه العديد من الصناعيين نحو القضاء، وحتى الآن لم يحصل أي منهم على ليرة واحدة من شركات التأمين".
وتؤكد ناصر صحة ذلك بالإشارة إلى أن "شركات التأمين سددت تعويضات في العام 2011، أكبر مما سددته في عامي 2012 -2013. رغم أن المخاطر ارتفعت، ومن المنطقي أن ترتفع قيمة التعويضات". وتزيد ناصر بالاستناد إلى البيانات المالية لإحدى كبريات شركات التأمين "أنها لم تسدد في العام الماضي أي تعويض عن حوادث السفر، فيما سددت 19 ألف ليرة سورية فقط كتعويض عن الحوادث العامة، رغم ارتفاع حجم التأمين على الحوادث، وهو رقم متواضع جداً".
لا يقتصر الأمر على الصناعيين فقط، فالعديد من المؤمنين يشتكون من عدم تغطية تكاليف الأمراض التي يتعرضون لها.

دلالات

المساهمون