الحرب تحرق جيوب الليبيين: إجراءات تقشفية وإلغاء المساعدات

الحرب تحرق جيوب الليبيين: إجراءات تقشفية وإلغاء المساعدات خيارات مؤلمة لموازنة 2020

28 يناير 2020
الأزمات المعيشية تحاصر المواطنين (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

           

تواجه ليبيا مأزقا ماليا كبيرا في ظل تواصل نزيف خسائر النفط، المصدر الرئيسي للإيرادات في البلاد، وسط تواصل الاضطرابات والصراعات.

ويبدو أن الشعب الليبي سيدفع ثمنا إضافيا لاستمرار الحرب، إذ باتت الموازنة المالية لعام 2020 في أزمة بسبب تفاقم العجز المتوقع، ما قد يدفع إلى اتخاذ إجراءات تقشفية جديدة تفاقم من معيشة المواطنين ولا سيما الفقراء.

وانعكس تدهور القطاع النفطي على معيشة الليبيين، إذ أكدت وزارة المالية عبر بيان لها أن مصرف ليبيا المركزي بطرابلس لم يصرف حتى الآن أذونات صرف مرتبات العاملين في القطاع العام لشهر يناير/ كانون الثاني والبالغ عددهم 1.85 مليون موظف.
وتصرف ليبيا شهرياً 2.7 مليار دولار لتغطية الإنفاق العام من مرتبات ودعم المحروقات والدواء والخدمات العامة والعلاج المجاني بالمستشفيات، وتقدر موازنة 2020 بنحو 50 مليار دينار (35.7 مليار دولار).


وأكد محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، أن العجز في موازنة العام الجاري يناهز 17.5 مليار دينار كنتائج أولية، مطالبا بضرورة ترشيد الإنفاق إلى الحد الأدنى.

وأكد أستاذ الاقتصاد في جامعات ليبية عدة، علي سالم، لـ"العربي الجديد" أن جميع السيناريوهات مؤلمة بشأن موازنة 2020، موضحا أن جيب المواطن لا يحتمل المزيد في ظل الحرب المتواصلة والمعيشة المتدهورة. وأضاف أن الخيارات المطروحة حالياً هي ربط الأحزمة عبر تخفيض الإنفاق العام، والعودة إلى سياسات تقشفية جديدة وتكرار مشهد عام 2015.

وقال المحلل الاقتصادي، محسن الدريجة، لـ"العربي الجديد" إن هناك خيارات صعبة أمام موازنة 2020 بسبب الاستمرار في قفل الحقول النفطية، منها وقف منحة أرباب الأسر لهذا العام، إضافة إلى زيادة الرسوم على مبيعات النقد الأجنبي، مشيرا إلى زيادة الطلب على العملة الصعبة، خلال الفترة الأخيرة، بسبب خوف المواطنين من الحرب.

وتبلغ حصة كل فرد في منحة أرباب الأسر سنويا 500 دولار بالسعر الرسمي البالغ نحو 1.4 دينار لكل دولار، في حين يبلغ السعر في السوق السوداء أكثر من 4 دنانير.

وأضاف الدريجة أن إعادة إنتاج النفط إلى معدلاته السابقة ستحتاج إلى عمليات صيانة طويلة وأموال كثيرة، مستشهداً بأن إغلاقات سنة 2011 كلفت مليار دولار لإعادة الإنتاج من جديد.

ويأتي إغلاق حقول النفط وتدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وسط تصعيد عسكري من قوات شرق ليبيا التابعة للواء المتقاعد، خليفة حفتر، والتي تحركت أول من أمس، باتجاه مدينة مصراتة المتحالفة مع حكومة فائز السراج المعترف بها دوليا.

وتصر قوات شرق ليبيا على خرق اتفاق الهدنة الذي وقع في برلين، منذ أسبوع، بحضور الإمارات ومصر وروسيا، التي تدعم حفتر، وتركيا، التي تدعم الحكومة في طرابلس. وبدأ حفتر عملياته العسكرية للاستيلاء على العاصمة منذ أوائل إبريل/ نيسان من العام الماضي، وحقق مكاسب محدودة بمساعدة مرتزقة روس وأفارقة.

وتسبب إغلاق الحقول النفطية لمدة ستة أيام خسائر مالية تناهز 256 مليون دولار، وفاتورة الخسائر مستمرة، حسب المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، التي أكدت أول من أمس، أن إنتاج الخام في الأسبوع المنتهي في 24 يناير/ كانون الثاني تهاوى بأكثر من 900 ألف برميل يومياً، إلى 284 ألفا و153 برميلا يوميا من 1.2 مليون برميل في الأسبوع السابق.

ويؤكد المحلل المالي، أبو بكر الطور، لـ"العربي الجديد، أن إيقاف النفط يعني شل مناحي الحياة في ليبيا، وسيؤدي إلى نقص في كميات غاز الطهي وإمدادات الغاز للكهرباء بالإضافة إلى شح البنزين وتأخر الرواتب عن موعدها مع عجز كبير في الموازنة العامة. وأوضح أنه إذا طالت الفترة الزمنية، فإن الحكومة ستلجأ إلى موازنة تقشفية على حساب المواطن.

وفي نفس السياق، يقول مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية (مستقل)، أحمد أبو لسين، لـ"العربي الجديد" إن هناك ضغوطا كبيرة على الموازنة، وسعر صرف سيزيد في السوق السوداء مع استمرار قفل الحقول النفطية لفترات طويلة. وأضاف أنه في ظل عدم وجود قواعد مالية قوية، وسياسات نقدية سليمة، سيرتفع التضخم وتتآكل الاحتياطيات النقدية، ما يعني انخفاض قيمة العملة المحلية.

ولجأت ليبيا إلى إجراءات تقشفية عدة منذ عام 2015، بسبب تراجع احتياطي النقد الأجنبي. وتعتمد الدولة على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 95% من الخزانة العامة، فيما يتم تخصيص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام ودعم عدد من المنتجات.