الحرب التجارية تضرب نمو اقتصاد منطقة اليورو

31 يوليو 2018
دراغي المتشدد يتريث في تقييم الاتفاق مع ترامب(فرانس برس)
+ الخط -

تباطأ اقتصاد منطقة اليورو في الفصل الثاني من العام الجاري، متأثرا على ما يبدو بالمخاوف المرتبطة بالتوتر التجاري، حسبما كشفت أرقام نُشرت اليوم، الثلاثاء، واعتبر محللون أنها مخيبة للآمال.

وأعلن المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات)، أن نمو إجمالي الناتج الداخلي في الدول الـ19 التي اعتمدت العملة الواحدة تباطأ من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران، مع ارتفاع بنسبة 0.3% فقط، بعد 0.4% في الفصل السابق.

وهذا التباطؤ الذي لم يكن يتوقعه خبراء الاقتصاد يوحي بأن النشاط فتر بعد مرحلة من الانتعاش في نهاية 2017.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المحلل في المصرف الهولندي "إي.إن.جي"، بيرت كولين، قوله إن "القلق التجاري أثر على ما يبدو على اقتصاد منطقة اليورو في الفصل الثاني"، مضيفاً أن تأثير هذا التوتر على الصادرات كان ضعيفا نسبيا في الفصل الثاني، لكنه كان كبيرا على ثقة الشركات، كما المستهلكين، ما أدى إلى إضعاف الاستثمارات.



وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في الأول من يونيو/ حزيران رسوما جمركية على الفولاذ والألمنيوم الأوروبيين، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى فرض رسوم جمركية إضافية على سلسلة من المنتجات الأميركية رداً على ذلك.

وتوصّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، الأربعاء الفائت، إلى هدنة تجارية خلال لقاء في البيت الأبيض. لكن الاتفاق يثير تساؤلات كثيرة.

وغداة التوصل إلى الاتفاق، رأى رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، أن من السابق لأوانه تقييم هذه الهدنة، وأبقى على سياسة التشدّد النقدي التدريجي التي تقررت في يونيو. وهذا يعني أن الشعور السائد هو الحذر.

كما نقلت "فرانس برس" عن المحلل في مجموعة "ناتيكسيس"، دير شوماخر، قوله إن "الأرقام التي نشرها مكتب الإحصاء الأوروبي تتطابق تماما مع سيناريو البنك المركزي الأوروبي".


تسارع التضخم واستقرار البطالة


من جهة أخرى، أفادت تقديرات موقتة صادرة من "يوروستات"، بأن التضخم تسارع في يوليو/ تموز ليبلغ 2.1% مدفوعا بارتفاع أسعار الطاقة.




وهذه النسبة أعلى بقليل من تلك التي حددها البنك المركزي الأوروبي هدفا، وتجاوزت بشكل طفيف توقعات المحللين الذين كانوا يشيرون إلى 2%.

ويرى البنك المركزي أن تضخما أكبر بقليل من 2.0% على مدى عام يُعد مؤشرا إلى وضع جيد للاقتصاد.

وتسارع التضخم المرتبط بالمواد التي لا تشهد أسعارها تقلبات كبيرة (قطاع الطاقة والمنتجات الغذائية والمشروبات الكحولية والتبغ) في يوليو أيضا، وبلغ 1.1% مقابل 0.9% في يونيو.

ويرى المحللون أنه ليس هناك أي سببب يدفع البنك المركزي الأوروبي إلى تغيير الاستراتيجية التي أعلنها الخميس الماضي. وقال كولين إن الوضع "لن يدفع المركزي الأوروبي إلى زيادة معدلات فائدته قبل خريف 2019".

أما معدل البطالة فقد استقر في يونيو الماضي عند 8.3%، في أدنى مستوى له منذ ديسمبر/ كانون الأول 2008. وبحسب تقديرات "فاكتسيت"، كان المحللون يتوقعون هذه النسبة.

وتراجعت نسبة البطالة في منطقة اليورو تدريجا إلى أقل من العتبة الرمزية البالغة 10% في سبتمبر/ أيلول 2016. لكنها تبقى أعلى من المعدل قبل الأزمة المالية التي حدثت في 2007-2008، وكانت حينذاك 7.5%.


مؤشرات الأسهم

وفي أسواق المال، قفزت الأسهم الأوروبية اليوم الثلاثاء إلى مستوى مرتفع جديد في 6 أسابيع مدعومة بعلامات على انفراجة في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، بينما تلقت أسهم شركات مثل لوفتهانزا الألمانية وفيفندي الفرنسية دفعة من تحديثات قوية للأرباح.

وبعد بداية متباينة حصل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي والمؤشر داكس الألماني والمؤشر فايننشال تايمز البريطاني على دعم في تعاملات بعد الظهر من تقارير بأن واشنطن وبكين تسعيان إلى استئناف المحادثات لنزع فتيل حرب تجارية.


وجاءت أسهم شركات التعدين والموارد في مقدمة الرابحين مع صعود مؤشر القطاع 1.2%. لكن مؤشر شركات التكنولوجيا خالف اتجاه السوق مع تراجعه 0.4% في أعقاب انخفاضات الليلة الماضية لأسهم التكنولوجيا في الأسواق الأميركية والآسيوية.

وصعد سهم كريدي سويس 1.1% بعد أن ضاعف البنك السويسري أرباحه في الربع الثاني من العام لكن منافسه ستاندرد تشارترد هبط 1.3% بعد أن أصدر تحديثا لنتائجه للنصف الأول من العام.

وجاء سهم لوفتهانزا بين أكبر الرابحين مع صعوده 8.8% بعد أن أعلن عن إيرادات تشغيلية تفوق التقديرات للربع الثاني من العام.

وارتفع سهم مجموعة فيفندي الفرنسية للإعلام 4% بعد أن أعلنت عن نتائج قوية وقالت إنها تدرس بيع نصف وحدتها يونيفرسال ميوزيك.

وجاء سهم ليوناردو الإيطالية لمعدات الطيران والدفاع في مقدمة الرابحين بين الأسهم المدرجة في المؤشر ستوكس مع تسجيله قفزة بلغت 10.6% بعد أن رفعت الشركة توقعاتها للإيرادات والتدفق النقدي الحر للعام 2018، قائلة إن وحدتها لطائرات الهليكوبتر تتعافى. وساعد ذلك المؤشر الرئيسي للأسهم الإيطالية على الصعود 1.3%.


البورصة الأميركية

وعلى الضفة الأخرى من الأطلسي، فتحت الأسهم الأميركية على ارتفاع، اليوم الثلاثاء، مع انتعاش قطاع التكنولوجيا بعد بيع واسع النطاق في الجلسة السابقة وبفعل تقرير يفيد بأن الولايات المتحدة والصين تسعيان لاستئناف المحادثات التجارية.

وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 38.38 نقطة، بما يعادل 0.15%، ليفتح عند 25345.21 نقطة، وزاد المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 7.13 نقطة أو 0.25% مسجلا 2809.73 نقاط، وصعد المؤشر ناسداك المجمع 24.59 نقطة أو 0.32% إلى 7654.59 نقطة.

هبوط الإسترليني

وفي سوق العملة، نزل الجنيه الاسترليني عن مستوى 1.31 دولار أثناء التعاملات اليوم الثلاثاء مع تعافي العملة الأميركية وبينما يستعد المستثمرون لاجتماع لجنة السياسة النقدية لبنك إنكلترا المركزي هذا الأسبوع والذي تعتقد السوق الآن إنه توجد فرصة بنسبة 90 تقريبا لزيادة قدرها 25 نقطة أساس في أسعار الفائدة البريطانية.

وفي الجلسات القليلة الماضية، استرد الإسترليني بعض عافيته مع تحركه مبتعدا عن أدنى مستوى في 10 أشهر الذي لامسه في وقت سابق هذا الشهر بفعل تنامي القلق من أن بريطانيا تتجه إلى خروج غير سلس من الاتحاد الأوروبي.

وهبط الاسترليني 0.2% إلى 1.3089 دولار، قبل أن يتعافى قليلا إلى 1.3111 دولار بحلول الساعة 15:30 بتوقيت غرينتش. وأمام العملة الأوروبية تراجع الاسترليني 0.12% إلى 89.22 بنس لليورو.

وتشير أحدث البيانات الاقتصادية في بريطانيا إلى اقتصاد يتعافى من تباطؤ في الربع الأول لكنه ما زال يواجه صعوبات مع نمو أبطأ من المتوقع في الأجور بالنظر إلى مستويات منخفضة للبطالة وضغوط تضخمية محدودة.

المساهمون