الحاكم والمال السياسي

الحاكم والمال السياسي

21 ديسمبر 2014
+ الخط -
لا تزال القراءة مستمرة في دستور المستبدين وبنوده التي يعرضها كتاب (الفساد سبيلا للاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها.. دليل الاستبداد والمستبدين) لبروس بيونو دو مسقيتا، وألستير سميث، ترجمة الدكتورة فاطمة نصر.
يشير الكتاب إلى أن الحاكم المستبد يحتاج إلى المال كثيراً لضمان شراء الولاءات واستقرار حكمه، ويكون هذا لصالح دائرة ضيِّقَة من أصحاب المصالح والمستفيدين، ولا تتسع الدائرة لتشمل عموم الشعب. لذا، لم يكُن غريباً أن نطالع تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يفيد بأنّ سكرتارية وزير التعليم المصري تنفق 1140 جنيهاً بدل وجبات يوميّاً، ويبدو هذا متماشيّاً مع المبدأ الاستبدادي القائل: (اسرق الفقراء وأعطِ الأغنياء) والذي نجده عنواناً لأحد فصول هذا الكتاب.
وحول حاجة الحاكم وائتلافه للمال، أقرأ لكم بعض الموادّ في دستور الاستبداد والمستبدين، والتي نراها واقعاً في معظم بلادنا العربيّة، ومنها:

•يحتاج الحاكم إلى المال لدعم ائتلافه، والإبقاء على ولائه له؛ لذا يلجأ إلى فرض ضرائب باهظة ومتنوعة على الشعب [الضرائب في مصر متعددّة الأشكال والألوان، ولم يبقَ إلا أن يفرضوا ضريبة على استهلاك الأكسجين للتنفّس].

•كثير من قادة الاستبداد لا يرون أن الفساد يجب أن يُجْتَثّ، بل الأحرى، يصبح الفساد آلة سياسية ضرورية، وهم يغضّون الطرف عنه بأسلوب مضمر، وبشكل معلن أحياناً؛ فيجيزون انتزاع الرِّشى من المواطنين. [وزير التخطيط المصري يسمحُ بقبول الهدايا (الرِّشى) التي لا تتجاوز 300 جنيه مصرية].

•من غير الحكمة أن تكون ثريّاً في البلاد الاستبدادية؛ إلا إذا كانت الحكومة هي التي جعلتكَ ثريّاً .[السياسات الاحتكارية في الأسواق كانت تتم برعاية الحكومة المصرية، حديد عزّ نموذجاً].

•في أميركا، لا يدفع زوجان لديهما طفل واحد "ضرائب دخل"، إذا كان دخلهما 32.400 دولاراً سنويّاً، وإذا كان دخلهما 20 ألف دولار؛ فإنهما يستحقان أن تدفعَ لهما الحكومة الفيدراالية ألف دولار شهريّا من أجل مساعدتهما في الإنفاق على طفلهما. أمّا في بلادنا العريقة في الديمقراطية، فإن حكوماتنا تُحصِّل الضرائب حتى من بائعة الفجل والجرجير التي لا يزيد ثمن ما تملك عن جنيهات قليلة!

•(لعنة الموارد): الأداء في البلدان ذات الموارد الكثيرة، سهلة الاستخراج، كالبترول والغاز،..إلخ، أقل بكثير من نظيره في البلاد المحرومة من تلك الموارد؛ وهذا يدعوني إلى القول: غالباً ما تكون النِّعْمَة مُتْلِفَة! [نيجيريا من أفقر بلاد العالم مع ضخامة ثروتها النفطية، ومصر مليئة بالثروات؛ فهي تُطل على بحرين: الأبيض المتوسط، والأحمر، وفيها النِّيل، والصحراء والهواء والشمس المشرقة، وثلث آثار العالم، فضلاً عن الثروة البشرية، ولكنها لا تزال تعتمد على المعونات].

•تتمتّع سياسة الإعفاء من الديون بقبول شعبي، إلا أنها تكون مضلّلَة غالبًا. (التسهيلات الضريبية والإعفاءات لا تكون إلا لكبار رجال الأعمال المتَّهَمين بالفساد، أمثال: ساويرس، وحسين سالم ومحمد الأمين).

•عبء الديون يتحمّله فقراء البلاد الذين لم يفيدوا على أي نحو من الأموال المُقتَرَضَة.

•القائد وائتلافه هم من يفيدون من الديون؛ فيما يتحمّل الجميع التزاماتها.

•جباية الضرائب، واستخراج الموارد، والاقتراض هي الوسائل المفضَّلَة للحصول على الأموال من أجل إثراء التحالفات في مختلف الأنظمة.

•تعزيز الازدهار هو أفضل وسيلة لتعزيز المسارات الديمقراطية، وليس العكس.

•يواجه المستبدون خطر إطاحتهم عن طريق منافسيهم، أو عن طريق الثورات، حين يصبح اقتصاد بلادهم على درجة من الوهَن، بصورة لا توفِّر لهم الأموال لشراء الولاء السياسي. هنيئاً للرئيس القادم!

avata
avata
أحمد محمد الدماطي (مصر)
أحمد محمد الدماطي (مصر)