الجيش الأميركي يتعلم من إسرائيل "عِبَر حرب الأنفاق"

20 يناير 2015
جنود للاحتلال (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكتفِ قيادة الجيش الأميركي بإرسال بعثات عسكرية إلى إسرائيل لاستيعاب دروس العدوان الأخير على غزة، بل أن هيئة أركان الجيش الأميركية استضافت قيادات في جيش الاحتلال لنقل الخبرات التي اكتسبتها من الحرب إلى الهيئات القيادية في الجيش الأميركي، بالإضافة إلى رهان القيادة العسكرية الأميركية على أن يجيب القادة العسكريون الإسرائيليون على عدد كبير من الأسئلة، التي قد تساعدهم على تحسين قدرات الجيش الأميركي للاستعداد لحروبه المستقبلية.

وذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الأربعاء الماضي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أرسل خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي بعثتين، إحداهما مكونة من تسعة ضباط برتبة عقيد، من بينهم امرأة. وهدفت الزيارة إلى نقل العبر ذات الطابع التكتيكي للجيش الأميركي، فيما هدفت البعثة الثانية التي تضم ضباطاً أعلى رتبة إلى نقل العبر ذات الطابع الإستراتيجي، وقادها رئيس شعبة العمليات في جيش الاحتلال، الجنرال يوآف هار أيفن.

وجرت الزيارة الأولى في قاعدة "بورت بينغ" التابعة لجيش المشاة الأميركي في ولاية جورجيا، حيث ألقى الضباط الإسرائيليون محاضراتهم الهادفة لنقل الخبرات التكتيكية لنظرائهم الأميركيين. وحسب ما نشرته الصحيفة، فإن جل اهتمام الأميركيين انصب على "عِبَر حرب الأنفاق" التي خاضتها إسرائيل خلال الحرب.

فيما تم تنظيم المحاضرات التي عنت بنقل الخبرات الإستراتيجية في قاعدة سلاح الجو الأميركي في ولاية فلوريدا، حيث حرص قادة وكبار الضباط في قيادة المنطقة المركزية وقيادة العمليات الخاصة في الجيش الأميركي، المعروفة بـ"سوكوم"، على حضور هذه المحاضرات وطرح الأسئلة على الفريق الإسرائيلي بقيادة الجنرال هار أيفن. وأكّدت "هآرتس" أنه على الرغم من الحلف الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعلى الرغم من الدعم العسكري والسياسي اللامحدود الذي قدّمته الإدارة لأميركية لتل أبيب خلال الحرب، غير أن القادة العسكريين الإسرائيليين لم يكشفوا عن كل الأسرار للأميركيين ولم يطلعوهم على كل العبر، التي استخلصوها من الحرب.
ويلفت المعلق العسكري أمير أورن إلى أن قاعدة "بورت بينغ" تحديداً ظلت لعقود المكان الذي يأتي إليه كبار ضباط الجيش الإسرائيلي لتلقي الدروس والخبرات من الأميركيين. ويؤكد أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الثاني موشيه ديان حضر في صيف 1954 أول دورة تدريبية تلقاها الضباط الإسرائيليون، إذ تلقى هؤلاء الضباط، وجميعهم من لواء المظليين، دروساً متقدمة في فنون الهبوط بالمظلات من الطائرات.
وينقل أورن عن ديان قوله إن هذه الدورة جعلته يرفع شعار: "الجرأة ورباطة الجأش"، كمتطلب لبناء الجندية الإسرائيلية. وذكرت صحيفة "ميكور ريشون" أخيراً أن هيئة أركان الجيوش الأميركية ووزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" قد أرسلتا بعد مرر أسبوع على انتهاء الحرب لإسرائيل طاقماً من كبار القادة العسكريين الأميركيين بقيادة رئيس قسم التخطيط في الجيش، الجنرال توماس فولدهوزر، الذي سبق له أن قاد قوات "المارينز"، للاطلاع على عبر الحرب. وحسب الصحيفة، فإن "الانطباعات الإيجابية" التي عاد بها هؤلاء القادة لواشنطن جعلت هيئة الأركان الأميركية تكيل المديح والإعجاب لـ"الإنجازات" التي حققتها إسرائيل في العدوان. 

وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة "معاريف"أخيراً أن القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب تراهنان على أن يسفر لجوء قيادة الجيش الأميركي لخدمات كبار الضباط في إسرائيل عن توثيق العلاقات بين قيادتي الجيشين، مما يعزز مكانة إسرائيل لدى واشنطن. ومما يزيد من حجم الرهانات الإسرائيلية حقيقة أنّ أكثر المرشحين حظاً لخلافة رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، الذي يتقاعد في الصيف المقبل هو قائد قيادة الوحدات الخاصة في الجيش، الجنرال جون فوتول. وهذا الأخير لديه علاقة وثيقة بقادة الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال.
ويذكر أن لجان تحقيق شكلتها لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ولجان شكلها الجيش نفسه دللت على وجود الكثير من مظاهر "القصور" في الحرب، علاوة على أن انتقادات قد وُجّهت للقيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية بسبب تواضع الانجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل في الحرب. وقد أشار عضو الكنيست عن حزب "العمل" الجنرال نحمان شاي، الذي كان ناطقاً باسم جيش الاحتلال في أواسط تسعينيات القرن الماضي، إلى أن قوة النيران التي استخدمها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على غزة لم يستخدم أكثر منها إلا في حرب 1973، معتبراً أن هذا المعطى يدلل على تواضع الانجازات الإسرائيلية.