الجزائر وفرص حل الأزمة الليبية: معسكران لا مشترك بينهما

الجزائر وفرص حل الأزمة الليبية: معسكران لا مشترك بينهما

29 سبتمبر 2014
الجزائر ترفض الحل العسكري للأزمة (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
تحاول الجزائر من خلال دبلوماسيتها جمع الأطراف الليبية المتصارعة حول حوارٍ يهدف إلى وقف الاقتتال الداخلي والخروج بمعادلة سياسية جديدة في ليبيا، قائمة على أساس أمني استراتيجي، يمنع تدفق الجماعات الإسلامية المتشددة من بلدان أخرى إلى ليبيا، ويفضي إلى اتفاق حول قواعد تداول السلطة.

وترفض الدبلوماسية الجزائرية الحلّ العسكري كجزء من استراتيجية إخضاع جميع الأطراف لأنصاف حلول مؤقتة، وهي رؤية يدعمها التحالف المصري الإماراتي، وذلك بتوجيه ضربات جوية قام بها بحسب ما أكدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وتنطلق الرؤية الجزائرية من أنه لا يمكن النظر إلى طرف ليبي على أنه حائز للشرعية والمشروعية بشكل كامل، والآخر يفتقدها، وجاءت دعوات الجزائر للمشاركين في الحوار على هذا الأساس المنطلق من أن الجميع جزء من الأزمة، وجزء من الحل.

ويأتي ذلك بعكس الشروط التي وضعتها دول أخرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، والبعثة الأممية الخاصة بليبيا، إذ إن سقفها العام يعتبر أن مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق وحكومة عبد الله الثني هما الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي، استناداً إلى انتخابات 25 يونيو/حزيران الماضي، واعتبار "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق) وحكومة الانقاذ الوطنية برئاسة، عمر الحاسي منقوصتي الشرعية أو منعدمة حتى.

وترى الجزائر، حسب مراقبين، أن هذه الشروط المتشددة قد تفضي إلى عرقلة الحوار والتوصل إلى حل سياسي، كون مجلس النواب بطبرق اعتبر قوات ما يُعرف بـ"فجر ليبيا" بطرابلس، و"مجلس شورى ثوار بنغازي" منظمتين إرهابيتين، وهو ما يحول دون إمكانية التفاهم بين طرفين أحدهما يكفّر الآخر سياسياً.

ويعتقد السياسيون الجزائريون أيضاً، أن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على هامش أعمال المداولات العامة للجمعية العامة في نيويورك، الدول المعنية بليبيا إلى دعم مبادرة مبعوثه الخاص برناردينو ليون، انطلاقاً من أن لا مكان للإرهابيين على طاولة المحادثات، لا تقدّم فرصاً جادة لإنجاح مبادرة المبعوث الأممي.

ويتساءل المتشائمون من فرص نجاح الحوار: وفقَ أي مفهوم وتعريف يمكن إقصاء الإرهابيين من الحوار، كون برلمان طبرق يعتبر كل المناوئين له من الإرهابيين، ووجّه دعوات في أكثر من مناسبة إلى ضرورة التدخل الدولي العسكري لمواجهة ما يعتبرهم هو إرهابيين؟

في السياق، يواجه ممثلو مناوئي برلمان طبرق مشكلة على صعيد توحيد الخطاب السياسي والاتفاق على قيادة موحدة، تؤسس قواعد متفقاً عليها للحوارات والمفاوضات التي ترعاها الدول والمنظمات الدولية، فهناك قيادات عسكرية في "فجر ليبيا" و"مجلس شورى ثوار بنغازي" ترى في نفسها الصلاحية والإمكانات لخوض غمار مفاوضات معقدة، بجانب السياسيين المؤيدين لهم، وهو بحسب مراقبين، ما قد يوقع "فجر ليبيا" و"مجلس شورى ثوار بنغازي" في فخ الشرذمة والانقسام.

وتطالب أصوات أخرى بأن يكون نوري أبو سهمين ممثلاً للتيار الرافض لمنطق الانقلابات العسكرية و"عملية الكرامة" التي يتزعمها اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، بالشرق الليبي وأنصاره، باعتباره لا ينتمي لأحد الأحزاب السياسية الكبرى، مما يخفف من حدة التجاذب بينها في عملية التفاوض، كما أنه ينتمي لمكون الأمازيغ الليبي، والذي يشكل أقلية بين غالبية سكان من أصول عربية، وهو أيضاً ما يُبعد بشكل كبير، بحسب مراقبين، شبح الانقسامات الجهوية، إضافة إلى قيادته للعملية السياسية إبان اندلاع الحرب بين مؤيدي "فجر ليبيا"، ومؤيدي حفتر، وزيارته لعدة دول عربية وأفريقية واستقباله فيها بشكل رسمي من رؤسائها.

من جهة أخرى، لم تتفق بعد الأطراف السياسية والعسكرية الرافضة لانعقاد مجلس النواب بطبرق على سقف أو مستويات التفاوض مع مجلس النواب، وممثلي اللواء حفتر، وأبرز قيادات نظام العقيد الراحل، معمر القذافي.

وينادي المستوى الأول من هؤلاء، بإجراء إصلاحات داخلية عاجلة في مجلس النواب المنعقد بطبرق، تتمثل في إجراء تسلم وتسليم صحيحين بينه وبين "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق) وفق الإعلان الدستوري، واعتبار قراراته الداعية إلى التدخل الأجنبي وتلك التي صنفت قوات "فجر ليبيا" منظمة إرهابية، أو القرارات الحساسة ذات الطبيعة السيادية، كالتعيينات في مناصب سيادية عليا، كلها منعدمة ولا ترتب أية آثار قانونية بعد إصدارها.

بينما ينادي آخرون بضرورة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة وفق قانون انتخابات جديد، على أن يقود "المؤتمر الوطني العام" تلك المرحلة، كشرط أساسي للدخول في مفاوضات مباشرة مع من يسمونهم أطراف الثورة المضادة.

من خلال تحليلات سياسية عربية وغربية، يبدو أن الأطراف السياسية والعسكرية المؤيدة لعملية "فجر ليبيا" ستدخل حوار الجزائر وحوارات أخرى، ولكن مع استمرار العمليات العسكرية لكسر عظم ما يعتقد مؤيدو "فجر ليبيا" أنهم أنصار لـ"الثورة المضادة".

المساهمون