التصوير جريمة في مصر... عن عمر عبد المقصود

08 فبراير 2016
عمر عبدالمقصود (فيسبوك)
+ الخط -
"ممنوع الاقتراب والتصوير" شعار تؤمن به الأنظمة القمعية، ومن ثم تجد في حمل كاميرا جريمة تستحق العقاب بتلفيق تهم معلبة. وقد صار إلقاء القبض على مصور صحافي أثناء عمله خبراً مألوفاً، إذ يتم إخفاؤه قسرياً لحين إيجاد تهمة يحتجز في إطارها. حدث ذلك مع كثيرين ممن يحملون كاميرا تفضح الواقع وتعريه؛ من إسراء الطويل وإسلام جمعة وعبدالرحمن عرفة ياقوت، ولا يزال يحدث مع غيرهم.

"أعتقد أني نسيتُ كيف تُمسَك الكاميرا، هل سأعود لضبط الـ iso والـ focus، ثم أحدد ما أرغب في جعله out of focus أو flow، وما أرغب في التركيز عليه، هل سأذكر مكان زر الالتقاط ذي الضغطتين؟ أذكر تمامًا كيف كنت أتنقل بين عدسة وأخرى، لكن تخونني ذاكرتي في تذكر أرقامها وأنواعها ومتى تستخدم. في أيامي الأخيرة كانت تلازمني أينما ذهبت، كان ارتباطي بها عاديًا حتى فقدت أقربها إلى قلبي، إثر قضيتي الأولى، وأصبَحَتْ حِرزاً، فأدركت بعدها أهميتها، فصارت الجديدة تلازمني أينما ذهبت، أحن إلى صوت الـShutter: "تششك".. أحن إلى كاميرتي". هذا جزء من رسالة المصور الصحافي عمر علي عبد المقصود، الذي اعتقل 14 أبريل/نيسان 2014، أثناء تغطيته حفل "سبوع" الطفلة "حرية" التي أنجبتها والدتها "دهب" بعد القبض عليها بشكل عشوائي أثناء مرورها بجوار تظاهرة، حيث وضعت طفلتها وهي مكبلة بالقيود الحديدية في المستشفى. والقضايا والأحكام التي لُفّقت لعمر تنوعت بين التظاهر (حكم بسنتين) وحرق سيارات شرطة (حكم بالمؤبد)!

ولم يكتف النظام باعتقال عمر، بل ألقى القبض على شقيقيه أنس وإبراهيم، وأخيراً على والده أيضاً. يتحدث عمر عن ذلك قائلاً: "لا أعرف لِمَ كان السجن عقابا لنصف عائلة. وليس أي نصف؛ نصفٌ هو كل السند وكل القوة وكل الحماية، وكل البراءة، أصبح البيت بعدهم خاويا من الاطمئنان والأمان".

مجموعة رسائل عمر عبد المقصود تكشف ما يشعر به النظام من خطر الصورة، غير أن قدرة عمر على التعبير نقلت صورة أكثر قتامة من داخل المعتقلات، حين يقول عن إقامته في قسم السنبلاوين: "تم تقييد يديّ بقيد حديدي بشكل خلفي وتعصيب عينيّ بقطعة قماش سوداء لمدة 3 أيام متواصلة من التحقيق مع التقييد بحلقة مثبتة في أرضية الغرفة (الثلاجة)، وهي غرفة موجودة في جميع أقسام الشرطة في مصر تكون في مكان مخفي عن الأنظار تمامًا يودع فيها المتهم لعدة أيام مكبلًا ومغمّى لأغراض التعذيب والتحقيق. ثم فك القيد وقيدنا بحلقات حديدية مثبتة في أرضية الغرفة. بعد دقائق، انتزعت وإبراهيم وأنس ومنعم العصابات من على أعيننا، وكأن ما رأيناه غرفة حمام، مثبتين في الأرض بقيود حديدية (كلابشات) من دون حراك، وهذا كان وضعنا لثمانية أيام، فقط تفك القيود مرتين يوميًا، للأكل والحمام". لكن أخطر لقطاته التي صورها بكلامه بعد أن فقد كاميرته تلك التي يقول فيها: "إن لم تمت فأنت على ما يرام"!
"مَن أنا؟ شوكان "محمود أبو زيد". مصور صحافي حر. أعاقب بالسجن لأنني رغبت أن أقوم بعملي التوثيقي. ولأني مصور حر؛ فلا أحد سمع بما يحدث وحدث لي. وها هي ضريبة أنني أعمل كمصور، أدفع ثمنها من عمري.. لكني واثق من الفرج ومتفائل بالمستقبل".

يظل شوكان معتقلا بالرغم من أنه لا ينتمي لأي فصيل سياسي، غير أنه كان شاهد عيان على عدد من الأحداث التي لم تلتقطها عدسته، حين يقول: "كانت عربة الترحيلات التي قتل فيها 37 شخصا خلفنا مباشرة، وكنت أجلس في حالة ما بين الإغماء واليقظة، أسمع لنداءات استغاثة من خلفي، فقد كان ترتيبي في الركوب في آخر العربة".


اقرأ أيضاً: عام على مذبحة الدفاع الجوي: "#صرخة_العشرين... احنا مكمّلين"
المساهمون