وفي تقرير أعده مراسلها في واشنطن أمير تيفون، أشارت الصحيفة إلى أنّ مجموعات التيار الإنجيلي، سيما الشباب، باتوا يتبنون توجهات ديمقراطية، قد تقود إلى تحول في مواقفهم من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة أنّ التداعيات الاقتصادية لانتشار وباء كورونا، والمظاهرات الرافضة للعنصرية، قلّصتا من اهتمام التيار الإنجيلي، الذي يمثل قاعدة الدعم الرئيسة للرئيس دونالد ترامب، بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقضية الضم.
وأشارت إلى أن مشاركة المئات من الشباب الإنجيلي في الاحتجاجات ضد مظاهر العنصرية في الولايات المتحدة، ورفعهم يافطات تحمل شعارات منددة بسياسات ترامب وسلوكه، تعكس أنماط التحول التي طرأت على توجهات قطاع، وإن كان محدوداً، من هذه المجموعة المعروفة بمواقفها اليمينية المتطرفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن مشاركة الإنجيليين في المظاهرات الاحتجاجية ضد العنصرية، قد أثارت القلق في البيت الأبيض، لأنهم يمثلون قاعدة التأييد المهمة لترامب، مما يعني أنه في حال تراجع دعم التيار الإنجيلي للرئيس، ولو قليلا، فإن هذا سيقلص من فرصه بالفوز بولاية رئاسية ثانية.
وأوضحت الصحيفة أن الشباب الإنجيلي، وبخلاف عناصر التيار من كبار السن، باتوا يظهرون ميلاً لنقد سياسات ترامب وتوجهاته، سيما على الصعيد الداخلي، بحيث إنهم يتبنون مواقف تتقاطع مع الحزب الديمقراطي في الكثير من المواقف.
وذكرت الصحيفة أن الإنجيليين يمثلون 25% من المصوّتين الأميركيين؛ 80% منهم صوتوا في انتخابات 2016 لصالح ترامب.
ونقلت "هآرتس" عن البرفسور دريل بوك، وهو إنجيلي يعمل باحثاً في مجال الجماعات الإنجيلية، قوله إنّ التحولات التي طرأت على توجهات فئة الشباب من التيار الإنجيلي "تمثل تهديداً لترامب"، مبرزاً أنّ الرئيس يعي أنه ليس بوسعه أن يخسر أي قطاع داخل هذا التيار.
وأضاف بوك أن تصويت 65-70% من الإنجيليين لصالح ترامب في الانتخابات المرتقبة، في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، "لن يكون كافياً لضمان تحقيقه الفوز"، مشيراً إلى أن ترامب مطالب بضمان الحصول على 80% من أصوات هذا التيار على الأقل.
وأكد الباحث الأميركي أنّ ترامب كان يراهن على إسهام دعمه لقيام إسرائيل بضم مناطق في الضفة إليها، في رفع مستوى تأييد الإنجيليين له، على اعتبار أنّ هذا التيار معروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل، مشيرة إلى أن التطورات التي شهدتها الولايات المتحدة أخيراً، مسّت بهذا الرهان.
ولفتت إلى أن التحولات الأخيرة في الولايات المتحدة جلعت الجمهور الإنجيلي معنياً بالتركيز على القضايا الداخلية أكثر من قضايا السياسة الخارجية، مثل الضم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، قوله إنّ الدعوات التي أطلقها عدد من قادة المستوطنين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للطلب من قادة المنظمات الإنجيلية الضغط على ترامب لكي يلغي الربط بين دعم واشنطن للضم، بموافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطينية، "غير واقعية".
وأضاف المسؤول أنه من غير الواقعي توقع أن تضغط المنظمات الإنجيلية على الرئيس تحديداً في هذه الظروف، مشيراً إلى أنه حتى منظمة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل" التي تعد أكبر المنظمات الإنجيلية وأكثرها تحمساً لدعم المواقف الإسرائيلية، أيّدت "صفقة القرن" التي تنص على تدشين دولة فلسطينية.
وفي مقابلة مع "هآرتس"، قال القس الإنجيلي جوئيل روزنبيرغ الذي يقيم في القدس المحتلة، إنّ "الرهان على دور ضم مناطق في الضفة الغربية في تعزيز شعبية ترامب لدى الإنجيليين غير واقعي، على اعتبار أنّ الأغلبية الساحقة منهم تهتم حالياً بالأوضاع الداخلية، سيما انتشار وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية والاحتجاجات ضد مظاهر العنصرية".
وأضاف أنّ "السياسات التي تبناها ترامب إزاء إسرائيل وقوبلت بارتياح لدى الإنجيليين تمثلت في قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتبني سياسة متشددة إزاء إيران"، مؤكداً أنّ "ضم مناطق في الضفة الغربية لإسرائيل لن يؤثر على توجهات الإنجيليين".
وبحسب الصحيفة، فإنّ نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد "بيو"، أخيراً، تدل على أن هناك ما يوجب على ترامب الشعور بالقلق، حيث إنه على الرغم من أنّ الإنجيليين منحوا تقديراً كبيراً لأداء ترامب أثناء أزمة كورونا، إلا أنّ نسبة قليلة من هذا الجمهور عبرت عن عدم رضاها عن أدائه في المقابل.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الاستطلاع الذي أجري، في إبريل/ نيسان الماضي، أظهر أنّ 75% من الإنجيليين مرتاحون لأداء ترامب، مقابل 81% في الاستطلاع الذي أجري في مارس/ آذار الماضي.
وذكرت الصحيفة أنه، في نهاية الشهر الجاري، سيلتئم المؤتمر السنوي لمنظمة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، حيث سيعقد المؤتمر قبيل الموعد المحدد لإعلان إسرائيل ضم مناطق في الضفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ هناك جماعات إنجيلية تتبنى مواقف يسارية تختلف عن مواقف المنظمات الكبيرة التي تمثل التيار الإنجيلي.
وفي مقابلة مع الصحيفة، قالت ماي كنون التي تقف على رأس منظمة "كنائس من أجل السلاح في الشرق الأوسط"، إنّ "الإنجيليين مطالبون بالاعتراض على ضم مناطق في الضفة الغربية لإسرائيل على اعتبار أن هذه الخطة تمس بالفلسطينيين وتمثل تهديداً لإسرائيل".