التحالف ضد "داعش": عنوان جديد للانقسام في لبنان

التحالف ضد "داعش": عنوان جديد للانقسام في لبنان

23 سبتمبر 2014
باسيل خلال مشاركته في مؤتمر باريس (فرانس برس)
+ الخط -

تحرك المجتمع الدولي لـ"مواجهة الإرهاب" مجدداً. وقررت الولايات المتحدة الأميركية قيادة تحالف دولي جديد لضرب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). في الوقت نفسه دق "داعش" أبواب لبنان، وبات عناصر الجيش اللبناني في يد التنظيم، بعضهم قتلى وآخرون أسرى. واستطاع "داعش" التأثير في تفاصيل السياسة الداخلية اللبنانيّة عبر اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي، وتقديم نفسه كمدافع عن حقوق "الطائفة السنية".

يختلف اليوم الفرقاء السياسيون في لبنان بشأن المشاركة في التحالف الدولي الجديد، رغم أن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، وقع على انضمام لبنان إلى هذا التحالف في مؤتمر جدة.

8 آذار: سيادة الأنظمة (سورية) أولاً

يرفع سياسيّو فريق الثامن من آذار كلمة "السيادة" سريعاً عند سؤالهم عن التحالف الدولي. تلحقها فوراً كلمة "النظام في سورية"، يقدم هؤلاء النظام السوري كالمحارب الأول للإرهاب في الشرق الأوسط، ويقدمون ما يرونه دلائل وإثباتات لنظريتهم هذه.
يرى عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب، نبيل نقولا، (كتلة النائب ميشال عون) أن "احترام سيادة الدول المتضررة من داعش يجب أن يكون أولوية في عمل التحالف". يطلب نقولا "إدراج أعمال التحالف تحت الفصل السابع في مجلس الأمن، حتى لا يصبح التحالف وسيلة لتحقيق الولايات المتحدة لمصالحها في العراق فقط". يرفض النائب العوني استخدام الأراضي أو المياه أو الأجواء اللبنانية في استهداف "داعش" من دون التنسيق مع الدول ذات السيادة (في هذه الحالة سورية)" ويخشى نقولا من استخدام التحالف في "تحريك داعش بين البلدان بحسب مصالح الولايات المتحدة الأميركية".

لا يختلف عضو المكتب السياسي في الحزب القومي السوري الاجتماعي النائب، مروان فارس، مع هذه الوجهة. يصف فارس استثناء سورية وإيران من التحالف الدولي بـ"الإرهاب"، ويرى أن "الولايات المتحدة استفاقت على خطر داعش، بينما يدخل الجيش السوري عامه الثالث في الحرب ضد الإرهاب". ينفي كلا النائبين وجود "المعارضة السورية"، وينحصر الميدان السوري في نظرهما على "النظام وداعش".

يرفض النائب القومي "استخدام المياه أو الأجواء الإقليمية اللبناية لأنه يشكل رضوخاً للإرادة الاميركية". أما حماية لبنان من خطر الإرهاب، "فباستطاعة من حرر الجنوب وحمانا من الاعتداءات الإسرائيلية أن يواجهه". يقصد فارس في حديثه حزب الله الغائب عن ميدان التصريحات الإعلامية.

14 آذار: القرار لدى الحكومة مجتمعة

تقف قوى الرابع عشر من آذار على الضفة الأخرى من مستنقع الانقسام اللبناني، ويظهر الارتباك واضحاً في خطابها. تطالب هذه القوى حزب الله بالانسحاب من سورية، وتشاركه المقاعد الوزارية. تختلف معه في مجلس النواب، وينسق وزراؤها معه فوق الطاولة وتحتها. لم ينس اللبنانيون بعد مشاركة مسؤول وحدة والتنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، في اجتماعات رسمية في وزارة الداخلية. يكاد يطال هذا الارتباك قراءة هذا الفريق مختلف العناوين السياسيّة في لبنان.

يعارض عضو اللقاء الديمقراطي (كتلة النائب وليد جنبلاط) النائب، مروان حمادة، حصر هدف التحالف في ضرب تنظيم "داعش". ويضع المنطقة بين خيارين: "أحلاهما أفغانستان جديدة تكون السلطة المركزية فيها للأنظمة الحاكمة في سورية والعراق، وأمرهما صومال جديد مقسم بشكل كامل". ويدعو حمادة إلى "توسيع مظلة عمل التحالف وضم روسيا وإيران بعد تعديل مواقفهم من سورية، وقبولهما ببديل ديمقراطي من نظام الأسد".

لدى سؤاله عن موقفه من استخدام الأراضي اللبنانية في الضربات، يذكّر حمادة بكون "المياه الإقليمية اللبنانية خاضعة لسلطة القرار الدولي 1701". أما الأراضي "فلا أحد يستخدمها سوى حزب الله للذهاب للقتال إلى سورية".

بدوره، يرفض النائب في كتلة المستقبل، عاطف مجدلاني، "الإرهاب بالمطلق"، ويترك للحكومة اللبنانية "مجتمعة اختيار ما تلتزم بتنفيذه من التحالف". أمّا نائب الجماعة الإسلامية (الفرع اللبناني من الإخوان المسلمين)، فيرى أن التركيبة اللبنانية لا تسمح بالدخول في هكذا تحالف، كما أنه لا يُمكن تأمين إجماع حكومي حول هذا الموضوع. وتساءل عن توقيت التحالف، بينما يرفض المجتمع الدولي تسليح المعارضة السورية القادرة على قتال "داعش" والنظام السوري.
ترفض الأطراف السياسية في لبنان التحالف الدولي الجديد، في الشكل على الأقل. لكنها لا تتفق على أسباب الرفض. يريد البعض للتحالف أن يكون مطية لعودة النظام السوري إلى الساحة الدولية، في وقت يريده البعض الآخر عصاً تطيح النظام المترنح، من دون أن ينطلق الموقف من حاجات لبنان ومصالحه لجهة الانضمام أو عدم الانضمام الى هكذا تحالف.

المساهمون