قد يضطر البرلمان التونسي قريباً لدعوة وزيري الرياضة في السويد والبرازيل لمساءلتهما بعد الخسارة أمام منتخبي بلجيكا وإنكلترا، وهو الذي سَخَّر يوماً كاملاً من برنامجه لمساءلة وزيرة الرياضة التونسية، بعد ما وصفه بخيبة روسيا وإخفاق المنتخب في المونديال.
ونسي البرلمان التونسي أن البلاد بلا ماء والناس عطاش لأيام، والأسعار نار، والإدارة مشلولة. نسي كل ذلك والتفت إلى محاسبة الوزيرة ورئيس الجامعة والمدرب التونسي، نبيل معلول، وهو الذي عجز عن توفير أغلبية بسيطة لحسم أزمة البلاد الخانقة وتقرير مصير رئيس الحكومة بالبقاء أو سحب الثقة. والغريب أن البرلمان كان يؤاخذ معلول على نتائجه الهزيلة في المونديال، خصوصاً على قراءته الفاتحة قبل المباراة، وطالبوا بإقالته بسبب ذلك، ما يعكس حالة الاصطفاف الأيديولوجي الركيكة من الدرجة الأولى، التي تصنف الناس وتحاسبهم، حتى بحسب إشارات، وكأن ميسي أو رونالدو أو أي لاعب أسطورة لا يمارس طقوساً إذا دخل أرض ملعب أو أحرز هدفاً ليشكر ربه بعد ذلك.
ويبقى من غير المفهوم أن يستعجل البرلمان رزقه، كما يقول المثل، فالمعركة الأيديولوجية قادمة لا محالة، وبدأ فرسانها، منذ مدة، في فرش السجاد الأحمر لها وقرعوا لها طبول الحرب من جديد، في انتظار أن ينتهي المونديال ويتفرغ الناس من جديد لمشاكلهم. وستبدأ قضية تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة في فرز الناس على أساس مناصريها وأعدائها. ومن يدري فقد يصطف المتحزبون من جديد على نفس قاعدة انتخابات 2014، وما سبقها من تجييش وانقسام كاد يعصف بالبلد وتجربته الوليدة، ويستعيد اليوم نفس مواصفات تلك الأيام السوداء، ولكن في ظروف اقتصادية أصعب بكثير ومع تصاعد ملل الناس من حكامهم. كل هذا والبرلمان، بأحزابه وكتله ونوابه، عاجز عن تمرير مجرد قرض، فما بالك بقوانين أكبر وأهم ومشاكل أدق وأخطر، لكنهم بارعون في الكلام وبيع الأوهام وتكرير الوقت، ولم يبق من كل مشاكل تونس المتراكمة إلا البحث عن منتخب محايد، لا ينتمي لاعبوه إلى أي حزب ولا يؤدون صلاة ولا يمارسون طقوساً…حتى يرضى حضرة النائب.