الانتفاضة، والقوة التي لا تقهر

29 أكتوبر 2015
+ الخط -
كأنه الشريط نفسه، يُعيد سرد صور من ماضٍ بعيد وأمس قريب، لرحلة الزمن المرّ المبتدئ برزوح الاحتلال بكل حقده الأعمى الذي تُحركه غريزة الإجرام المتأصلة فيه على أرض فلسطين، حيث أمسى الأقصى مكبلا بأغلال القهر، ينهش فيه المحتل ببراثنه المسمومة بغيّة محوه من الذاكرة، غير أنه في كل مرة ينقلب على عقبيه مهزوما وخاسرا.
كيان الاحتلال الصهيوني يظل يمارس أفعاله الرديئة بحق الأرض وشعبها، وفي مقدمتها سعيه المحموم لتغيير هوية القدس وطرد سكانها بإجراءاته الممنهجة، عبر زيادة الاستيطان والتضييق على الفلسطنيين، بعدم منحهم تصاريح البناء، واستهداف المسجد الأقصى بحفر أنفاق تحته بحثاً عن هيكلهم المزعوم، ما يهدد بنيان المسجد، وإطلاق قطعان المتطرفين في ساحاته لإرهاب مرتادي المسجد، وصولاً إلى عزمه تقسيم الاقصى زمانياً ومكانياً بكل وقاحة وغطرسة.
كأن الاحتلال لم يتعلم من كل الأحداث السابقة أن الشعب الفلسطيني يعشق الحرية، ولا يوجد في قاموسه معنى الانكسار مهما كان الثمن، حيث يقدم قوافل الشهداء فداء للوطن والمقدسات، مؤمنا بعمق أن حقه السليب لن يُدفن في مقبرة النسيان، حتى لو تواطأ العالم بأجمعه بكل عفونة نفاقه مع الغاصب المحتل.
أحدث موجات الانتفاض الفلسطيني تضمنت تعبيرا بليغا، تمثل بعدم انتظار ردة فعل من أخوة الدم الغارقين في وحل صراعاتهم، بعد أن انكشف، منذ زمن، زيف شعارتهم التي طالما رفعوا عقيرتهم بها متاجرة بالقضية، عبر شتم ووعيد أجوف للعدو الذي يجبنون عن مجابهته أصلا، فكانت الأيام كفيلة بما حملته من أحداث أنْ تُعرّي قباحة حقيقتهم، فلم يدافع عن الأقصى سوى أبنائه الشرعيين الذين واجهوا عتاة مجرمي الصهاينة بكل ما يملكونه من عدة وعتاد وحجارة وسكاكين.
يحدث ذلك كله وسلطة رام الله عاجزة عن تقديم شيء يذكر، بل بلغ بها الخزي أن تنسق أمنيا مع القاتل، في مقابل بقائها في حكم عدد من الأبنية في رام الله.
سيظل المحتل فاقداً للشعور بالأمان، يتكبد الهزيمة النفسية في أعقاب كل عدوان آثم يقترفه، فتترسخ مواجهة طغيان الصهاينة أكثر وأكثر، لأن نيل الحقوق لا يأتي من اتفاقات سلام بائسة ممجوجة، ولا بمناشدات لعواصم القرار الدولي بالتدخل، إنما بمقارعة المعتدي وتمريغ أنفه في التراب، فإصرار الشعب الفلسطيني وإرادته الصلبة هي القوة التي لاتقهر.
79A818D2-0B86-43CA-959C-675CEB3770CB
79A818D2-0B86-43CA-959C-675CEB3770CB
أحمد القثامي (السعودية)
أحمد القثامي (السعودية)