الاقتصاد لعبة السياسيين في أزمة القرم

الاقتصاد لعبة السياسيين في أزمة القرم

21 مارس 2014
أوباما وبوتين يستخدمان الاقتصاد لتمرير أهدافهما
+ الخط -

باتت الأسواق العالمية تتبع خطى السياسيين في أزمة انفصال القرم أكثر من تتبعها للمؤشرات الاقتصادية، وتعلق الاقتصاد العالمي بتصريحات من زعماء ومسؤولين سياسيين هنا وهناك لكي يحدد مساره.

وتسابق السياسيون لقيادة معركة أوكرانيا من خلال بوابة الاقتصاد، وكان في مقدمتهم زعيما أكبر إمبراطوريتين في العالم، الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكال الزعيمان لبعضهما الاتهامات واتخذ كل منهما إجراءات عقابية ضد الآخر، وطوعا الاقتصاد لتحقيق أهدافهما بزيادة ضغوط كل طرف على الآخر.

بل ودخل على الخط زعماء الاتحاد الأوروبي، وتحولت الأزمة السياسية إلى حرب اقتصادية باردة.  

ولم يعد ينظر أي طرف إلى من توجه النيران، وأصروا على تصعيد حرب العقوبات حتى لو أخطأت الهدف الى تأثر أسواق وشركات دول صديقة.

وتذبذبت أسواق المال والنفط والمعادن بين الانخفاض والارتفاع، حسب التصعيد أو التهدئة أحيانا، من طرفي الصراع.

اللحظة الأولي

وكان الاقتصاد هو السلاح الأقوى في المعركة، منذ اللحظة الأولى للأزمة الأوكرانية بين المعارضة ونظام الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، الذي غادر إلى روسيا بعد تدهور الأوضاع قبل نهاية فبراير شباط الماضي. 

وهدد الدب الروسي بعد سقوط يانوكوفيتش، بمنع الغاز عن أوكرانيا، وتلاعب وقتها بورقة عدم سداد ديون عليها قدرت بنحو مليار دولار، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، واشتد تخوف الغرب من أزمة في إمدادات الغاز وبدأ يبحث عن بدائل ومنها خط الغاز التركي لتعويض النقص المتوقع.
وبعد أن تدخلت موسكو عسكريا في القرم، وانتهى الأمر باستفتاء صوت لصالح انفصال القرم ثم دخلت حرب العقوبات حيز التنفيذ.

 شد وجذب

حالة الشد والجذب في الأزمة الأوكرانية جعلت الاقتصاد العالمي يفقد البوصلة، ويواصل النزيف تحت تأثير الصدمة، رغم الانفراجة المؤقتة التي شهدتها الأسواق عبر تصريحات مطمئنة منذ أيام لبوتين حول عدم اتجاهه للتصعيد، وسعيه لحل الأزمة من خلال مسار سياسي، إلا أن هذا التفاؤل تلاشى مع تصاعد المعركة.

وفى الوقت الذى صعدت فيه أمريكا، نهاية الأسبوع الماضي، عقوباتها على المسؤولين الروسيين، ردت روسيا بقسوة، وفرضت عقوبات انتقامية ضد تسعة مسؤولين ومشرعين أميركيين.

وكانت أمريكا فرضت عقوبات على 20 مسؤولاً روسياً، ومنعت التعامل مع بنك روسيا الذي يتعامل في عشرات المليارات من الدولارات، وانضمت فيزا وماستر كارد للمواجهة وأوقفتا تعاملاتهما مع البنك الروسي اليوم الجمعة،  

وتذبذبت أسعار النفط صعودا وهبوطا مع تصريحات السياسيين خلال الأسبوع الماضي، وارتفع سعر خام برنت اليوم صوب 107 دولارات للبرميل، ورغم ذلك ظل برنت في طريقه لتسجيل رابع خسارة أسبوعية في ظل ركود موسمي للطلب أدى إلى تراجعه نحو خمسة بالمئة منذ بداية مارس آذار حين قفزت الأسعار لفترة وجيزة إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أشهر فوق 112 دولارا مع ضم روسيا منطقة القرم الأوكرانية.

نيران صديقة

والعجيب أن نيران السياسيين الصديقة تصيب أحيانا اقتصاديات الحلفاء رغم أنها لا تقصد ذلك، وهذا ما عبرت عنه يوم الجمعة رابطة تجارية ألمانية، التي حذرت من أن أكثر من 6000 شركة ألمانية تقوم بأعمال مع روسيا ستتكبد خسائر كارثية إذا تم تصعيد الأمر أكثر من ذلك.

وزعماء الاتحاد الأوروبي لم يكونوا بعيدين عن اللعبة، ومنهم المستشارة الألمانية أنجيلا التي فرضت عقوبات شملت حظر سفر وتجميد أصول على 33 شخصا مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويدرس زعماء الاتحاد فرض عقوبات اقتصادية أخرى.

وقال مجلس "الحكماء" الألماني المكون من مستشارين اقتصاديين الخميس الماضي: إن أزمة أوكرانيا تشكل أكبر تهديد للنمو العالمي وخصوصا لألمانيا نظرا لأهمية روسيا كمصدر للطاقة.

ولعل أسواق الذهب كانت المستفيد الوحيد من أزمة القرم، وكان المعدن النفيس الملاذ الآمن للمستثمرين مع موعد للارتفاع الكبير لفترة وجيزة ووصل إلى ذروته في ستة أشهر عندما بلغ 1391.76 دولار يوم الاثنين الماضي، لكن يبدو أنه سيتجه نحو تكبد خسائر أسبوعية كبيرة بنحو 3.1 بالمئة.
ومع مرور الوقت وتعقد الأزمة، تحولت المعركة من الساحة السياسية، تدريجيا إلى حرب اقتصادية باردة، بعد أن بات الاقتصاد اللعبة الأهم، وورقة الضغط المفضلة فى أيدى السياسيين، فهل ستتحمل الأسواق استمرار التصعيد؟ وإلى متى؟.

 

المساهمون