الاحتلال يلاحق فلسطينيي الداخل حتى في لقمة عيشهم

30 سبتمبر 2014
الاحتلال الإسرائيلي يتعامل بعنصرية مع الفلسطينيين(فرانس برس)
+ الخط -
"فلسطينيو الداخل أعداء"، هذه العبارة التي يرددها الاحتلال الإسرائيلي من ساسة واقتصاديين وصناع قرار ومجتمع بحق الفلسطينيين، تنعكس على العنصرية في التوظيف، وأخرى في ممارسة الحياة الاجتماعية والتعاملات الاقتصادية والسكن والعلاقات وحرية العبادة.
الباحث في الإسرائيليات، امطانس شحادة، أحد فلسطينيي الداخل الذين يوثقون حملات التحريض والعنصرية بحقهم، يقول: "لأنك عربي من فلسطينيي الداخل، ستحرم حقوقاً أساسية، كالتعليم والعمل، والسكن والحركة، وتفاصيل أخرى في الحياة اليومية".
وبحسب شحادة، لـ"العربي الجديد"، فإن حدة العنصرية بحق فلسطنيي الداخل ارتفعت بشدة خلال وبعد فترة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بسبب شدة تأثير إطلاق صواريخ المقاومة على مختلف الشرائح الإسرائيلية.
ويشكل العرب من سكان الاحتلال الإسرائيلي البالغ مجموع سكانه 8.1 مليون نسمة، بحسب آخر إحصائية صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، نحو 15%، الغالبية العظمى منهم يعيشون في تجمعات سكانية ومدن يقطنها العرب، فيما يمنعون من اختيار مكان السكن المناسب لهم.

عدوان غزة

وأضاف شحادة: "العنصرية انتشرت بجميع القطاعات الحياتية خلال فترة العدوان، في الشارع والحافلة والعمل والسوق والمتاجر، ووسائل الإعلام".
وقال "خلال سير مواطنين عرب في سياراتهم أو على الأرصفة، أو في مراكز التسوق، كانت توجه لهم عبارات الرفض من قبل إسرائيليين، واصفين إياهم بالمتطفلين والمجرمين وقتلة الأطفال والمدنيين، وأنه لا فرق بينهم وبين الإرهابيين في غزة".
وأكد أن تهديدات طالت حياة العديد من المواطنين العرب، تعرضوا لها من قبل جماعات يهودية متطرفة خلال فترة العدوان، "بل إن أصحاب المرافق الاقتصادية أصبحوا أكثر عدائية معنا؛ بسبب تأثر مصالحهم التجارية بفعل صواريخ المقاومة".
وأضاف شحادة: "إن إسرائيل تمارس التمييز العنصري من خلال سن قوانين تفصل بين مواطنيها العرب واليهود، إضافة إلى ممارستها فصلاً عنصرياً بحق العرب في الممارسات اليومية".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، قد طالب الشهر الماضي المجتمع الإسرائيلي، بتنفيذ مقاطعة ضد فلسطينيي الداخل (الفلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية)، اقتصادياً وتجارياً، بسبب موقفهم من الحرب على غزة.

نماذج للعنصرية

ومن الأمثلة الحية التي تجسد شكلاً من أشكال العنصرية بحق فلسطينيي الداخل، ما كشفه المواطن حسام جرايسي لمراسل "العربي الجديد"، من تعرضه إلى تمييز عنصري يهدد تماسك أسرته على حد تعبيره، في منطقة الناصرة التي يسكن بها.
يقول جرايسي "تزوجت من عربية تحمل الهوية الفلسطينية قبل نحو ست سنوات، وحتى يومنا هذا لا أستطيع أن أمنحها الجنسية الإسرائيلية لأنني عربي، بينما يحصل أي يهودي غير عربي على لمّ شمل له ولأسرته مهما كانت جنسياتهم وأعراقهم".
ويضيف إن مئات العائلات يعرفهم، يعانون من نفس العنصرية التي تعرض لها، "هم يريدون منا أن نخرج باتجاه مناطق الضفة الغربية، حتى تكون لديهم ذريعة بسحب الجنسية منا".
أما هاشم عيسى أحد العرب الذين يعيشون داخل إسرائيل، والذي تداولت وسائل الإعلام اسمه كثيراً العام الماضي، فإنه كان قد طلب من إحدى الموظفات العاملات في مصرف إسرائيلي فتح حساب مصرفي، إلا أن طلبه قوبل بالرفض بدون أي سبب مقنع.
وبعد عام من الحادثة التي تعرض لها أكد عيسى لمراسل "العربي الجديد"، أنه تمكن من فتح حساب في ذات المصرف بعد تداول قصته على وسائل الإعلام، " لكن يتم معاملتي داخل المصرف بشكل سيئ، وقال: "بل إن أحد موظفي المصرف أخبرني قبل أيام، بأنني غير مرحب بي كعميل لدى البنك حتى بعد فتح الحساب".
من جهة أخرى، كانت وزارة المالية الإسرائيلية، أعلنت خلال العام الجاري عن إعفاءات ضريبية عند قيام كل إسرائيلي خدم في صفوف الجيش، أو قام بتأدية الخدمة العسكرية، بشراء شقة سكنية، وهذا يعتبر تمييزاً آخر بحق الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل.
ويرى الباحث في الإسرائيليات، مهند عقل، إن من أهم أشكال العنصرية التي تمارسها إسرائيل بحق فلسطينيي الداخل، مرتبط بمكان السكن، "أي أنه لا يحق لفلسطينيي الداخل السكن أينما أرادوا داخل دولة الاحتلال، بل إن ذلك مرتبط بموافقة لجان داخل المدينة أو الحي".
وأضاف: "غالباً ما ترفض اللجنة قبول طلب العربي الراغب بالسكن في الحي، ويضعون ما شاؤوا من التبريرات"، مؤكداً أن دعوات نادى بها إسرائيليون يطلبون فيها بمنع بيع أو تأجير العرب مساكن في المدن والأحياء، "بل إن تظاهرات خرجت للتأكيد على هذه المطالب". وأكد أن هدف الاحتلال من هذه الممارسات، هو إجبار المواطنين العرب على الهجرة باتجاه الأراضي الفلسطينية، "دائماً المتطرفون اليهود ينادون وبصوت مرتفع أنه لا وجود للعرب في دولة إسرائيل".

تمييز في العمل

وقال الباحث في الإسرائيليات، برهوم جرايسي، إن الفلسطينيين من حملة الهوية الإسرائيلية آخر من يقبلون في الوظائف الإسرائيلية وأول من يفصلون منها، "لأن الأولوية في الوظائف الإسرائيلية تكون بناءً على العرق وليس على المستوى الأكاديمي والعلمي".
وأضاف لـ"العربي الجديد": "الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن تمييزاً عنصرياً آخر يمارس بحق فلسطينيي الداخل، ممثلاً بسلم الرواتب، أي أن متوسط راتب العربي الشهري نحو 5600 شيكل (1600 دولار)، بينما يبلغ متوسط راتب الإسرائيلي من أصل يهودي قرابة 9600 شيكل (2700 دولار).
وقال شحادة إن الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية أو داخل الخط الأخضر (إسرائيل)، يتعرضون إلى تمييز يبدأ من القبول في الوظائف، ولا ينتهي بصرف رواتب تقل بنسبة 35% عن نظرائهم الإسرائيليين من أصل أوروبي أو أميركي.
وتابع "رغم أن النسبة المحددة لتوظيف العاملين والموظفين العرب في الشواغر الإسرائيلية قليلة، والتي توضع على أساس الأهمية الأمنية للمؤسسة، إلا أن دوائر الموارد البشرية في هذه الشركات لا تلتزم بالنسبة المحددة، بل أقل من ذلك بكثير".
وتمنع إسرائيل تعيين فلسطينيي الداخل في آلاف المناصب الإدارية داخل مؤسساتها، لأسباب وصفتها الحكومة الإسرائيلية في أكثر من مناسبة، بأنها تمس بالوضع الأمني الإسرائيلي، وفقاً للباحث شحادة.
المساهمون