الإعلام الغربي ودماء الفلسطينيين

05 اغسطس 2014
+ الخط -

الحديث عن عدم مهنية الإعلام الدولي وعدم حياديته قديم، لكنه واقع قائم ومتجدد بتجدد هذا الإعلام وطاقته المولدة، وسعة انتشاره وتأثيره على مختلف المستويات، سياسياً واجتماعياً وثقافياً.

ما يدعو إلى التذكير بهذا الموضوع الذي لا شك يدركه جل الناس، وإن كانوا ما يزالون يقعون ضحايا له، هو التناول الأخير لتصريح نائب رئيس الوزراء التركي، بولنت آرينتش، الذي أعرب فيه عن أسفه لما يواجهه المجتمع التركي من "تفسخ أخلاقي"، وكذا دعوته رجال بلاده ونساءها، لأن يلتزموا بالعفة والإخلاص للأزواج والزوجات، وأن تتجنب النساء الضحك في الأماكن العامة.

الجملة الأخيرة من كلامه تحولت إلى ما يشبه الزلزال الذي سيأتي على تركيا، ويحولها من دولة تشهد طفرة صناعية وتكنولوجية هائلة إلى هيروشيما ثانية. هكذا، أراد الإعلام استثمار هذه الجملة، التي قد لا تعني الكثير، وإن عنت، فإنها لا تصل إلى مستوى الفاجعة التي تستوجب أن تسلط عليها كل هذه الأضواء من كل مكان.

ما تزال كلمات رئيس الوزراء التركي ترن في الأسماع، عندما قال قبل أيام "صدقوني لم يحصل الفلسطينيون على الاهتمام الإعلامي الذي لأسماك الفقمة، في معظم وسائل الإعلام الدولية، وليس للأطفال الذين يقتلون الآن بكل خسة في غزة، أية قيمة عند تلك الوسائل الإعلامية".

رجب طيب أردوغان، تحدث، أيضاً، عن كيف تسابقت تلك الوسائل على النقل المباشر، من ميدان تقسيم في إسطنبول، لأحداث العنف، وكيف وقف الاتحاد الأوروبي والدول الغربية، يلقنون الأتراك دروساً في معنى الديمقراطية، عندما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المحتجين، سائلًا هؤلاء الديمقراطيين الذين هبّوا ضد الغاز في تركيا، أين هم مما يحدث الآن في غزة!

هذه التساؤلات التي طرحها أردوغان هي الحقيقة الغائبة عن كثيرين ممن ينساقون وراء الإعلام الغربي وأذرعه العربية، والذي لا هدف له اليوم غير تشويه كل ما يمت للمقاومة بشقيها العسكري والسياسي، أو ضد تركيا وقطر، اللتين تقفان ضد الإرادة الغربية المتحالفة مع الصهاينة في هذه الحرب "اللاأخلاقية"، التي يتعرض لها أبناء غزة.

لهؤلاء نقول: كان الأجدر بكم أن تنحازوا للقيم وللإنسانية التي تدّعونها، كان الأجدر بكم أن تحرفوا زاوية كاميراتكم لتلتقط غزة، حيث المرأة الفلسطينية أضحت شهيدة أو جريحة، أو أرملة، أو أمّاً لشهيد.

AC6DD897-3190-4DF5-927E-8F58C602D310
AC6DD897-3190-4DF5-927E-8F58C602D310
زياد الجابري (اليمن)
زياد الجابري (اليمن)