الإعلام الأميركي وغزّة: نقل مراسلين وإلغاء تغريدات

الإعلام الأميركي وغزّة: نقل مراسلين وإلغاء تغريدات

27 يوليو 2014
هذه الزهور كأطفال غزة.. من له الحق في قتلهم؟
+ الخط -

تتعرض وسائل الإعلام الأميركية، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير في غزة إلى لغط طال بعض المراسلين والصحافيين. كما تشهد مواقع التواصل الاجتماعي كـ"تويتر"و"فيسبوك"، حرباً افتراضية بين الداعمين والمعادين للقضية الفلسطينية.

ودخل بعض المشاهير الأميركان بسبب تغريداتهم حول غزة، في مرمى سهام الطرفين، في تطور جديد، إذ قلما ينتقد هؤلاء الاحتلال الإسرائيلي. كما أدى هذا اللغط إلى نقل بعض المراسلين والصحافيين، وتعرض البعض الآخر لضغوطات بسبب تصريحات ناقدة للسياسة الإسرائيلية أو مشككة بمصداقية التغطية الإعلامية الأميركية حول غزة.

على سبيل المثال، نقلت قناة "إن بي سي" الأميركية الشهيرة الأسبوع الماضي مراسلها، أيمن محي الدين، من غزة وبصورة مفاجئة. وجاء نقل محي الدين بعد شهادته هو وصحافيون آخرون، حول قتل الأطفال الغزّيين الأربعة على يد البحرية الإسرائيلية وهم يلعبون على شاطئ غزة. أضف إلى ذلك، فقد تميزت تقارير محي الدين بتناولها بصورة مكثفة للوضع الإنساني، وبموضوعيتها في التغطية لما يحدث في غزة. ويبدو أن هذه التغطية أثارت حفيظة اللوبي اليميني الداعم للسياسات الإسرائيلية، مما اضطر القناة إلى نقله خارج غزة. إلا أن القناة أعادته، يومين بعد نقله، مرة أخرى إلى غزة، بعد السخط غير المسبوق في هذا الشأن، على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، التي شهدت جدلاً ساخناً حول الموضوع وبعد حملة مطالبة بإعادته إلى غزة وقع عليها أكثر من 15 ألف شخص، مما اضطر القناة إلى العدول عن موقفها.
وألغت قناة"إم إس إن بي سي"، وهي قناة شقيقة لـ "إن بي سي"، مقابلاتها مع الصحافية الفلسطينية رلى جبريل، وهي من الصحافيين العرب القلائل، المتعاقدين مع المحطة للتعليق على أحداث مختلفة. ووجهت جبريل في مقابلة معها حول إقالة محي الدين، انتقادات حادة لوسائل الإعلام الأميركية وتغطيتها لما يحدث في غزة، واصفة إياها "بالمخزية وغير المتزنة". وأشارت جبريل إلى دراسات أكاديمية في هذا الصدد تشير إلى "أن الوقت المخصص لمسؤولين إسرائيليين في قنوات الإعلام الأميركية أكبر بعشرات المرات من ذلك المخصص للفلسطينيين". وإثر تصريحها هذا، ألغت برامج عدة على قناة "إم إس إن بي سي" مقابلات كانت مقررة معها، لتعود وتلتقي بها بعد تغريدة لها تتساءل فيها عما إذا كانت تصريحاتها السبب وراء إلغاء المقابلات معها. ويبدو أن المؤسسة الإعلامية لن تقوم بتجديد عقدها الذي كانت تتفاوض حوله في هذه الفترة مع القناة.

أما قناة "سي إن إن" التلفزيونية الأميركية، فنقلت مراسلتها، ديانا مغناي، من القدس إلى موسكو بعد أن كتبت تغريدة على حسابها الخاص في "تويتر"، تقول فيها"إسرائيليون يهللون لسقوط القنابل على غزة، وهددونا بتحطيم سيارتنا إذا قلت كلمة خطأ، إنهم حثالة". واعتذرت القناة، على لسان المتحدث الرسمي باسمها عن التغريدة ونقلت المراسلة إلى موسكو.

نسبة استضافة فاضحة

وتشير دراسة للباحث يوسف منير صدرت عن "المركز الفلسطيني للثقافة والتنمية الاجتماعية" ومقره واشنطن، حول تغطية قناة "سي إن إن" لفترة هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة عام 2012، إلى أن "سي إن إن" أجرت 45 مقابلة مع قادة إسرائيليين وممثلين حكوميين مقابل 20 مقابلة في الفترة نفسها مع مسؤولين فلسطينيين. وفي الوقت ذاته، استضافت القناة ممثلين عن مراكز بحوث غير حكومية أميركية مناصرة لإسرائيل وسياسيين أميركيين داعمين للفكر الصهيوني، تحت مسمى "مراكز أبحاث مستقلة" مما يضاعف نسبة التغطية ويخلق بلبلة وتشويهاً لدى المشاهد.

ورصد يوسف منير في دراسة أخرى أجريت قريباً حول موضوع تغطية قناة "سي إن إن" منذ التاسع والعشرين من شهر حزيران/ يونيو، حول الأحداث في فلسطين المحتلة عامة، وغزة خاصة، تظهر أن "من بين 35 مقابلة أجرتها القناة حول الموضوع، قامت بـ20 مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين أو داعمين للسياسة الإسرائيلية، في مقابل خمس مقابلات مع داعمين للقضية الفلسطينية أو مسؤولين فلسطينيين"، مما يعني أن التغطية الإعلامية المنحازة لإسرائيل بحسب هذه الإحصاءات ازدادت قوة.

مادونا تغرّد حول غزة

أما صفحات التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر، فشهدت تغريدات داعمة لغزة من قبل العديد من المشاهيرالأميركيين، إلا أن بعضهم اضطر لسحبها والاعتذار عنها. أبرز تلك التغريدات كانت للاعب كرة السلة الشهير، دويت هاورد، عندما كتب في تغريدة له: #فلسطين حرة (freePaelstine#) ثم محاها بعد أقل من 15 دقيقة من إرسالها، وكتب بعدها تغريدتين معتذراً عنها. ولم يطلق منذ ذلك اليوم، 12 الشهرالجاري، أي تغريدة على حسابه الذي يتابعه أكثر من خمسة ملايين متابع.

وحدث أمر مشابه مع مغنية البوب ريحانا، في حين لم تتراجع أيقونة البوب الشهيرة مادونا عن تغريدتها، ربما لأنها معروفة بزياراتها السابقة والداعمة لإسرائيل عامة، أو لعلها لا تنتمي إلى الأقليات، كما هاورد وريحانا، والتي عادة ما تهاجم أكثر من غيرها في حال إطلاق تصريحات خارجة عن المألوف. وفاجأت مادونا متابعيها على تويتر، عندما كتبت تغريدة في 23 من تموز/يوليو، تعلق فيها على صورة لباقة من الزهور: "هذه الزهور كأطفال غزة الأبرياء. من له الحق في قتلهم؟ لا أحد!!! أوقفوا إطلاق النار". وعلى الرغم من أن مادونا لم تحذف التغريدة كغيرها من الفنانين إلا أنها أعقبتها بتغريدة أخرى كتبت فيها "أنا لا أدعم حماس! أنا أدعم الكرامة الإنسانية والاحترام! أدعم السلام".

ولعل المثير على ساحة التواصل الإجتماعي وخاصة تويتر، وجود عدد لا بأس به من بنات وأبناء غزة الذين ينقلون وبشكل حي ومباشر شهاداتهم لما يحدث من حولهم، بكلمات وصور معبرة. يربط المغردون هذه الصور بوسوم (هاشتاج) تسهل عملية البحث لمن يرغب في الحصول عن أخبار عن غزة، بكلمات قليلة وصور وفيديوهات حية.

ويرى مراقبون للمشهد الإعلامي في الولايات المتحدة، أن أهم نقاط هذا التحول في الأسبوعين الأخيرين، كانت بعد مجزرة حي الشجاعية، فقد نقل الكثير من المغردين الغزّيين، صوراً لجثث الأطفال والنساء والرجال الملقاة في شوارع غزة. وكان نقلهم لما يدور حولهم أسرع وأكثر مصداقية. ولا تخضع تغريداتهم لحسابات السوق والقوة التي تخضع لها وسائل الإعلام عامة والأميركية خاصة. كما تأتي هذه الحرب في وقت تضاعف فيه عشر مرات عدد المشتركين في تويتر منذ الحرب الأخيرة على غزة، ليصل إلى أكثر من 250 مليون شخص مقابل 26 مليون مشترك أثناء الهجوم الأخير على غزة عام 2012.

المساهمون