الأمن المصري يتحكم بالإفراج عن المعارضين بعفو رئاسي

الأمن المصري يتحكم بالإفراج عن المعارضين بعفو رئاسي

11 يونيو 2016
وعد السيسي بالنظر بقضية المعتقلين السياسيين (جيانلويجي غيرسيا/فرانس برس)
+ الخط -
يفرض الجناح الأمني العسكري في مؤسسة الرئاسة المصرية قبضته تماماً على إدارة المشهد العام، من خلال تصوير أن الطريقة الأمنية في التعامل مع مختلف القضايا والأزمات هي المثلى، حتى لا يفقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السيطرة على الدولة بأكملها. ولا تكفّ الأحزاب والشخصيات السياسية والعامة، عن المطالبة بالإفراج عن الشباب المسجونين على خلفية سياسية، لما لذلك من أثر في تقويض حدة الغضب والاحتقان ضد السيسي، إلا أن الأخير يتمسك بموقفه الرافض لذلك. وقال السيسي، في حواره الأخير مع الإعلامي أسامة كمال، بمناسبة مرور عامين على حكمه: "90 في المائة من السجناء محبوسون في قضايا جنائية وليست سياسية"، مضيفاً: "الشوية التانيين ننظر في أمرهم... ونظرت 3 مرات والرابعة جاية"، في إشارة إلى الإفراج عن المعتقلين في قضايا التظاهر أو على خلفية سياسية.
تقول مصادر داخل مؤسسة الرئاسة، إن المتحكم الأول والأخير في مسألة الإفراج عن الشباب المعتقلين على خلفية سياسية، هو الجهاز الأمني، خصوصاً أنه يقدّم تقريراً عن كل شخص من الأسماء الموجودة في قائمة مؤسسة الرئاسة. وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الأمن دائماً يحذر من الإفراج عن القيادات الشبابية للحركات الثورية أو الفاعلين وسط الشباب، والمشاركين في أشكال المعارضة المختلفة، لما له من أثر سلبي على الأمن في البلاد، وبالطبع الحديث هنا لا يخص التيار الإسلامي".
وتشير المصادر إلى أنه من المتوقع أن يُصدر السيسي عفواً رئاسياً بمناسبة عيد الفطر، وقائمة الأسماء تُرسَل من وزارة الداخلية إلى مؤسسة الرئاسة بعد بحث حالة كل شخص من المسجونين جنائياً، ومن ثم يوافق الرئيس أو يرفض. أما عن أسماء المعتقلين سياسياً، فتشير المصادر إلى أن مؤسسة الرئاسة تُرسل إلى الداخلية للاستعلام عنهم، وبحث مدى إضرار الإفراج عنهم بالأمن العام، وفي الغالب تكون النتيجة رفض الإفراج، لافتة إلى أنه من المستبعد التوسع في عمليات العفو الرئاسي للنشطاء في الحالة التي تحدث عنها السيسي أخيراً.


وتكشف المصادر ذاتها، أن بعض الأطراف داخل مؤسسة الرئاسة، أعدّت قائمة ببعض أسماء الشباب تمهيداً للإفراج عنهم بعفو رئاسي، ولكن تدخّلات من مقربين من السيسي أوقفت الأمر تماماً. وتلفت إلى أن العاملين في مؤسسة الرئاسة، يحاولون تقديم خطط ومقترحات لحل بعض الأزمات التي تطرأ ووضع تصورات لتحسين صورة السيسي، ولكن كلها توضع في الأدراج، ولا يتم النظر فيها ودراستها، لأنها ليست على هوى الجناح العسكري الأمني في الرئاسة. وتلفت إلى وجود أزمة حقيقية داخل مؤسسة الرئاسة في شعور بعض مجموعات العمل بالتهميش وعدم الأخذ برأيها تماماً، والتعامل مع كل الأزمات بمنطق أمني فقط.
وبحسب مصدر مقرب من مؤسسة الرئاسة، فإن هناك جناحاً يسيطر على كل قرارات الدولة وعلى تعامل النظام الحالي مع الأزمات، ويتزعمه مدير مكتب السيسي، عباس كامل. ويقول المصدر، إن هذا الجناح الأمني العسكري، هو المخوّل اتخاذ القرارات والتعامل مع القضايا المختلفة. ويضيف أن عباس كامل، يضطّلع بممارسة مهام الرئيس كاملة، من دون معرفة إذا كان هناك من تنسيق مسبق أم أن السيسي منحه تفويضاً في إدارة الأوضاع الداخلية.
ويشير المصدر إلى أن كامل لديه خط مفتوح مع كل الأجهزة الأمنية بلا استثناء، ويتلقى تقارير أولاً بأول ويوجّه باتخاذ خطوات فعلية ضد معارضي النظام. ويلفت إلى أن عدداً كبيراً من المقربين من الرئاسة نصحوا السيسي وبعض العاملين في دائرة السيسي، بعدم افتعال الأزمات وتخفيف حدة استهداف المعارضة ورفع يد الداخلية عن الشباب.
ويكشف عن بعض المواقف التي تدخّلت فيها أكثر من شخصية عامة مقربة من الرئاسة لحل بعض الأزمات، مثل قضية الطفل "معتقل التيشيرت"، وكان هناك تسويف من وزارة الداخلية في عملية تنفيذ إخلاء سبيله، وبعد التواصل مع أطراف في مؤسسة الرئاسة، تبيّن أن قيادات وزارة الداخلية تتحكم في بعض الأمور، تحت دعاوى استكمال الإجراءات، فضلاً عن بعض الحالات الإنسانية الأخرى والأطفال وعليهم اتهامات لا يمكن لعاقل تصديقها أو الاقتناع بها، ومع ذلك لا استجابة مطلقاً.
وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الخبير السياسي محمد عز، إن السيسي يتحدث بشكل دائم عن وجود مظلومين في السجون، ولكنه لا يتدخل لتعديل هذا الظلم بشكل عاجل وفوري. ويضيف عز، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن السيسي منذ توليه السلطة قبل عامين، تحدث في مناسبات كثيرة عن وجود مظلومين، متسائلاً: "أيُعقل أن يستمر الظلم عامين ورئيس الدولة يعرف ولا يتدخل أم لا يقوى على التدخل"؟
ويرى أن المتحكّم في مفاصل الدولة تماماً خلال الفترة الماضية هو العقلية العسكرية الأمنية، متسائلاً: "طالما يعرف السيسي بوجود تجاوزات فلماذا لا يوقفها، ويمنع تزايد الاحتقان والظلم، أم أنه لا يرفض ممارسات الداخلية التي يعترف بأن لها تجاوزات وانتهاكات"؟