الأسماء المستعارة في الدين والسياسة والفن

06 مارس 2016
الفنان الراحل عبد الحليم حافظ (Getty)ا
+ الخط -
تتعدد الأسباب التي يتخلّى فيها بعضُ النّاس عن أسمائهم الحقيقية، واللجوء إلى أسماء مستعارة، تخفي هويّاتهم الحقيقيّة. يبدو العامل السياسي هو أشهر الأسباب، أي هرباً من قمع السلطات السياسيّة والدينيّة، لذلك كان الباحث الإيطالي الراحل، جوليو ريجيني، يكتب مقالاته الأخيرة باسم مستعار، قبل أن يكون ضحيّة جريمة سياسيّة بالقاهرة. لذلك أيضاً، عرّف "منير البعلبكي"، الاسم المستعار، بأنه اسم وهمي يستخدمه شخص ما بغرض إخفاء هويّته الحقيقية، وذلك لخوفه من التعرض للاعتداء من قبل الآخرين الذين لا يتفقون معه في الرأي السياسي.

أسباب دينية
لكن الواقع يكشف أن العامل السياسي ليس وحده السبب في هذا السلوك، فهناك أسباب اجتماعية ونفسية، وربما عقائدية أيضاً، قد تُلْجِئ الإنسانَ إلى استعارة اسمٍ آخر، واستبداله باسمه الحقيقي الذي سُمِّيَ بهِ فورَ ولادته. فمثلاً لا يمكن إغفال التقاليد الكهنوتية الدينيّة التي تفرض ذلك أحياناً. كما هو الحال حين نعرف أنّ بابا الفاتيكان "فرنسيس"، هو الاسم الباباوي لخورخي ماريو بيرجوليو. وأنّ "بندكت السادس عشر" كان اسمه في شهادة الميلاد، جوزيف راتزنغر. بينمى كان "يوحنا بولس الثاني" يحمل منذ ولادته اسم، كارول جوزيف فوتيلا. التقليد ذاته ينطبق على الكنيسة الشرقيّةَ؛ فالاسم الأصلي للبابا "شنودة الثالث" هو، نظير جيد روفائيل، والاسم الأصلي لـ"تواضروس الثاني" هو، وجيه صبحي باقي سليمان.

أدباء وصحافيون
كَثُرَ الأدباء والصحافيون الذين استخدموا أسماء وهمية يعبرون خلفها عن آرائهم السياسيّة والأدبيّة، مثل إسماعيل مظهر، والذي كان يكتب بعض مقالاته تحت اسم "فليويُونْس". ومصطفى أمين، والذي وقع بعض كتاباته باسم "ممصوص"، ومحمد التابعي الذي استخدم اسم "حندس"، أما فكري أباظة، فاستعار اسم "الملحوس". فيما كان المطران العراقي، غريغوريوس بهنام، ينشر مقالاته في الصحف والمجلات الرسميّة باسم "نزيه عفان". في حين ألّف الفنان، سليمان نجيب، كتابه "مذكرات عربجي" ووقعه باسم "الأسطى حنفي أبو محمود"!، وهو طبعاً اسم مستعار.

المرأة وأسماؤها
التقاليد الريفية، وقمع الأفكار المحافظة، والقيود المفروضة على المرأة، حرّمت عليها أحياناً أن تجهر باسمها الحقيقي؛ لذا لجأت، عائشة عبد الرحمن، إلى أن تتخذ لقباً مستعاراً هو "بنت الشاطئ". وقبلها وقعت، ملك حفني ناصف، مقالاتها الأولى بـ "باحثة البادية". في حين كانت المستكشفة والرحالة، زينب عصمت حسن، توقع كتاباتها بـ "بنت بطوطة". من جهة أخرى، فقد كتبت الشاعرة الفلسطينية، سميرة عزام، بعض قصائدها الوجدانية وقصصها بتوقيع "بنت الساحل". بينما بدأت، مي زيادة، والتي هي في الأصل ماري إلياس زيادة، باسم مستعار هو "إيزيس كوبيا".

مؤلفون عالميون
كتاب عالميون استخدموا أسماء مستعارة لظروف مختلفة قبل أن تتبين حقيقتهم؛ فعُرِفُوا بها، ونَسي الناس أسماءهم الأصلية، من أشهرهم "موليير"، وهو اسم مستعار للأديب الفرنسي، جان باتيست بوكلين. كما أن "فولتير" ليس سوى اسم وهميّ لفرنسوا ماري أرويه، وقد اختاره هرباً من بطش السلطة التي كان يعارضها. كذلك، كان "مكسيم غوركي" هو الاسم المستعار الذي اختاره، ألكسي مكسيموفيتش بيشكوف.

حيلة استشراقية
بعض المستشرقين عمد إلى هذه الحيلة، حتى يتعايشوا مع العرب دون أن يتشكّكوا في أمرهم. فالرحالة الإيطالي، لودفيغو دي فارتيما، انطلق إلى الشرق مكلفاً من ملك البرتغال، وحين توجه إلى مكة في رحلته الشهيرة، قرر تغيير اسمه إلى "يونس المصري"، مدعياً أنه أحد المماليك الذين اعتنقوا الإسلام. كذلك أطلق البريطاني، جوزيف بيتس، على نفسه "الحاج يوسف" حتى يستطيع إكمال مغامرته، ويصف الحجاز والأماكن المقدسة والشعائر الإسلامية. بينما قرر المستشرق، إدوارد ويليم لين، أن يسمي نفسه "منصور أفندي" ليقنع جيرانه بالقاهرة أنه تركيٌّ وليس بريطانياً، وذلك حتى يتمكن من مخالطة المصريين وتدوين عاداتهم وشمائلهم. أما المستشرق الفنلندي، جورج أوغست فالين، فسمى نفسه في القاهرة "الشيخ عبد الولي".

إقرأ أيضاً:أغاني الكادحين

أسماء فنية
الممثلة، لياليان زاكي موردخاي، غيرت اسمها إلى "ليلى مراد". وجانيت جرجس فغالي عُرفت بـ "صباح". وشفيقة محمد السيد، اختارت اسم "شهرزاد". وزكية علي محجوب تحولت إلى "ثريا حلمي"، وفاطمة أحمد شاكر، صار اسمها "شادية". ووافقت إفراج محمود خليل على أن يكون اسمها الجديد "ياسمين الخيام"، كما كان الاسم الحقيقي لنور الشريف هو "محمد جابر"، وهو زوج الفنانة "بوسي" الذي كان اسمها الأصلي صافيناز مصطفى قدري، فيما كان الاسم الأصلي لعمر الشريف هو ميشيل ديميتري شلهوب. وثمة طائفة كبيرة من أسماء الفنانين، كانت نصف مستعارة، حيث يقوم الفنان بالاحتفاظ باسمه الأول مع تغيير اسم العائلة. مثل عبد الحليم حافظ وكان اسمه "عبد الحليم شبانة". وعماد عبد الحليم الذي كان "عماد محمد علي سليمان"، بينما كان الاسم الكامل لأحمد عدوية هو "أحمد محمد مرسي"، وشريفة فاضل التي كانت شريفة كامل.

إقرأ أيضاً:ليلى مراد.. وثائق خاصة تخلص سيرتها من آفات التاريخ

المساهمون