الأحزاب التركية تطرح أوراقها في الانتخابات المحليّة

11 مارس 2014
الانتخابات قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية
+ الخط -

تتبع إدارة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، استراتيجية ناجحة لحصد أكبر قدر من أصوات الناخبين في الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها نهاية الشهر الجاري، وذلك من خلال القيام بعمليات استطلاع لآراء المواطنين لتحديد رؤساء البلديات الناجحين لإعادة ترشيحهم، وغيرهم من الفاشلين لاستبدالهم بآخرين.

أما حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، فيسعى، بدوره، الى استمالة كتلة كبيرة من الناخبين اليمينيين في عدة ولايات عبر تقديم مرشحين ذوي توجهات يمينية، كما هي الحال في مدن أنقرة وهاتاي وبورصا وباليكسير

غير أن الناخب في تركيا لا ينظر إلى توجّه المرشح بقدر ما ينظر إلى صفات هذا المرشح وقدرته على خدمة المدينة على أرض الواقع؛ ولهذا السبب اختار حزب "الشعب الجمهوري"، منصور ياواش، اليميني التوجّه، ليكون مرشحه لرئاسة بلدية العاصمة أنقرة.

من جهته، ارتكب حزب "الحركة القومية" خطأ كبيراً حين رفض استغلال الأحداث الحالية، ولم يقدم مرشحين معروفين لدى الرأي العام في مدن إسطنبول وأنقرة وإزمير، التي تضم عدداً لا يستهان به من الناخبين في عموم تركيا.

فيما يدخل حزب "السلام والديموقراطية" الانتخابات المقبلة، وهو يعوّل الكثير على مرشحيه في حصد الأصوات، لا سيما في البلديات الكبرى.

ويبدو أن الانتخابات البلدية القادمة ستمر بأجواء الانتخابات البرلمانية، وذلك يعود في المقام الأول للأحداث التي شهدتها تركيا في العام الأخير، بدءاً من مفاوضات السلام مع حزب "العمال الكردستاني"، مروراً بأحداث متنزه "جيزي بارك" بإسطنبول، وأخيراً ظهور مزاعم الفساد والرشوة.

غير أن كافة المعطيات تشير إلى أن نصف الناخبين سيعطون أصواتهم للمرشح الكفؤ الذي يعدهم بخدمات بلدية أفضل، في الوقت الذي سيدلي فيه النصف الآخر من الناخبين بأصواتهم وفق انتماءاتهم الحزبية وتأثيرات الاستقطاب السياسي المسيطر على الساحة حالياً.

ويركز حزب "العدالة والتنمية" على اللعب بورقة الإنجازات التي حققها والمشروعات التي يتطلع لإنجازها في المستقبل، من أجل حصد أصوات الناخبين، وهو ما يبدو إستراتيجية ناجحة لمواصلة مشواره على رأس هرم السلطة في تركيا.

ونظراً الى الخلاف القائم بين الحزب وجماعة فتح الله غولن، فإن قاعدة الحزب من الناخبين لن تتأثر كثيراً بسحب الجماعة وأنصارها دعمهم لمرشحيه في الانتخابات؛ ذلك لأن غولن لا يمثل سوى جماعة واحدة من العديد من الجماعات الإسلامية التي أكدت دعمها للحزب ورئيسه رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقبلة.

ويبدو أن نتيجة الانتخابات البلدية القادمة، ونصيب كل حزب من أصوات الناخبين غير متوقعة حتى اللحظة. والسبب في ذلك أن تركيا تستيقظ كل يوم تقريباً على أحداث وتطورات جديدة من شأنها تغيير معطيات الانتخابات وقلبها رأساً على عقب.

مع ذلك، يمكن إجراء عملية تقييم عام لأداء الأحزاب المتنافسة في الانتخابات حتى الآن، ويلحظ أن أداءها جميعاً هزيل بكل المقاييس؛ فالحزب الحاكم لا يتورّع عن الحديث عن القضايا المتعلقة بالأحداث التي تواجهه، ولا يولي الاهتمام الكافي لسرد نجاحاته ووعوده المستقبلية.

فيما تعجز أحزاب المعارضة عن استغلال العديد من الحوادث الاجتماعية المحرِجة للحكومة، ولهذا فهي لا تدير دعايتها الانتخابية كما يجب.

ويتوقع المراقبون أن الانتخابات البلدية القادمة لن يخرج منها حزب منتصر بفارق كبير من الأصوات؛ وقد تتسارع وتيرة تغيير هيكلية الأحزاب بعد هذه الانتخابات، خصوصاً في الولايات المركزية، وقد تساهم الانتخابات في نشوء وصعود أحزاب جديدة في ظل الاحتقان السياسي وعدم تقديم أحزاب المعارضة ما يرضي جمهورها، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم وجود حزب مركزي جديد بل سيؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف هذه الأحزاب جميعها، بما فيها حزب "العدالة والتنمية".

المساهمون