100 يوم من اعتصام صحافيي "التحرير" المصرية... تجربة أثبتت فعالية التكاتف

29 ديسمبر 2019
الكشف عن عدد من حالات الفساد (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
رصدت ورقة بحثية صادرة عن "المرصد المصري للصحافة والإعلام" (منظمة مجتمع مدني مصرية)، اليوم الأحد، تفاصيل وكواليس اعتصام صحافيي صحيفة وموقع "التحرير" بعد مرور 100 يوم على بدء الاعتصام، الذي بدأ في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2019.

وأعلن العشرات من الصحافيين العاملين بصحيفة "التحرير"، في ذلك التاريخ، الدخول في اعتصام مفتوح ضد قرارات رئيس مجلس الإدارة ومالك الصحيفة أكمل قرطام، المتمثلة بخفض رواتب الصحافيين العاملين فيها إلى الحد التأميني 900 جنيه، والعمل بالحد الأقصى لساعات العمل، وهو 8 ساعات يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع.

الاعتصام الحالي الذي دخل يومه الـ100، مرّ بعدد من المنعطفات، بدأت بحالة من التضامن الواسع بين جموع الصحافيين، حين قام عدد من الصحافيين الناشطين من شتى المؤسسات الصحافية، والمدافعين عن حقوق الإنسان، بعدد من الزيارات الدورية التضامنية لمقر الاعتصام، مروراً بموقف نقابة الصحافيين الداعم للاعتصام ومطالب المعتصمين، نهاية بإعلان المعتصمين مخاطبتهم العديد من الجهات الرسمية في الدولة، منها مجلس النواب الذي أرسلوا إليه خطاباً يحوي تفاصيل الأزمة ومطالبهم، على أمل تدخُّل المجلس لحل الأزمة.

ويستمر الصحافيون في الاعتصام دون الوصول إلى قرار مرضٍ لهم، وهو ما يمدّ في عمر الأزمة التي لا تبدو أنها ستنتهي قريباً، على الرغم من ظهور بصيص من الأمل، يوم الجمعة الموافق 20 سبتمبر/ أيلول 2019، حين توسط نقيب الصحافيين ضياء رشوان لحل الأزمة، وأعلن عقد جلسة تفاوض بين ممثلي المعتصمين وإدارة الصحيفة، داخل مقر النقابة، يوم الأحد الموافق 21 سبتمبر/ أيلول، بحضور ممثلين من النقابة، ولكن على عكس المسار، انطفأ سريعاً بصيص الأمل وتجاهلت إدارة الصحيفة دعوى النقابة، وأرسل مالكها مجموعة من الحرس الشخصي (5) للاعتداء على الاعتصام وتحطيم اللافتات، أتبعها بقرار فصل لعدد من الصحافيين والعاملين في الصحيفة، على خلفية تضامنهم مع الاعتصام.


ولفتت الورقة إلى أنه منذ إعلان مجلس الإدارة القرار الذي سبّب الاعتصام، لم يُظهر أي تعاون أو بوادر حُسن نية لحل الأزمة الراهنة، وتعامل معها باستخدام عدد من السياسات التصعيدية، بداية من سياسة التجاهل التي ظهرت في تجاهل الاعتصام وتجاهل مطالب المعتصمين، وتجاهل دعوى نقابة الصحافيين وتوسطها لحل الأزمة، مروراً باستخدام سياسة الترصُّد والمنع من العمل، عندما ترصدت الإدارة بالصحافيين المتضامنين مع زملائهم.

كذلك أغلقت إدارة "التحرير"، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، الحسابات الخاصة بالعمل التي يستخدمها الصحافيون لأداء عملهم، ونقلت في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عدداً من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالصحافيين المعتصمين من مقر الصحيفة إلى مكان مجهول.

وتوصلت الورقة إلى أنه "يندرج الاعتصام تحت مظلة الحق في التجمع السلمي الذي يكفل تجمّع المواطنين بأي مكان عمومي للمطالبة بحقوقهم أو الدفاع عن قضاياهم أو التعبير عن رأيهم، وقد أقرته كل المواثيق والدساتير في العالم، ولا يجوز وضع أي قيود على ممارسته أو تقويضه لأنه الآلية الأساسية للتعبير والمشاركة في المجتمع". وقد كفلت المادة الـ73 من الدستور المصري للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاح من أي نوع، بإخطار على النحو الذي ينظمه القانون.

وأشارت الورقة إلى أنّ "هذه التجربة أفرزت عدداً من المواقف المهمة التي يجب التوقف عندها، فلقد أظهرت قدرة الصحافيين على المقاومة وتمسكهم بالحد الأدنى لحقوقهم، فلقد اتخذ عدد كبير من الصحافيين من شتى المؤسسات الصحافية، موقفاً تضامنياً للمعتصمين، تحت غطاء النقابة التي دعمت الاعتصام بقوة، وهو ما يعبّر عن وحدة الموقف ووحدة الهدف بين الجماعة الصحافية". وقام المعتصمون بـ"التخطيط الجيد لاعتصامهم، وتمسكوا بحقوقهم الشرعية، وقاموا بإثبات كل حالات الانتهاكات عبْر المسار القانوني من محاضر إثبات الحالة وتقديم الشكاوى لمكتب العمل ومخاطبة مجلس النواب".

وتابعت: "خلال الاعتصام، اتسعت المطالب وتحولت من مطلب فردي إلى مطلب جماعي يخصّ مهنة الصحافة ويدفع نحو تطورها وتنقيحها من المعيبات، حيث تم الكشف عن عدد من الادعاءات تخص عدداً من القضايا التي تمتلئ بها المؤسسات الصحافية، وتم كشف الغبار عن عدد من حالات الفساد وإهدار أموال المؤسسات في أمور لا تمتّ إلى المهنة أو مصلحتها بصلة، وهو ما يستدعي من الجهات المعنية فتح التحقيقات في تلك الادعاءات وإثبات مدى صحتها من عدمها".
المساهمون