اضطرابات ليبيا تعصف بإيرادات النفط والحديد والخدمات

10 فبراير 2015
الصراع المسلح يضرب قطاعات اقتصادية ومعيشية في ليبيا(فرانس برس)
+ الخط -
بات الاقتصاد الليبي على حافة الإفلاس في ظل تصاعد الصراع المسلح بين الفرقاء من ناحية وتهاوي أسعار النفط عالمياً من ناحية أخرى، ما أثر سلباً على القطاع النفطي الذي يشكل 95% من إيرادات البلاد، في ظل تحذيرات تقارير دولية من إفلاس ليبيا ونفاد الاحتياطي النقدي الاجنبي خلال 4 سنوات، في حال استمرار الاضطرابات الأمنية والسياسية.
وتزامنت تقارير ليبية محلية ودولية حديثة عن تدهور أداء عدة قطاعات، منها النفط والحديد والصلب والخدمات، مع تحذيرات أطلقتها هذا الأسبوع أميركا وخمس دول حليفة (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا) من احتمال أن تواجه ليبيا الإفلاس في حال استمر تراجع أسعار النفط، والاضطرابات الأمنية في البلاد الذي أثر سلباً على معدلات إنتاج وتصدير النفط.
وتعاني ليبيا صراعاً مسلّحاً في أكثر من مدينة، بين كتائب مسلحة تتقاتل لبسط السيطرة، زادت حدته أخيراً.
وقال البيان "لا نزال قلقين جداً إزاء العواقب الاقتصادية للأزمة السياسية والأمنية على ازدهار ليبيا في المستقبل"، مضيفاً أنه "في ضوء تراجع أسعار النفط وضعف الإنتاج، تواجه ليبيا عجزاً في الموازنة من الممكن أن يستهلك كل مواردها المالية إذا لم يستقرّ الوضع".

تدهور النفط

حسب تقارير حكومية، حصل القطاع النفطي على نصيب الأسد من الآثار السلبية المترتبة على الاضطرابات الأمنية، فبعد أن كانت ليبيا تنتج أكثر من مليون ونصف مليون برميل يومياً قبل الثورة على نظام معمر القذافي في عام 2011، تدهور الإنتاج في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى حوالى 350 ألف برميل أي إلى ثلث إنتاجها.
وقال عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس، أحمد أبولسين، لـ "العربي الجديد"، إن أحد أبرز أسباب تدهور اقتصاد البلاد، عدم وجود خطوات جريئة بشأن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، رغم تدهور الأوضاع الأمنية وتراجع إنتاج النفط، مشيراً إلى عدد من الإجراءات التي يجب أن تتخذ ومنها تجميد سعر صرف الدينار لفترة زمنية محددة والفصل بين السياستين المالية والنقدية مع ضبط السياسات النقدية بشكل كبير وتقليص زيادات الأجور التي طرأت على بعض الوزارات خلال العامين الماضيين.

واقترح أبولسين ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني تضم أربع وزارات، الدفاع والأمن والخارجية والاقتصاد، لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الليبي.

تآكل الاحتياطي

وترتب على تدهور أسعار النفط وتراجع إنتاجه محلياً، تآكل احتياطيات ليبيا من العملة الصعبة بفعل الانكماش الاقتصادي في ليبيا.
وكان البنك الدولي، قد ذكر في تقرير سابق، أن احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي ستنفذ خلال 4 سنوات في حال استمرار الاضطرابات السياسية في البلاد.
وأكد الناطق الرسمي باسم مصرف ليبيا المركزي مصباح العكازي، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، أن احتياطيات مصرف ليبيا المركزي انخفضت إلى 95 مليار دولار أميركي من 100 مليار دولار نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وقال إن الإيرادات من النفط ستنخفض إلى 7 مليارات دولار وأن العجز في الموازنة للعام الحالي "دين عام غير مقنن".
وتتوزع احتياطيات مصرف ليبيا المركزي على غطاء العملة بـ 15 مليار دولار و13 مليار دولار مجنب، والباقي موزع على حسابات جارية خارجية منها 4.5 مليارات دولار وأذونات خزانة بـ3.4 مليارات دولار، بالإضافة إلى أذونات خزانة أجنبية وسندات وودائع. وتتمتع ليبيا بأكبر مخزون للنفط في أفريقيا، وتعتمد على إيراداته في تمويل خزانة الدولة.
وأكد أبولسين أنه بافتراض وصول سعر برميل النفط إلى 65 دولاراً للبرميل (خام برنت) في المتوسط خلال عام 2015 مع استمرار إنتاج ليبيا من النفط عند 400 ألف برميل يومياً، فإن عجز الموازنة خلال العام الجاري سيرتفع إلى 31% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك من 11% في عام 2014.
وكان المصرف المركزي الليبي قد دعا الأجهزة التشريعية والتنفيذية إلى اتخاذ إجراءات تقشفية سريعة، من أجل التخفيف من العجز الذي طال موازنة العام الماضي، كما يتوقع ارتفاع العجز لعام 2015، إلى نحو 45 مليار دينار.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون ليبيا الأعلى في تسجيل العجز في الموازنة بالدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، ليصل إلى 37.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 بسبب تراجع أسعار النفط.
وبلغت مصروفات (النفقات) الدولة خلال العام الماضي، نحو 46 مليار دينار ليبي ، فيما بلغت الإيرادات نحو 20.9 مليار دينار بعجز في الموازنة العامة بلغ نحو 25.1 مليار دينار، وفقاً للحسابات الختامية للدولة، وبذلك تصل النفقات إلى 120 % من الإيرادات، وتبدأ السنة المالية في ليبيا مطلع يناير/ كانون الثاني من كل عام.

وهربت الكثير من رؤوس الأموال والمدخرات إلى خارج البلاد، بحثاً عن مناخ آمن بعد أن صارت ليبيا غير آمنة حتى داخل المصارف.

خسائر الخدمات والحديد

تجاوزت خسائر قطاع الخدمات بما في ذلك الإنشاءات والنقل والأنشطة العقارية والتجارية، 5 مليارات دينار ليبي بنهاية العام الماضي.
ويساهم قطاع الخدمات بنحو 40% من الناتج المحلي غير النفطي، وهو من المجالات الأكثر تضرراً جراء الاضطرابات الأمنية، وحسب تقارير رسمية " يُقدّر انكماش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بما لا يقل عن 20% بنهاية عام 2014 بالمقارنة بمعدل انكماش قدّر بـ 9.4% بنهاية عام 2013".
وخفضت الشركة الليبية للحديد والصلب، المملوكة للدولة، إنتاجها منذ بداية العام الحالي 2015 إلى 33% من طاقتها الإنتاجية بسبب نقص كميات الغاز القادمة من شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز.
ويصل إنتاج الشركة إلى 1.7 مليون طن حديد من سبعة منتجات مختلفة أهمها حديد التسليح.
وكانت الشركة تحقق أرباحاً تبلغ 600 مليون دولار سنوياً، ولكنها لم تحقق أرباحاً خلال العام الماضي، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية.
وتعتبر الشركة الليبية للحديد والصلب من أكبر الشركات الصناعية بليبيا، وتقع على مساحة قدرها 1.200 هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع)، ويصل رأس مالها إلى 2 مليار دينار، بالقرب من مدينة مصراتة، على بعد 210 كيلومترات إلى الشرق من مدينة طرابلس.
كما تراجع إنتاج البلاد من الحبوب العام الماضي حيث لم يتجاوز إنتاج محصولي القمح والشعير 150 ألف طن، بينما كانت التوقعات تشير إلى إنتاج نحو 250 ألف طن.
المساهمون