اشتباكات مسلّحة في أوكرانيا وترقّب صدام غربي ـ روسي

اشتباكات مسلّحة في أوكرانيا وترقّب صدام غربي ـ روسي

19 فبراير 2014
+ الخط -
دخلت الأزمة الأوكرانية نفقاً مجهولاً بعدما سجلت، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، تصعيداً دراماتيكياً تمثل في اشتباكات بين الشرطة والمحتجين، أعقبه هجوم مباغت شنته القوات الحكومية، فجر اليوم، على مقرّ للاحتجاجات وسط العاصمة كييف، أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى.
تطورات الأزمة لم تقف عند أبواب أوكرانيا، فقد سارع المتخاصمان فيها إلى ارسال التهديدات؛ روسيا اعتبرت الاحتجاجات محاولة للانقلاب، مهدّدةً باستخدام كل نفوذها لحماية النظام الحليف لها، فيما لوّحت واشنطن والاتحاد الأوروبي بالعقوبات ضد الحكومة الأوكرانية. في وقت يرتقب فيه أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم في بروكسل لبحث الأزمة.

وقتل 25 شخصاً في مواجهات بين الشرطة والمحتجين ضد الحكومة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر في وزارة الصحة القول إن 25 شخصاً لقوا حتفهم وسط تصعيد سبقته دعوة المعارضة إلى الكفاح المسلح.

وشنّت قوات مكافحة الشغب الأوكرانية هجوماً واسعاً على ساحة الميدان التي يحتلها المتظاهرون منذ ثلاثة أشهر، حيث ألقت عليهم وابلاً من القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، ما أدى إلى اشتعال النيران في الخيم المنصوبة بالميدان.

وكانت كييف شهدت، أمس الثلاثاء، اشتباكات بين المحتجين المناوئين للحكومة والشرطة أسفرت عن مقتل عشرين، بينهم سبعة من رجال الشرطة أصيبوا بأعيرة نارية.

وذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن زعيم المعارضة فيتالي كليتشكو انسحب من المحادثات مع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، دون التوصل إلى أي اتفاق حول كيفية إنهاء العنف في العاصمة. ونقلت تقارير صحافية عن كليتشكو قوله إنه غادر المحادثات بعدما طالب الرئيس بأن يُخلي المحتجون المناهضون للحكومة ميدان الاستقلال دون شروط.

وكانت الاحتجاجات اندلعت في أوكرانيا إثر عدول الرئيس عن توقيع اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لصالح التقارب مع روسيا، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى ومئات الجرحى نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

واعتبرت السلطات الأوكرانية أن حربها هي ضد "الإرهابيين"، وأعلنت أجهزتها الأمنية "إطلاق عملية لمكافحة الإرهاب في سائر أرجاء البلاد ضد مجموعات متطرفة مسؤولة عن تجدّد أعمال العنف"، التي أسفرت عن سقوط 25 قتيلاً في كييف، وقالت: "إن المجموعات المتطرفة والراديكالية تهدد بتحركاتها حياة ملايين الأوكرانيين".

وأضافت: "في هذا الظرف، قرّر جهاز الأمن ومركز مكافحة الإرهاب في أوكرانيا، اليوم الأربعاء، شنّ عملية لمكافحة الإرهاب على الأراضي الأوكرانية". وتابعت: "نشهد اليوم استخدام القوة بصورة متعمّدة إزاء أهداف محددة، من خلال إشعال الحرائق والقتل واحتجاز الرهائن وترهيب السكان لأغراض إجرامية. كل هذا باستخدام أسلحة نارية".

بدوره، حذر الرئيس الأوكراني معارضيه من أنه قد ينشر قوات الجيش لمواجهتهم بعد محاولة "الاستيلاء على السلطة بوسائل الحرق العمد والقتل". وأوضح أنه امتنع عن اللجوء الى العنف منذ بداية الاضطرابات وأنه عرض دوماً إجراء حوار وربما انتخابات، لكنه قال إنه يتعرّض لضغوط من مستشاريه لاتخاذ خط أكثر تشدداً.

ودخلت روسيا على الأزمة الأوكرانية، وهي أصلاً طرف فيها، حيث وصفت وزارة الخارجية الاحتجاجات في أوكرانيا بأنها "محاولة انقلاب"، وطالبت زعماء المعارضة الأوكرانية "بوقف إراقة الدماء" في كييف، معتبرة أن موسكو ستستخدم "كل نفوذها" لإعادة الهدوء والسلام "لصديقتها وشقيقتها" أوكرانيا.

وأضافت الوزارة في بيان أن "الجانب الروسي يطالب زعماء (المعارضة) بوقف إراقة الدماء في بلادهم وأن يستأنفوا فوراً الحوار مع السلطات الشرعية دون تهديدات أو مُهل".

 أما واشنطن، فقد لوّحت مع الاتحاد الأوروبي بالعقوبات ضد الحكومة الأوكرانية، حيث أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يجريان مشاورات بشأن التطورات المتسارعة في أوكرانيا. وأضاف أن واشنطن وبروكسل تعتقدان أن الأحداث الأخيرة التي جرت "غير مقبولة" وأنهما تتشاوران بشأن "تحميل أفراد مسؤولية العنف في كييف".

وفي بروكسل، أكد رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحثون فرض "عقوبات مالية على أوكرانيا بالإضافة إلى فرض قيود حركة داخل أوروبا" على القيادة السياسية في أوكرانيا وذلك خلال لقائهم الطارئ يوم غد الخميس، فيما هدّد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بفرض عقوبات على "أولئك الذين يقفون وراء أعمال العنف الدموية بين المحتجين ضد الحكومة الاوكرانية والشرطة في أوكرانيا".

من جهتها، طالبت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، بالهدوء في أوكرانيا، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقلّ بشأن ضحايا الاشتباكات بين قوات الشرطة والمحتجين. وقالت: "أدين بأشد العبارات عمليات القتل وأحثّ الحكومة والمحتجين على العمل على نزع فتيل التوتر والعمل على حل سلمي".

المساهمون