استقالة الثني مناورة أم سقوط؟

30 اغسطس 2014
اتُهمت حكومة الثني بعرقلة الحوار (حازم تركية/الأناضول/Getty)
+ الخط -
أثار تقديم رئيس حكومة تسيير الأعمال الليبية عبد الله الثني، استقالته من منصبه أول من أمس الخميس لمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرقي ليبيا، ردود أفعال عدة على المستوى المحلي لجهة تقييم الاستقالة.

ويرى محللون أن حكومة الثني فشلت في إدارة الملفات المحلية منذ توليها السلطة، خصوصاً في مجالي الأمن والخدمات، وكذلك لم تستطع تقديم ليبيا بوجه دبلوماسي دولي يليق بها، بعد ثورة السابع عشر من فبراير/شباط 2011.

كما تعرّضت لهزات عنيفة بسبب استقالات بعض وزرائها، بل اتُهِم البعض الآخر بالتحيّز لطرف سياسي، هو حزب "تحالف القوى الوطنية" والتيار الفيدرالي، الداعمين لـ"عملية الكرامة" في بنغازي والمؤيدين لمليشيات "الصواعق" و"القعقاع" و"المدني" في طرابلس، ضد قوات "فجر ليبيا" في العاصمة الليبية و"مجلس شورى الثوار" في بنغازي.

ويتحدث البعض عن دخول الحكومة كطرف معرقل للدعوة إلى الحوار الوطني، التي تبنّاها ودعا إليها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا طارق متري. وأعلنت الحكومة في بيان لها أن دعوة الحوار لم تصلها ولم تكن على علم بها، فيما يعلم الثني ومن ورائه، أن الحكومة ليست طرفاً في الحوار، الذي هو أساساً بين أطراف سياسية متمثّلة في حزبي "تحالف القوى الوطنية" الذي يمثل التيار الليبرالي في ليبيا، وحزب "العدالة والبناء" الممثل لتيار الإسلام السياسي، إلا أن الحكومة وبحسب وجهة النظر هذه، آثرت أن تنضم لحلف رفض الحوار، الذي تزعّمه رئيس "تحالف القوى الوطنية" محمود جبريل.

ويشير محللون إلى المواقف السلبية لحكومة الثني أخيراً من العمليات العسكرية في طرابلس وبنغازي، فهي لم تندد ولو ببيان واحد بما قام به اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمحاولته الدخول بمليشياته إلى بنغازي، في السادس عشر من مايو/أيار الماضي، بحجة "القضاء على قواعد الإرهاب والتطرف فيها"، وقصف بنغازي ودرنة بطائرات حربية تابعة للدولة رغم كونه متقاعداً.

وبحسب وجهة النظر تلك، فقد اهتمت حكومة الثني بالعاصمة الليبية طرابلس فقط بعد اندلاع الاشتباكات بين قوات "فجر ليبيا" و"الصواعق" و"القعقاع" و"المدني"، الذراع المسلّح لحزب "تحالف القوى الوطنية"، بل وحاولت استجلاب التدخل الأجنبي لا لوقف الاقتتال وتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي الداخلي، بل للوقوف إلى جانب مليشيات "تحالف القوى الوطنية"، ووصل الأمر ببعض المحللين إلى اتهام الثني بالعلم المسبق بما قامت به مصر والإمارات من توجيه ضربة عسكرية جوية استهدفت عدة مواقع لقوات "فجر ليبيا" في العاصمة طرابلس.

ويلفت المحللون إلى أن مجلس النواب الحالي المنعقد في طبرق، والذي يعاني هو الآخر أزمة دستورية قد تعصف به الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية في حال حكمها بعدم دستورية إجراءات التسليم والتسلّم بينه وبين "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق)، ضغط على الثني أو طلب منه تقديم استقالته للمجلس مقابل وعده بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك نتيجة الإخفاقات العديدة المحلية والخارجية، وأظهرت الاستقالات الحكومة أمام الرأي العام المحلي والدولي في حالة شلل وعجز، ولا قدرة لديها على الاستمرار بثلاثة أو أربعة وزراء فقط.

في المقابل، يرى متابعون للشأن السياسي الليبي أن استقالة حكومة تسيير الأعمال ما هي إلا مناورة قام بها الثني، تحديداً، بعد عودة "المؤتمر"، الذي قد يتقاسم السلطة التشريعية مع مجلس نواب طبرق، بل وتكليفه لعمر الحاسي من بنغازي بتشكيل حكومة أزمة خلال أيام.

ويضيف هؤلاء أن الثني اتجه لهذه الخطوة بعد أن بدأت حكومته تفقد قدرتها على الحركة والفعل التنفيذي داخلياً، وعدم قدرتها على إقناع الرأي العام الدولي، بل أن بعض الدول تراها طرفاً من أطراف الصراع السياسي والاقتتال الداخلي. كما أن الاستقالة جاءت بعد تعرّض الحكومة لأزمة شرعية عصفت بها إثر استقالة عدد من الوزراء منها، فآثر حينها الثني تقديم استقالته، حتى يكلفه مجلس النواب المنعقد في طبرق بتكليف حكومة جديدة تتمتع بشرعية المجلس المنعقد في طبرق أمام مؤيديه خاصة في الشرق الليبي.

ويعتقد المراقبون أن قائمة حكومة الثني جاهزة في مكاتب المتنفذين في مجلس النواب في طبرق، وهما حزب "تحالف القوى الوطنية" الذي يهمين على أعمال المجلس وأنصار التيار الفيدرالي ذوي الصلات القوية بنظام انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 في القاهرة.