اتفاق روسي- إيراني يتحدى العقوبات: النفط مقابل البضائع

اتفاق روسي- إيراني يتحدى العقوبات: النفط مقابل البضائع

06 اغسطس 2014
تفعيل العلاقات التجارية ردّاً على العقوبات(سرغي كاربوخين/فرانس برس/getty)
+ الخط -

بدأت محادثات على مستوى وزراء الخارجية الروسية والايرانية لبحث العلاقات الاقتصادية، منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي، وجرت اتصالات بين وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، لبحث أفق زيارة روسية إلى إيران تهدف إلى توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية.

وذكرت صحيفة "كومرسانت" الروسية في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، أن البلدين يتفاوضان بشأن اتفاق سيسمح لروسيا باستيراد 500 ألف برميل من النفط في اليوم من ايران مقابل توريد البضائع.

هذه المفاوضات الروسية -الإيرانية ترجمت على أرض الواقع أخيراً، بتوقيع مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين، وقد أعلنت وزارة الطاقة الروسية، أن روسيا وإيران وقعتا مذكرة تفاهم مدتها 5 سنوات لتوسيع التعاون التجاري الاقتصادي بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال الطاقة.

النفط مقابل البضائع

وذكر المكتب الإعلامي في وزارة الطاقة الروسية أن التعاون الثنائي يشمل قطاعات متعددة في مقدمها تشييد وإعادة إعمار مواقع توليد الطاقة الكهربائية، وتطوير البنى التحتية للشبكات الكهربائية، وقطاع النفط والغاز، إضافة الى التعاون في توريد الآليات والمعدات والسلع الاستهلاكية والمنتجات الزراعية.

يشار إلى أنه من المقرر، يومي 9 و10 سبتمبر/أيلول المقبل، انعقاد اجتماع اللجنة الحكومية الروسية الإيرانية المشتركة للتعاون التجاري الاقتصادي في طهران، سيتم خلاله بحث الخطوات العملية لتنفيذ الخطط الرامية الى تطوير التجارة بين البلدين.

وكانت أوساط الأعمال في كل من روسيا وإيران قد أطلقت على التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي بين البلدين تسمية "النفط مقابل البضائع"، علما أن ذلك يقتضي شراء روسيا للنفط الإيراني من جهة، واقتناء إيران ما تحتاج إليه من بضائع تجارية من روسيا من جهة أخرى.

هذا ويعزو المحللون سعي موسكو إلى التفاهم مع طهران بشأن التعاون المذكور إلى تشديد العقوبات التي فرضها الغرب ضد روسيا على خلفية الأوضاع في أوكرانيا، هذا وقد أشار الباحث، نيكولاي كوزهانوف، هو خبير في معهد الشرق الأوسط في موسكو، شغل منصب ملحق في السفارة الروسية في طهران في الفترة 2006 – 2009، إن روسيا تتعامل مع ايران وفق التغيرات الجيو سياسية، وتلعب واشنطن دوراً بارزاً في تحريك العلاقات، فكلما ضغطت واشطن على روسيا، سترد الاخيرة بتوثيق العلاقات خاصة التجارية مع ايران.

العقوبات الغربية

فرضت الولايات المتحدة الأميركية حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا بسبب تدخلها في الشأن الاوكراني، وتستهدف العقوبات الأميركية "قطاعات رئيسية في الاقتصاد الروسي، حيث تحظر تصدير سلع ومعدات تكنولوجية محددة إلى قطاع الطاقة وتوسع العقوبات لتشمل المزيد من البنوك، وشركات تصنيع المعدات العسكرية.

وفرض الاتحاد الأوروبي القيود على أسواق رأس المال لـ 5 مؤسسات مالية حكومية وهي سبيربنك و في تي بي، وغازبروم بنك، وفنيش ايكونوم بنك، وروس سيلخوز بنك. كما تم حظر عقود بيع وشراء الأسلحة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، بالإضافة إلى التكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج.

موجة العقوبات الجديدة التي فرضها الغرب ضد روسيا، استوجبت من الروس الرد في اتجاهين، أولاً أوقفت استيراد بعض السلع الاساسية من بعض الدول الاوروبية، وهددت بوقف تصدير الغاز الى القارة العجوز، وثانياً، بدأت بفتح صفحة جديدة مع حلفائها في دول البريكس وإنشاء مصرف جديد على غرار صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وتوسيع التبادل التجاري مع عدد من الدول أبرزها ايران، والاتفاق الاخير حول تصدير النفط الايراني مقابل البضائع الروسية خير دليل على الرد الروسي ضد العقوبات المفروضة عليها.

العلاقات الإيرانية-الروسية

مرت العلاقات الايرانية-الروسية بمراحل عديدة خلال العقدين الماضيين، ولعل موقف روسيا عقب اصدار مجلس الأمن قراره باتخاذ عقوبات شديدة على إيران في عام 2010، ورفض روسيا إنجاز عقد يقضي بتوريد أنظمة صورايخ مضادة للطيران من طراز إس - 300، وإلغاء الاتفاق الذي اتخذ قراره الرئيس في حينه، ديمتري مدفيدف، مفاجئاً في كل من روسيا وخارجها، وردّاً على ذلك، رفعت إيران قضية بأربعة مليارات دولار ضد شركة تصدير السلاح (روزبورون) في محكمة في جنيف، وبالرغم من موقف الروس آنذاك، فإن العلاقات التجارية بين البلدين تدل على حاجة روسيا الى الشراكة الايرانية، ففي عام 2012، بلغ معدل الميزان التجاري بين البلدين 3.65 مليار دولار، تشكّل 3.4 مليار دولار منها حجم الصادرات الروسية للسوق الإيرانية، مقابل 0.6 في المئة فقط هي حجم الصادرات الإيرانية، ما يعني أن روسيا تحتاج بالفعل للشراكة الإيرانية، فكيف الحال اليوم وهي على أبواب عقوبات غربية؟

بحسب الباحث نيكولاي كوزهانوف، فإن روسيا تستخدم الاقتصاد كسلاح في سياساتها الخارجية، وأوضح في بحثه"علاقات روسيا مع إيران، حوار من دون التزامات"، الذي نشر في معهد واشنطن للدراسات، مدى العلاقة التي تربط الرئيس الروسي بالنخبة الاقتصادية، وقال: يتمتع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وإدارته بعلاقات وطيدة مع كبرى الشركات الروسية الحكومية وشبه الحكومية، تصل إلى درجة أن التعويل على المصالح الاقتصادية لهذه الشركات قد أصبح أحد أهم الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية الروسية، تعتبر إيران مثالاً واضحاً على هذا التوجه، مشيراً الى الطريقة الروسية الواقعية لحساب التكاليف والأرباح حيال السياسة الخارجية بالغة الأهمية.

وأوضح الكاتب أن تبدل العلاقات مع الغرب يرسم أفق العلاقات مع ايران، واعتبر انه في حال بدأ الغرب في إثارة موسكو من خلال أنشطة تهدد الأمن القومي والمصالح الاقتصادية الروسية، فإن العلاقات نحو ايران تزدهر، موضحاً أن أي أنشطة أمريكية تراها روسيا بأنها تمثل تهديداً على أمنها القومي سوف تُسفر عن اتخاذ تدابير انتقامية صارمة من موسكو، بما في ذلك تعزيز الاتصالات مع طهران. وقد اتضح ذلك من خلال العقوبات الغربية ضد روسيا، حيث عززت الأخيرة علاقاتها بإيران والاتفاق على ابرام معاهدات دولية بين البلدين في ما يخص التبادل التجاري.

المساهمون