إيبولا يُربك أوروبا

10 أكتوبر 2014
عُقِدت طاولة مستديرة في واشنطن تناولت تفشّي وباء إيبولا(Getty)
+ الخط -
يُعتبر الخميس، التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، اليوم الذي أربك فيه فيروس "إيبولا" أوروبا. فقد تسارعت وتيرة المخاوف الأوروبيّة من الوباء الذي أودى بحياة نحو أربعة آلاف شخص في غرب أفريقيا، وذلك في أخطر تفشٍّ له.


فقد أُعلِن، الخميس، عن وفاة رجل بريطاني ظهرت عليه أعراض إيبولا في مقدونيا. وقالت السلطات إنها أغلقت فندقاً كان يقيم فيه، ما أبقى بريطانياً آخر وموظفي الفندق في الداخل.

وقالت المسؤولة في لجنة وزارة الصحة للأمراض المعدية، جوفانكا كوستوفسكا، إن الرجل وصل إلى العاصمة سكوبيه آتياً من بريطانيا في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وقد نُقِل إلى المستشفى مساء الخميس، حيث توفي بعد بضع ساعات. 

أضافت أن الرجل كان يعاني من الحمّى والتقيّؤ ومن نزيف داخلي، وقد تدهورت حالته سريعاً. وتابعت، في مؤتمر صحافي، أن "هذه كلها أعراض إيبولا. وهو ما يثير الشكوك بشأن المريض". مشيرة إلى أن عيّنات أرسلت إلى ألمانيا للتأكد من سبب الوفاة.

وفي العاصمة التشيكيّة، أعلن متحدّث باسم إحدى مستشفيات براغ، الخميس، أن المستشفى تُجري فحوصاً لشخص تشيكي (56 عاماً) ظهرت عليه أعراض الإصابة بفيروس إيبولا. أضاف أن الرجل الذي زار ليبيريا في الآونة الأخيرة، جرى عزله داخل مستشفى بولوفكا في العاصمة التشيكيّة، وأن فحوصاً طبيّة أجريَت له وأرسلت إلى مختبر في برلين. وتابع المتحدث أن من المتوقّع ظهور نتائج الفحوص اليوم، الجمعة.


حالة الإسبانيّة تتدهور

من جهة أخرى، ما زالت إصابة الممرضة الإسبانيّة بإبيولا تُحظى بالاهتمام. فقد أُعلِن، الخميس أيضاً، عن تدهور حالتها الصحيّة، في حين جرى عزل أربعة أشخاص آخرين في مدريد. إلى ذلك، رفضت الحكومة الإسبانيّة اتهامات تقول بأن أساليبها في التعامل مع المرض ليست كافية، ملقيةً اللوم على الخطأ البشري.

والممرضة تريزا روميرو (44 عاماً)، هي أوّل شخص يثبت أنه أصيب بالفيروس خارج أفريقيا، بعدما انتقلت إليها العدوى من واحد من رجلَي دين إسبانيَّين أعيدا إلى الوطن من أفريقيا مصابَين بالمرض.

وكان سبعة أشخاص قد وُضعوا في العزل في مدريد، لكن واحداً منهم فقط ثبتت إصابته بفيروس إيبولا، ومن بينهم زوج الممرضة وطبيبان كانا يرعيانها. وسُمِح لثلاثة أشخاص آخرين بمغادرة وحدة العزل، الأربعاء، بعدما جرى التأكد من عدم إصابتهم.

وكشفت المسؤولة في مستشفى كارلوس الثالث، حيث تعالج الممرضة، يولاندا فونتيس، أن "وضعها السريري تدهور. لكن لا يمكنني الإدلاء بمزيد من المعلومات استجابة لرغبة المريضة".

وقال المتحدث باسم الحزب الشعبي الحاكم في مجال الصحة، روبن مورينو، في مقابلة تلفزيونيّة، إنه "من الواضح أن المريضة نفسها أدركت أنها لم تتّبع بدقة القواعد المرعيّة".

وعبّر العاملون الصحيّون، الذين دعت اتحاداتهم إلى استقالة وزيرة الصحة الإسبانيّة آنّا ماتو، عن غضبهم المتزايد من عدم كفاية التدريب والبزات الواقية التي تقدّم إلى موظفي المستشفيات.

وهزّت أنباء الإصابة بفيروس إيبولا في إسبانيا ثقة الأسبان في حكومتهم وفي نظامهم الصحيّ الذي شهد خفضاً شديداً في الإنفاق خلال الأعوام القليلة الماضية، وذلك في إطار إجراءات التقشّف التي اتخذت.

وطلبت المفوضيّة الأوروبيّة من الحكومة الإسبانيّة تفسيراً حول كيفيّة إصابة روميرو بالعدوى في عنبر يخضع لإجراءات أمن مشدّدة. وقد أشار مسؤول سياسي إلى أن روميرو أبلغت طبيباً آخر في المستشفى بأنها لمست وجهها بقفازَيها الواقيَين.


إجراءات في المطارات

ويناقش الاتحاد الأوروبي مسألة تطبيق إجراءات فحص المسافرين في المطارات، وهو ما أمرت به الحكومة الأميركيّة في خمسة مطارات رئيسيّة بعدما توفي، الأربعاء، في الولايات المتحدة أول شخص ثبتت إصابته بإيبولا.


في هذا السياق، أعلنت بريطانيا في وقت سابق، أمس الخميس، عن أنها ستبدأ بفحص المسافرين الوافدين عبر المطارَين الرئيسيَّين في لندن وعبر خطوط سكك "يوروستار" الحديد مع أوروبا، تخوفاً من احتمال وجود إصابات بالفيروس.

وفي الوقت الحالي، يتوجّب على المسافرين في المطارات في أفريقيا ملء استبيانات والخضوع لفحوص للتأكد من عدم ارتفاع درجات حرارة أجسامهم، إذ إن ذلك هو أحد أعراض إيبولا.


إنذار كاذب

وفي فرنسا، أغلقت السلطات، الخميس، مبنىً يقع بالقرب من باريس، بسبب مخاوف من انتقال فيروس إيبولا بعد إصابة أربعة أشخاص في داخله بالصداع والحمى، لكن مسؤولاً محلياً قال، في وقت لاحق، إنه كان إنذاراً كاذباً.

وكانت مصادر في الشرطة ووزارة الداخلية قد قالت، في وقت سابق، إن مبنى الخدمات الاجتماعية أغلق وفي داخله 60 شخصاً، بعد ظهور أعراض مرضيّة على أربعة أشخاص وصلوا إلى فرنسا آتين من غينيا في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. ولم تبلغ فرنسا عن أي حالة إصابة بفيروس إيبولا.


بريطانيا تصنّع أردية واقية

إلى ذلك، من المتوقّع أن ترسل بريطانيا آلاف الأردية الواقية إلى سيراليون، بالإضافة إلى قوات إضافيّة للمساعدة في منع انتشار فيروس إيبولا. ويستخدم هذه الأردية، التي تنتجها شركة مقرّها في هال، جنود وممرّضون وأطباء.

وقال العضو المنتدب لشركة "أركو"، توماس مارتن، إن الحكومة البريطانيّة ضاعفت طلباتها، أمس الخميس، من خمسين ألفاً إلى مئة ألف رداء.

أضاف: "أُبلغنا بنوع الخطر، فكان الرداء واقياً بأربعة مستويات. هو يشبه الملابس المصنوعة من الورق، لكنه في الواقع قطعة متطوّرة للغاية من ملابس العمل والملابس الواقية. هو متعدّد الطبقات، وثمّة نقطة أساسيّة وهي أنها (الأردية) محاكة. إنها ملابس مقصوصة ومحاكة، لذلك غُطّيت كل طبقة بشريط لحماية الناس". ويغطّي الرداء مستخدمه بالكامل، على أن يُتلف بعد استخدامه. وهو يتضمّن قناعاً كاملاً بدلاً من النظارات.

وأوضح مارتن أن "القناع هو ما قرّرنا أن نبدأ به تحديداً. الحكومة كانت تريد استخدام نظارات، لكن إذا استخدمت نظارات فسيتعيّن وضعها باليد. وبذلك يمسّ الرأس. لذا رأينا أن القناع المناسب هو الحيويّ. هو عمليّ ويوفّر الحماية ولا يقترب من الشعر ولا الوجه".


مراكز علاجيّة وتدريب

وفي سيراليون، هناك حالياً نحو أربعين عسكرياً بريطانياً، من بينهم مهندسون ومخططون، يُشرفون على بناء مركز علاجي بالقرب من العاصمة فريتاون.

وسينتقل 750 عسكرياً آخرون إلى سيراليون، الأسبوع المقبل، للمساعدة في إنشاء مراكز علاجيّة ومنشأة تدريب. وسترسل ثلاث طائرات مروحيّة ومستشفى تتبع للبحريّة تستوعب مئة سرير إلى المنطقة أيضاً.

كذلك ترسل كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ومنظمات دوليّة أموالاً وإمدادات وخبراء إلى المناطق التي تفشى فيها الوباء في غرب أفريقيا.



مطالب أميركيّة بالحظر

من جهة أخرى، طلب 26 نائباً من أعضاء مجلس النواب الأميركي من الحكومة حظر دخول الوافدين من دول غرب أفريقيا الموبوءة، إلى حين السيطرة على الفيروس.


ووقّع 23 نائباً جمهورياً وثلاثة نواب ديمقراطيّين في المجلس، رسالة موجهة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، كُشف عنها الخميس، تطلب من وزارة الخارجيّة فرض حظر على السفر وقيود على تأشيرات دخول مواطني كل من غينيا وليبيريا وسيراليون.

وطلب النواب أيضاً، في الرسالة التي جاءت بتاريخ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، من مسؤولي الصحة والحدود بحث فرض حجرٍ صحيٍ على أي شخصٍ آتٍ من الدول التي تفشّى فيها فيروس إيبولا، إلى حين مرور 21 يوماً، وهي الفترة التي يمكن أن تظهر فيها أعراض المرض.

وكُشف النقاب عن الرسالة بعد يوم واحد من وفاة أوّل شخص يجري تشخيص إصابته بإيبولا في الولايات المتحدة، وهو ليبيري سافر من بلاده في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي وتوفي في جناح معزول في مستشفى في دالاس في ولاية تكساس.

وقال النواب إن على أوباما عدم الانتظار حتى تقرّر منظمة الصحة العالميّة للسلطات الأميركيّة كيفيّة التحرّك.

وجاء في الرسالة: "منظمة الصحة العالميّة منظمة من الموظفين غير المنتخبين والمعيّنين بدواعٍ سياسيةٍ، من جانب دول أجنبيّة ليس من واجبها حماية أرواح الأميركيّين ورفاهيّتهم مثلما هو الحال بالنسبة إليك".

وكانت السلطات الأميركيّة قد أعلنت، الأربعاء، عن أنها ستبدأ عمليّة فحص مشدّدة للمسافرين الوافدين من الدول التي تفشّى فيها الفيروس، وذلك في خمسة مطارات رئيسيّة.

المساهمون