إضراب شامل يلف لبنان غداً

01 ابريل 2014
تحرك رمزي سابق لموظفي القطاع العام (GETTY)
+ الخط -
ستكون شوارع لبنان، غداً الأربعاء، مختلفة، فبعدما احتل المسلحون الطرقات بخلافاتهم المذهبية والسياسية، وبعدما فاضت شوارع بيروت بانفجارات قتلت ودمّرت وعبثت بمستقبل اللبنانيين، سيعود الشارع إلى المظاهرات المطلبية والشعارات الاجتماعية. 
ذلك أن عدداً كبيراً من الاتحادات والنقابات والتجمعات العمالية، أعلنت، اليوم الثلاثاء، التزامها الإضراب الذي دعت إليه هيئة التنسيق النقابية، لمطالبة البرلمان بإقرار سلسلة الرتب والرواتب (تصحيح الأجور والرتب الوظيفية في القطاع العام) التي لم يعمل البرلمان على إقرارها منذ العام 2012 برغم استحقاقها اجتماعياً وقانونياً، وبرغم أن السلسلة لم تشهد تصحيحات تشمل كل الموظفين العامين منذ حوالى 18 عاماً. 

بلد معطّل
أعلنت نقابات واتحادات عمالية تمثل آلاف اللبنانيين الالتزام بالإضراب الشامل.
 وحسب مشاركين في الإضراب فإن أكثر من 28.5 ألف أستاذ في المدارس الرسمية، وحوالى 28 ألف أستاذ متعاقد، و15 ألف موظف في الإدارات والوزارات العامة، وأساتذة المدارس الخاصة والآلاف من السلك العسكري، ترتبط مصالحهم مباشرة بسلسلة الرتب والرواتب التي ترفض الهيئات الاقتصادية (تجمع أصحاب العمل) إقرارها، نتيجة رفضها تمويل الإنفاق على تصحيح الأجور من خلال ضرائب تطال المضاربات العقارية والودائع المصرفية والأرباح.
وتضامن مع هؤلاء اتحادات النقل التي تمثل حوالى 60 ألف سائق عمومي.
وتعمدت الهيئات الاقتصادية الضغط على الحكومة والبرلمان لوقف السلسلة، بل طالبت أمس، بدفن مشروع السلسلة. وكانت قد أعلنت خلال الحكومة السابقة وفي معرض تهديدها أن "الهيئات الاقتصادية تطاع ولا تطيع". 
وسلطة الهيئات ليست قادمة من عدم. فهي تضم عدداً كبيراً من الوزراء والنواب، بالإضافة إلى جمعية المصارف التي تمّول العجز المالي للدولة اللبنانية منذ سنوات طويلة. 
يقول عضو هيئة التنسيق النقابية الداعية للإضراب، حنّا غريب لـ"العربي الجديد": "سنطالب وسنقوم بالتحركات كافة للحصول على مطالبنا".
ويشرح أن "البرلمان يماطل في عملية إقرار السلسلة، ويوجد محاولات لتمريرها بشكل مشوّه، بحيث لا تتضمن التصحيحات التي يطالب بها العاملون في القطاع العام، وبحيث يتم التوجه لتقسيط الزيادة التي ستلحق الأجور على سنوات عدة، ما سيؤدي إلى تآكل الزيادة المستحقة بالتضخم السنوي". 
ويشير غريب الى أن "كل المعنيين بالسلسلة يشعرون بظلم كبير، وخصوصاً أن عدداً من الموظفين في القطاع العام ينتسبون إلى أحزاب لبنانية، وهؤلاء يرون كيف أن قيادات أحزابهم تقف ضد مصالحهم".
ورد ممثل الهيئات الاقتصادية في لبنان نقولا شماس في حديث مع "العربي الجديد" على ما قاله عضو هيئة التنسيق النقابية حنا غريب.
وقال: "نحن لا نشن حرباً على العمال، بل أننا مع مطالبهم ولكن في الوقت ذاته لا يمكننا تأييد اقرار سلسلة الرتب والرواتب في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني".
ويضيف شماس: "نحن نرفض كل السلة الضريبية المطروحة لتمويل السلسلة ومنها الضرائب التي تطالنا كأصحاب عمل، لأننا نمر في مرحلة خسائر، وبالتالي فإن زيادة تكلفتنا ستؤدي الى صرف الموظفين من مؤسساتنا".
ولكن، قامت الحكومات بالأنفاق طوال 9 سنوات على عدد كبير من المشاريع بملايين الدولارات ولم يتوقف أي مشروع بحجة التمويل فلم توقيف مشروع السلسلة، أليس السبب أن السلسلة مرتبطة بمصالح أصحاب العمل؟.
يرد شماس على السؤال لافتاً الى أن الهيئات الاقتصادية ترفض كل الانفاق العشوائي الحاصل. ويعتبر أن الهيئات الاقتصادية لا تضغط على أحد سوى بقوة الاقناع. وعن مقولته السابقة بأن الهيئات الاقتصادية تطاع ولا تطيع، يبرر شماس مقولته بأنها تتعلق بعملية الاقناع المنطقي العلمي.

رئيس البرلمان: التهديد لا ينفع
وقد أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اليوم، خلال افتتاح الجلسة البرلمانية، أن "رئاسة المجلس لا تشرع تحت التهديد".
وأعلن أن "ملف سلسلة الرتب والرواتب موجود أمام جلسة اللجان النيابية المشتركة التي ستتابعه مع وزير المال لبحث آلية تمويل النفقات الإضافية التي ستنتج عن زيادة الأجور، مؤكدا أن التهديد لا يساعد في إقرار السلسلة".
إذ يفترض أن تعقد اللجان النيابية المشتركة المؤلفة من لجنة المال والموازنة، والإدارة والعدل، والتربية الوطنية والدفاع الوطني، جلسة مشتركة، بعد ظهر يوم الجمعة المقبل، لمتابعة درس مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، بحسب دعوة وجهها رئيس المجلس. ما يعني أن البرلمان لن يقر السلسلة هذا الأسبوع.  
إلا أن عضو هيئة التنسيق، حنا غريب، يرد عبر "العربي الجديد" مؤكداً أنه لا يوجد تهديد، وإنما قرار بتصعيد التحركات في الشارع في حال عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب في البرلمان. 
ويشرح أن تمويل تصحيح الأجور في القطاع العام، ليس له علاقة بسلسلة الرتب والرواتب، وإنما بعدم إقرار الموازنة العامة للبلاد منذ تسع سنوات.
ويلفت الانتباه إلى أن الحكومات المتعاقبة قامت بالإنفاق على العديد من الأمور من دون إحداث ضجة حول آلية التمويل، ويسأل "لماذا عندما نصل إلى حقوق ومطالب الناس، تثار كل هذه المخاوف على الاقتصاد؟".
ويشير غريب إلى أن الهيئات الاقتصادية تمارس ضغوطاً هائلة لعدم إقرار السلسلة، بل "تخوض حرباً ضدنا وضد مطالبنا".
تأكيد على الإضراب والاعتصام
وقد أكدت هيئة التنسيق النقابية في بيان عقب اجتماعها اليوم، تنفيذ الإضراب العام والشامل في كل الإدارات العامة والوزارات والمدارس والثانويات الرسمية والخاصة ومعاهد التعليم المهني والتقني، والموظفين الإداريين في الجامعة اللبنانية، وذلك غدا الأربعاء.
بالإضافة الى تنفيذ اعتصام مركزي أمام المجلس النيابي، وذلك عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الإضراب، على أن تتم متابعة الاجتماعات بما يؤدي إلى تنفيذ كل أشكال التصعيد المشروعة من إضرابات واعتصامات وتظاهرات، وصولاً للإضراب العام المفتوح ومقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية من قبل الأساتذة.
كذلك، دعا الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، جميع العمال والموظفين والمستخدمين والأجراء والمياومين "العمال غير المثبتين" والمتعاقدين بالفاتورة وبالساعة ومقدمي الخدمات، والأجراء كافة في المصالح المستقلة، ولاسيما عمال شركة الكهرباء، وكل العمال والأجراء في المدارس الرسمية والجامعات لتنفيذ الإضراب غدا الأربعاء، والالتزام بقرارات هيئة التنسيق النقابية من أجل إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب.
كما عقدت نقابة عمال ومستخدمي النقل المشترك، اجتماعا طارئاً اليوم الثلاثاء.
وأعلنت النقابة أن غدا الأربعاء، هو "يوم إضراب عن العمل، انسجاماً مع توجهات اتحاد نقابات المصالح المستقلة والمؤسسات العامة لإحقاق الحق وإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي هي حق طبيعي للعمال، ووضع حد لمماطلة الدولة وتحديداً نواب الأمة، في القيام بمسؤولياتهم تجاه من اختارهم ليكونوا ممثليهم، ووضع حد لهذا التأخير والمماطلة مع إصرارنا على ضرورة إقرار سلسلة الرتب والرواتب ووضعها موضع التنفيذ".
وأيضاَ، أعلن المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان أن "قرار اللجان النيابية في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، أدى إلى إشكالية أعادت التشنج بين هيئة التنسيق والدولة بمجلسيها الوزاري والنيابي، في حين كان المطلوب من كل المعنيين بملف السلسلة في الحكومة السابقة الإسراع في إقرارها بعد أن أعطى رئيسها الوعود بأنها ستقر"، مؤيداً "موقف هيئة التنسيق النقابية"، ولافتاً النظر إلى أنه "سيناقش في اجتماعه المقبل السبل الآيلة إلى دعم تحركاتها بهدف إقرار السلسلة".
وعقدت نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان اجتماعها الدوري وأعلنت التزامها الإضراب، يوم غد الأربعاء.
عمال الأحزاب 
من جهته، أكد تجمع المعلمين في لبنان (التعبئة التربوية في حزب الله) في بيان أن "تجمع المعلمين في لبنان يؤكد موقفه الداعم والمؤيد لمطالب هيئة التنسيق النقابية، لا سيما قضية سلسلة الرتب والرواتب".
ودعا التجمع مجلس النواب إلى إقرار المطالب من دون مماطلة وتسويف، وعدم المس بالحقوق المكتسبة للفئات الوظيفية.
وقال البيان "يؤيد التجمع ويدعم دعوة هيئة التنسيق إلى الإضراب والاعتصام، ويدعو المعلمين إلى التزام هذا الإضراب وإلى المشاركة الحاشدة في الاعتصام الذي تنظمه الهيئة في ساحة رياض الصلح عند الساعة العاشرة والنصف، قبل ظهر غد الأربعاء".
كما عقدت الأمانة العامة لـ"الحركة الوطنية للتغيير الديموقراطي" اجتماعها الدوري في مركز "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، في الروشة، داعية إلى "إقرار سلسلة الرتب والرواتب للمعلمين والموظفين والقوى العسكرية للتعويض نسبياً عمّا خسروه من قيمة الأجور والقوة الشرائية".

المساهمون