إضراب المصارف اللبنانية ورئيس البرلمان ينتقد أرباحها الطائلة

إضراب المصارف اللبنانية ورئيس البرلمان ينتقد أرباحها الطائلة

11 ابريل 2014
البرلمان اللبناني يبحث تمويل أجور الموظفين (أ ف ب)
+ الخط -
نفّذت المصارف اللبنانية إضراباً شاملاً، اليوم الجمعة، احتجاجاً على إقرار اللجان النيابية المشتركة في البرلمان اللبناني، يوم أمس، زيادة الضريبة على الفوائد المصرفية من 5 إلى 7 في المئة وزيادة ضريبة الدخل والضريبة على العقارات والشركات الكبرى، بما فيها المدرجة في بورصة بيروت. وقد جاء قرار البرلمان في سياق البحث عن آلية تمويل سلسلة الرتب والرواتب التي تؤمن زيادة في أجور موظفي القطاع العام في لبنان.

إلا أن قرار الإضراب لم يمر بشكل اعتيادي. فقد أدت تصريحات رئيس جمعية مصارف لبنان، فرنسوا باسيل، الهجومية ضد البرلمان إلى رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري استقبال باسيل، اليوم الجمعة. كما رفع أحد النواب دعوى قضائية ضد باسيل بتهمة القدح والذم والتشهير، ومن ثم قام بتجميد الدعوى. 

إضراب ضد ضرائب الأرباح

وقد أعلنت الهيئات الاقتصادية (تكتل رؤساء المصارف وجمعيات التجار والشركات الكبرى) في بيان سابق، رفض الزيادات الضريبية، خصوصاً الضريبة على الفوائد المصرفية. واعتبرت أن هذه القرارات "عشوائية وتم إقرارها من باب المزايدات السياسية، يراد منها تهجير المستثمرين اللبنانيين من بلدهم، وإطلاق رصاصة الرحمة في قلب الاقتصاد اللبناني". 
ومساء أمس، عقدت جمعية مصارف لبنان، جمعية عمومية استثنائية، وحذرت مما يمكن أن تسببه الضريبة الإضافية المقترحة على فوائد الودائع واكتتابات المصارف، من تضخم وعدم استقرار العملة الوطنية والقدرة الشرائية للمواطنين. ورفضت الجمعية بشكل قاطع الزيادات الضريبية  التي "ستؤدي حكماً إلى زيادة الفوائد على جميع القروض والتسليفات، ولاسيما على القروض السكنية والشخصية، وقروض التجزئة وسائر التسليفات الممنوحة للمؤسسات الاقتصادية، وخصوصا الصغيرة والمتوسطة التي تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد اللبناني". 
وقد أعلنت الجمعية الإضراب، اليوم الجمعة، في موقف احتجاجي على الضريبة المقترحة.

وتلبية لدعوة الجمعية، أقفلت المصارف في جميع المناطق اللبنانية أبوابها منذ صباح اليوم.

 

بري يقاطع المصارف

وقد هدد رئيس جمعية المصارف، فرنسوا باسيل، في تصريح صحافي بـ "ثورة على جميع السياسيين في البلد الذين تسببوا بإفلاس لبنان وبكل الحروب التي تمر بها البلاد". 

هذا التصريح أدى إلى انزعاج كبير في أوساط البرلمانيين الذين يجتمعون للبحث في إقرار سلسلة الرتب والرواتب اليوم الجمعة. في حين أعلن رئيس البرلمان نبيه بري، رفض استقبال أعضاء جمعية المصارف، قبل قيام رئيسها فرنسوا باسيل باعتذار علني عبر جميع وسائل الإعلام عن الهجوم الذي شنه على النواب والمجلس النيابي.

كذلك، تحدث بري في الجلسة البرلمانية اليوم، عن "بعض الأرقام الفاحشة التي تتقاضاها المصارف من المودع اللبناني". وقال إن "التملص من مقررات باريس-3 وعدم دفع أيّ ضريبة لن يمرّ". إذ إن لبنان قدم في مؤتمر باريس-3 المتعلق بمساعدة لبنان من الدول المانحة والذي عقد في العام 2007، برنامجاً إصلاحياً يتضمن بند زيادة الضريبة على الفوائد المصرفية من 5 إلى 7 في المئة.

وقال بري إن "إضراب المصارف مثل من يطلق النار على رجليه".

بدوره، تقدم النائب هاني قبيسي، بشكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي، أمام النيابة العامة التمييزية اللبنانية، بحق رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل، في جرائم القدح والذم والتحقير، وذلك على خلفية اتهام باسيل للنواب والسياسيين بسرقة المال العام، وغيرها من الاتهامات.
ورد باسيل على شكوى قبيسي بحق الجمعية، خلال مؤتمر صحافي، قائلاً "لقد تحدثت بصفتي الشخصية وقلت ما أفكر به، وأنا لم أتهجم على نائب أو على رئيس مجلس النواب، وإنما أطالب النواب بالدفاع عن الاقتصاد وبالقيام بواجباتهم في دراسة عواقب قراراتهم".
فعاد قبيسي وجمد الشكوى القضائية وذلك اثر اللقاء الذي تم بين باسيل ووزير المال علي حسن خليل. واشار قبيسي الى اتصالات تجرى لمعالجة الموضوع.

مواقف لنواب ووزراء

 

وقد علق النواب عبر تصريحات إذاعية على موضوع إضراب المصارف. حيث أشار النائب حكمت ديب إلى أنه من الممكن الانتهاء، اليوم الجمعة، من دراسة سلسلة الرتب والرواتب في اللجان النيابية المشتركة، موضحا أن النقاشات هي حول تأمين الإيرادات، إذ لا إمكانية لتصحيح السلسلة وإعطاء زيادات من دونها.

وأوضح أنه لا يتفهم تحرك المصارف التي عاشت في نعيم كان يعفيها من كل الضرائب، وحققت أرباحا طائلة، معتبرا أن على المصارف تأدية قسطها، في تحمل الأعباء، لأنها لم تتحمل شيئا في السنوات العشرين الأخيرة.

كما أكد ديب رفض أي زيادة على الضريبة على القيمة المضافة "TVA" تطال كل الشعب اللبناني، معتبرا "الكلام عن تخوف على الاستقرار النقدي مجرد تهويل وادعاء كاذب، يساهم في ضرب الاستقرار".

وأعلن النائب غسان مخيبر، أن مجلس النواب يواجه تحديا كبيرا لإدارة الحوار بين كل شركاء الإنتاج في فترة صعبة جدا. لافتا إلى أن على المجلس إجراء توازن ضروري بين إعطاء الحقوق للموظفين وكل المواطنين، وتأمين مداخيل لا ترهق الخزينة والاقتصاد، وإجراء الإصلاحات البنيوية الضرورية لوقف الهدر.

وأكد مخيبر أن "كل النواب جديون في عملهم لإنتاج الحقوق والمداخيل، والإصلاحات لإنتاج سلسلة الرتب والرواتب"، لافتا إلى أن مجلس النواب يجب أن يحزم أمره، ويتخذ قرارات صعبة، إنما يجب أن ينجح بها.
وأعلن أنه "لن تكون هناك أي تسوية، والسلسلة ستكون متكاملة بعناصر مبلغها وكيفية دفعها وإصلاحاتها".

من جهة أخرى، قال وزير الدولة للتنمية الإدراية نبيل دو فريج إن "من حق الموظفين المطالبة بزيادة الرواتب، ومن حق الشرائح التي سيتم فرض ضرائب عليها، أيضاً المطالبة بخفضها"، لافتاً إلى أنه "يجب عدم التفكير بأن المصارف تريد إفلاس الدولة".
ونبّه دو فريج إلى أنه "يجب على النواب قبل التعهد وإطلاق الوعود من أجل حصد المزيد من الشعبية أن يفكروا بالانعكاسات الاقتصادية لوعودهم"، مشيراً إلى أن "الحل يكمن في تطبيق إصلاحات وتوجهات باريس-2، والتي تدعو إلى خفص الرسوم الجمركية، ورفع الـ"TVA" على الكماليات وعلى السلع غالية الثمن".

 

زيادة الضريبة على القيمة المضافة

وتبحث اللجان النيابية المشتركة تمويل سلسلة الرتب والرواتب، تمهيداً لتطرح المشروع على الهيئة العامة لمجلس النواب، بهدف الحصول على إقرار مشروع تمويل السلسلة بقانون ملزم. وفي حين أعلنت اللجان المشتركة قراراتها المتعلقة بزيادة الضرائب على الفوائد وأرباح الشركات، تركت موضوع زيادة الضريبة على القيمة المضافة "TVA" من 10 إلى 12 أو 15 في المئة، لكي يتم إقرارها في الهيئة العامة لمجلس النواب التي تكون علنية ومنقولة مباشرة عبر وسائل الإعلام.

ومرد تأجيل بحث هذه الضريبة، بحسب ما تقول مصادر "العربي الجديد"، يعود إلى تأثيراتها الاجتماعية الكبيرة، كونها تُفرض على جميع المواطنين من دون تمييز بحسب حجم الدخل، وكون إقرار هذا البند، بالإجماع النيابي من عدمه، سيحدد مصير سلسلة الرتب والرواتب التي أعلن مجلس النواب أنه لن يقرها في حال عدم التوافق على جميع بنود تمويلها.

المساهمون