إسرائيل وغزّة: في انتظار دورة التصعيد المقبلة

14 مارس 2014
القبة الحديدية بجوار غزة (ديفيد بيومفيتش/ أ ف ب)
+ الخط -
رأى الكاتب أليكس فيشمان، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "حركة الجهاد الإسلامي"، في ردها على اغتيال ثلاثة من عناصرها، تسعى لتحدد من الآن فصاعداً ثمناً لعمليات التصفيات الإسرائيلية. وأشار إلى أن "الجهاد" بعملية "كسر الصمت" توجه رسالة واضحة مفادها أنها سترد على كل ضربة لعناصرها. وبحسب فيشمان، فقد أبدى "الجهاد" تنظيماً عالياً، فهو الذي بدأ حملة التصعيد وأوقفها، اختار التوقيت وأختار نوع السلاح، مشيراً إلى أن الضربات الصاروخية، بعد إعلان التهدئة كانت من قبل تنظيمات "متمردة"، كالسلفيين و"لجان المقاومة الشعبية".

وفيما يكشف فيشمان أن إسرائيل فوجئت برَد "الجهاد الإسلامي"، إلى أنه يشير في موقع آخر، إلى أن التقديرات الإسرائيلية توقعت أن تكون هناك محاولة فلسطينية من القطاع "للتنفيس عن الاحتقان"، وخصوصاً أن حركة "حماس" تعاني من معضلة مزدوجة، فهي غير قادرة على توفير الأمن الاقتصادي لسكان القطاع، من جهة، ولا تقف على رأس الكفاح المسلح ضد إسرائيل من جهة ثانية. ويلفت الكاتب إلى أن حماس لا تشارك في عمليات إطلاق الصواريخ على إسرائيل، منذ إبرام إتفاق التهدئة على أثر عدوان "عامود السحاب" في العام 2012، وبالتالي فهي تتيح مضطرةً، لأفراد "الجهاد الإسلامي" ولتنظيمات متطرفة أخرى، بأن تقوم "بعملية التنفيس لهذا الاحتقان".

وفي هذا السياق، يقول فيشمان إنّ إسرائيل تقرأ صورة الوضع في القطاع، وجاء ردها "محدوداً" تبعاً لذلك، فقصفت مواقع وعقارات غير مأهولة أو مخازن تمكن الفلسطينيون من إخلائها قبل القصف.

لكن فيشمان يشير أيضاً إلى أن دورة التصعيد الأخيرة تعيد دور مصر في القطاع و"قدرتها التي ثبت أنها لم تفقدها" في التأثير على القوى الفاعلة في القطاع، وخصوصاً أن "الظروف المعيشية في غزة لا تطاق، وسياسة مصر تجاه المعابر البرية مع غزة ونقل البضائع من وإلى غزة لها تأثير كبير". ويرى أنه من الآن فصاعداً، سيتعين على إسرائيل التوصل إلى تفاهم مع مصر بهذا الخصوص، "فسياسة مصر على المعابر والسياسة الأمنية لإسرائيل حالياً تخنقان قطاع غزة، وتشلان حركة حماس التي تظل الطرف الأخير المتبقي الذي يمكن مطالبته مستقبلاً بالحفاظ على الهدوء".

في المقابل يعتبر المستشار الإعلامي السابق في ديوان رئاسة الوزراء يوعز هيندل، أن دورة التصعيد الأخيرة تضع أمام إسرائيل خيارين لا ثالث لهما؛ الأول هو السعي لتفكيك نظام "حماس" وإسقاطه، وقد "سبق لنتنياهو وليبرمان أن كتبا عن ذلك خطابات مطولة". والثاني هو التسليم بأمر خطوة الانسحاب من غزة، وعدم اعتبار القطاع كمجرد كيان وجزء من "حل مستقبلي"، بل التعامل معه كدولة مجاورة عدوة، لها حقوق وعلاقات وعليها التزامات. من هنا، يرى هيندل أن لـ"دولة حماستان" حدوداً مع مصر ومع إسرائيل، وهي التي ستختار مع مَن ستتعامل. أما مسألة الاهتمام بمعيشة السكان، وتوفير أماكن العمل، والكهرباء، فيوضح هيندل أنها "لن تكون قضايا مفهومة ضمناً في حالة قيام دولتين، بل نتاج اتفاقيات متبادلة، والافتراض بأن إسرائيل يجب أن تكون مسؤولة عن غزة، هو افتراض مريح لحركة حماس".

ويخلص هيندل إلى القول إنه لا يمكن مواصلة الوضع القائم، بل "يجب باختصار تغيير قواعد اللعبة وقوانينها".

في المقابل، اعتبر الكاتب عاموس هرئيل في "هآرتس"، الذي كشف أن "البلاغة القتالية المتشددة" لقادة الدولة كانت في الواقع "ستاراً لرغبة مشتركة بين إسرائيل وحماس بعدم التصعيد وعدم هدم التفاهمات القائمة". ويرى هرئيل في مقاله، أن مصير التهدئة منوط بما ستقوم به "الجهاد الإسلامي" في الأيام المقبلة، وما قد تقدم عليه إسرائيل في حال عادت "الجهاد الإسلامي" إلى التصعيد وإمطار إسرائيل بالصواريخ.

ولعل أهم ما يمكن تلخيصه في النظرة الإسرائيلية لدورة التصعيد الأخير، هو زيادة أسهم "حركة الجهاد الإسلامي" في تحريك الأمور في قطاع غزة، مستفيدة، على ما يبدو، من القطيعة بين النظام المولود من رحم الانقلاب في مصر، وبين حركة حماس، في مقابل العلاقات بين قيادة الحركة مع كل من إيران وسوريا والقيادة المصرية الحالية.

المساهمون