إسرائيل تخشى استمرار تدهور العلاقة مع الاتحاد الأوروبي

13 يناير 2016
يخشى الاحتلال فرض عقوبات اقتصادية ضد المستوطنات(برتراند لانغلوا/فرانس برس)
+ الخط -
تتجه العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي إلى مزيد من التوتر، على خلفية مساعي حكومة الاحتلال الأخيرة إلى تقييد حرية جمعيات حقوق الإنسان اليسارية، في كل ما يتعلق بقدرتها على تلقي دعم وتبرعات من دول الاتحاد الأوروبي، ووصم هذه الجمعيات واتهامها بأنها تعمل وفق أجندات "خارجية".
وبعد إصرار الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على إقرار التزام الحكومة بسنّ قانون جمعيات اليسار، أعرب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على إثر احتجاجات أوروبية وأميركية على القانون، عن قلقه أمام أعضاء كتلة الليكود في الكنيست، من محاولات دول الاتحاد الأوروبي الاتجاه نحو فرض قيود أو عقوبات اقتصادية ضد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وهضبة الجولان، كخطوة متقدمة على قرار الاتحاد الأوروبي وضع إشارة تحدد هوية المنتجات المصَنعة في المستوطنات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: "قانون الجمعيات"... سلاح اسرائيل لمحاصرة المنظمات الحقوقية واليسارية 

ومما قاله نتنياهو في الجلسة، أمس الأول، "إننا نمرّ بأزمة غير صغيرة مع الاتحاد الأوروبي، ولا سيما على المستوى السياسي". وبحسب تقرير لصحيفة "هآرتس"، فإن إسرائيل تترقب الاجتماع المقرر الأسبوع المقبل لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وتتوقع جهات إسرائيلية أن يتم، خلال اللقاء، اتخاذ قرارات بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن مدى شدة لهجة القرار المرتقب غير معروفة بعد. وتدرس مجموعة من الدول الأوروبية، من بينها فرنسا، احتمال استئناف وتجديد طرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي ضد المستوطنات الإسرائيلية.
وكانت الصحيفة قد كشفت، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن إعداد مذكرة أوروبية رسمية تتضمن سلسلة عقوبات مقترحة ضد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي. ومن ضمن هذه المقترحات اتخاذ خطوات ضد شركات أوروبية تنشط في المستوطنات الإسرائيلية، ومنع دخول مستوطنين إسرائيليين ارتكبوا أعمال عنف ضد الفلسطينيين إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وجاءت أقوال نتنياهو بشأن التوتر المرتقب في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، على إثر إعداد أحد أعضاء الكنيست من الليكود، يوآف كيش، تقريراً عن نشاط الاتحاد الأوروبي في المنطقة "سي" من الضفة الغربية التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية بشكل كامل. وادعى كيش أن الاتحاد الأوروبي يشجّع مشاريع بناء "غير قانونية" بحسب الزعم الإسرائيلي في الضفة الغربية، ومن ضمنها بنى تحتية.
وتدعي الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها نتنياهو، أن النشاط الأوروبي ليس نابعاً من دوافع إنسانية وإنما هو نشاط سياسي وواضح ستعمل حكومة الاحتلال على مواجهته ووقفه. وذكر نتنياهو أن حكومته قررت على إثر قانون وضع إشارة على المنتجات المصَنعة في المستوطنات، قطع أي علاقات مع الاتحاد الأوروبي بشأن المفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وأشار نتنياهو إلى أنه في حال تقرر استئناف الاتصالات مع مؤسسات ووزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي بشأن المفاوضات مع الطرف الفلسطيني، فإن إسرائيل ستشترط أن يوقف الاتحاد الأوروبي نشاطه في المنطقة "سي". وكرر نتنياهو أن إسرائيل ستطالب الاتحاد الأوروبي بوقف هذا النشاط، ولا سيما "البناء غير القانوني"، على حد زعمه. وأشار إلى أنّ حكومة الاحتلال تبذل أخيراً "جهوداً كبيرة" لهدم المباني التي يتم تشييدها في المنطقة "سي" من الضفة الغربية المحتلة.
ويشكل النشاط الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي نقطة توتر كبيرة في العلاقات بين حكومة الاحتلال وبين دول الاتحاد الأوروبي، إذ تحاول الحكومة الإسرائيلية إبقاء الاتحاد بعيداً عن الأراضي المحتلة، ووقف قدرته على رصد الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، ولا سيما في ما يتعلق بالبناء الاستيطاني ومصادرة الأراضي. وقد أصدرت سلطات الاحتلال أوامر هدم وإزالة لعدد من المشاريع التي شيدت بتمويل من دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لم تقم بتنفيذ أوامر الهدم، خوفاً من الرد الأوروبي على ذلك.
ويأتي تعاظم التوتر بين الاتحاد الأوروبي وبين حكومة الاحتلال أخيراً أيضاً بفعل نشاط الجمعيات الحقوقية الإسرائيلية التي تتلقى دعماً أوروبياً، وفي مقدمتها في الفترة الأخيرة جمعية "يكسرون الصمت" التي تقوم بحملة واسعة في البلدان الأوروبية ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، بما في ذلك جرائم الحرب خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وقد أدى هذا نشاط هذه الجمعيات إلى تعزيز ملاحقة مسؤولين وضباط إسرائيليين في الدول الأوروبية وخشية هؤلاء المسؤولين من السفر إلى الدول الأوروبية، خوفاً من استصدار مذكرات اعتقال بحقهم. وانعكس هذا النشاط في إسرائيل على تصعيد الحملات ضد جمعيات حقوق الإنسان واتهامها بخدمة أجندات أجنبية والعمل ضد جيش الاحتلال. وتطور الأمر إلى حد اتهام هذه الجمعيات بالخيانة وظهور نشرات على موقع "فيسبوك" تحذر من ناشطي هذه الجمعيات، وأنهم انقلبوا على الصهيونية ويعملون في خدمة أعداء إسرائيل، بحسب المنشورات.
في المقابل رد سفير الاتحاد الأوروبي لدى دولة الاحتلال، لارس أندرسون، قبل أسبوعين، بتقديم احتجاج رسمي ضد نية سنّ قانون الجمعيات خلال لقاء جمعه بوزيرة العدل الإسرائيلية، أيليت شاكيد، المبادرة للخطوة. ووفقاً لما نشره موقع إذاعة الجيش الإسرائيلي أخيراً، فقد دعا أندرسون الحكومة الإسرائيلية إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات تؤثر على الحيز الذي تنشط فيه جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وتضر بحرية التعبير عن الرأي وحرية التنظيم.
بدورها، انضمت الولايات المتحدة إلى المحتجين على القانون، إذ أعرب السفير الأميركي لدى تل أبيب، دان شابيرو، في لقاء مع وزيرة العدل الإسرائيلية، عن قلق واشنطن من تبعات القانون، ولا سيما بعدما ادعت شاكيد أن القانون الإسرائيلي المقترح لا يختلف عن قانون أميركي يتعلق بالجمعيات التي تتلقى دعماً أجنبياً والذي يسمى بقانون "الوكيل الأجنبي".
وردت الوزيرة الإسرائيلية على بيان الخارجية الأميركية المحتج على القانون، مطالبة الحكومات الأوروبية والإدارة الأميركية بعدم التدخل في عمليات التشريع وسن القوانين في إسرائيل.

اقرأ أيضاً: 2015 إسرائيل... فاشية قياسية وتوظيف لـ"داعش" وتكريس الإعدامات الميدانية 
المساهمون