أوباما يصعّد مواجهته مع "الفحم" متحدياً الكونجرس

أوباما يصعّد مواجهته مع "الفحم" متحدياً الكونجرس

02 يونيو 2014
اتجاه لتقليص جدي في انبعاثات الكربون بأميركا (GETTY)
+ الخط -

غيّر الرئيس الأميركي باراك أوباما من نبرته في ملف مكافحة التغير المناخي. ففي الطريق المسدود الذي بلغه الكونجرس وضع الرئيس معايير جديدة لانبعاثات محطات الطاقة العاملة بالفحم، وهي الأكثر تسبباً للتلوث من بين موارد الطاقة.

وينتظر أن تكشف وكالة حماية البيئة الأميركية عن مقترحات ترمي إلى تقليص جذري لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون لمجمل المحطات الحرارية العاملة، والتي تمثل 40 بالمئة من مجمل انبعاثات الولايات المتحدة.

وبالرغم من اتساع استخدام الغاز الطبيعي، يبقى الفحم مكوناً مركزياً في الطاقة الأميركية. ويتم استخراجه في 25 ولاية، تتصدرها وايومينج وتليها فرجينيا الغربية وكنتاكي وبنسلفانيا وايلينوي. وتوفر مئات محطات الكهرباء بالفحم في البلاد حوالي 37 بالمئة من كهربائها، سابقة الغاز الطبيعي (30 بالمئة) والطاقة النووية (19 بالمئة).

وفيما لم يحدد الجدول الزمني وحجم الإجراءات، بات مبدؤها مفروغاً منه: فواشنطن ستحدد أهداف تقليص الانبعاثات لكل ولاية أميركية، وستترك لها حرية كاملة في كيفية تحقيقها.

وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن وكالة البيئة ستقترح بالنسبة إلى المحطات العاملة تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 30 بالمئة حتى العام 2030، استناداً إلى نسب 2005. ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من الملف إنه فيما قد يتفاوت الهدف بالأرقام بالنسبة لكل ولاية، لكن معدله الوطني سيبلغ 30 بالمئة مع حلول 2030.

واعتبر كيفن كينيدي من مؤسسة الموارد العالمية في واشنطن أن "هناك حول البلاد الكثير من محطات الطاقة بالفحم باتت قديمة وغير فعالة، بالتالي سيكون للمعايير الجديدة وقع على أعمال التحكيم المقبلة على صعيد إغلاقها".

وفي الولايات المتحدة يعتبر ملف المناخ حساساً. فالجمهوريون الذي يسيطرون على جزء من الكونجرس يعارضون أي قانون جديد، حيث يرفض بعضهم حتى صحة تغير المناخ والبعض الآخر مسؤولية البشر عنها.

وأمام هذا الشلل التشريعي، قرر البيت الأبيض التحرك على المستوى التنظيمي من خلال وكالة حماية البيئة استناداً إلى قانون نظافة الهواء، في مبادرة ندّد بها الكثير من الصناعيين الذين لوحوا بخطر فقدان عدد هائل من الوظائف.

وتندرج هذه المبادرة حول الفحم، الرامية إلى الترويج للطاقات المتجددة (هوائية، شمسية) وفعالية الطاقة في إطار خطة واسعة للمناخ أعلنها أوباما قبل عام. وكان الرئيس الأمريكي التزم عام 2009 تقليص انبعاثات غازات الدفيئة الأميركية بنسبة 17 بالمئة بحلول عام 2020 مقارنة بنسبها عام 2005.

ومن التوجهات التي يجري بحثها إنشاء نظام حصص (كوتا) لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون لتشجيع مجموعات الطاقة على الاستثمار في الطاقات البديلة أو التكنولوجيات الأقل تلويثاً. ويلزم من يتجاوز السقف المحدد شراء كوتا إضافية من السوق، فيما يحق لمن تقل انبعاثاته عن السقف بيع حصصه.

وهناك سوق مماثلة قائمة أصلاً في شمال شرق الولايات المتحدة تشمل 10 ولايات من مين إلى ميريلاند. كما أطلقت مبادرة مماثلة في كاليفورنيا.

وحاول أوباما الذي جعل مكافحة التغير المناخي أحد الوعود الرئيسية في حملته الانتخابية عام 2008 إقامة نظام الكوتا هذا على المستوى الفدرالي، لكنه اصطدم برفض الكونجرس حيث رفض مشروعه.

والسبت الماضي دافع الرئيس الأميركي في كلمته الأسبوعية عن مقاربته التنظيمية، مشيراً إلى أن التغير المناخي لم يعد "خطراً بعيداً" بل بات واقعاً. وقال "إننا نحدّ كميات المواد الكيميائية السامة، كالزئبق والكبريت والزرنيخ، التي يجوز انبعاثها من المحطات إلى الهواء أو الماء. لكن يمكنها بعث كميات لا حدود لها من ثاني أكسيد الكربون في الهواء. هذا لا يعقل".

واعتبر ألدن ماير من اتحاد العلماء القلقين، أن فرض المعايير على المحطات الحرارية الذي يشكل "إجراءً أساسياً" في استراتيجية أوباما للمناخ، سيخضع لتدقيق مشدد في الخارج مع اقتراب موعد المؤتمر الدولي للمناخ في باريس في أواخر 2015. بالطبع سيتم التدقيق في جوهرها، وفي ردود الفعل التي ستثيرها لدى الطبقة السياسية والمجتمع الأميركيين.

وأوضح "هل ستتمكن هذه المبادرة من تجاوز محاولات العرقلة أمام المحاكم أو الكونجرس؟ هل سيدعمها الرئيس المقبل؟".
وردّاً على سؤال حول الإعلانات المقبلة، أكد رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر "لست مؤهلاً للحديث عن الأسباب العلمية لتغير المناخ. لكنني أفطن إلى أن جميع مبادرات هذه الإدارة بخصوص التغير المناخي تؤدي إلى إلحاق الضرر باقتصادنا، وتقضي على وظائف أميركية".

المساهمون