أهالي الموصل يُسرَقون بغطاء "داعش"

أهالي الموصل يُسرَقون بغطاء "داعش"

20 يناير 2015
"نخشى تزايد عمليات السرقة وانعدام الأمن تماماً"(أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن أم ياسر تتوقع أن يتعرض منزلها، وسط مدينة الموصل، للسرقة في وضح النهار. ذات يوم، اقتحم أشخاص ملثمون المنزل في حي الصحة، وسرقوا المال والمجوهرات بعدما قيدوها وزوجها بالحبال، قبل أن يلوذوا بالفرار من دون أن يتعرفا على هويتهم.

وبحسب مصادر محلية والأهالي، ازدادت أخيراً جرائم سرقة البيوت والمحال التجارية في أحياء الموصل. يقول مسؤول أمني محلي رفض الكشف عن اسمه إن "انتشار ظاهرة السرقة يعود إلى تركز عناصر ما يسمى بالشرطة الإسلامية التي شكلها تنظيم الدولة الإسلامية داعش منذ سيطرته على المدينة في يونيو/حزيران الماضي في عدد من المناطق، وتحديداً في الشوارع والتقاطعات والأحياء الرئيسية فقط، لتبقى الشوارع الفرعية والأحياء النائية خالية من أية عناصر، علماً أنهم ينسحبون من مواقعهم مساء".

بعد منتصف الليل، لدى توقف عمل المولدات الكهربائية، يصبح الظلام دامساً ما يسهل عمل العصابات. كما أن انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من شهرين عن الموصل ساهم في انتشار هذه الظاهرة في المدينة التي تتحول إلى مدينة أشباح. يرجح المسؤول أن "السارقين هم عناصر من داعش، وخصوصاً أنهم ضمنوا الإفلات من العقاب بخلاف اللصوص العاديين الذي يخافون انزال التنظيم عقوبات شديدة بحقهم في حال تم إلقاء القبض عليهم، وقد تصل أحياناً إلى الإعدام".

تقول أم ياسر لـ "العربي الجديد": "تفاجأت وزوجي بدخول ثلاثة أشخاص ملثمين، يحملون أسلحة إلى دارنا قبل الظهر، مستغلين تركنا الباب مفتوحاً لابني وزوجته، كوني مريضة، وزوجي مقعد. قام اللصوص بتقييد أيدينا وتكميم أفواهنا حتى لا يسمع الجيران أصواتنا. دخلوا غرف نومنا وسرقوا المال والمجوهرات ولاذوا بالفرار. بقينا مقيدين إلى أن جاء ابني. لم نتوصل إلى معرفة أية معلومات قد ترشدنا إلى هؤلاء اللصوص". تضيف: "قدم ابني شكوى إلى عناصر التنظيم الذين قالوا إنهم سيحققون في الأمر. وقد مضى بعض الوقت من دون معرفة أية شيء".

لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد حالات السرقة في الموصل، لعدم وجود دوائر أو جهات رسمية تثبت ذلك، باستثناء روايات شهود العيان والضحايا. في السياق، يقول المواطن أشرف محمد: "أعمل في محل لبيع المجوهرات. تفاجأت في صباح أحد الأيام، حين كنت متوجهاً للعمل، بتعرض أقفال المحل للكسر وسرقة بعض موجوداته وأثاثه. كان فارغاً من المجوهرات التي أحملها معي يومياً للبيت خشية سرقتها، علماً أنه لا أمان حتى في بيوتنا".

يضيف: "في الآونة الأخيرة، تعرضت كثير من المحال التجارية والبيوت للسرقة، في ظل عدم وجود حراس لحماية الأسواق ليلاً. فقبل دخول داعش المدينة، كان هناك حراس يحمون الأسواق بالاتفاق مع القوات الأمنية. لهم رواتب شهرية. يتحملون مسؤولية الحفاظ على الأمن وحماية المحال".

من جهته، يقول أبو علي الذي يمتلك محلاً لبيع الهواتف الخلوية في حي المثنى شرق الموصل، إن محله تعرض للسرقة أثناء الليل، على الرغم من وجوده في منطقة تجارية رئيسية، يتواجد عناصر التنظيم فيها ليل نهار. يضيف: "تم كسر أقفال المحل الحديدية، وسرقة أكثر من 90 هاتفا بالإضافة إلى الأثاث. فور اكتشاف السرقة، توجهت إلى عناصر التنظيم لتقديم شكوى، إلا أنني تفاجأت بلهجتهم الغريبة والتشكيك بأقوالي، على الرغم من وجود شهود، ما دفعني إلى العودة إلى البيت خشية اعتقالي، على الرغم من خسارتي المادية الكبيرة".

إلى ذلك، أبدى ناشطون من المدينة خوفهم وقلقهم من تزايد هذه الأعمال، وتأثير ذلك على الأهالي الذين يرزحون تحت وطأة تعليمات التنظيم المتشددة وانعدام الأمن والخدمات الحياتية الضرورية من كهرباء وماء واتصالات، وعدم توفر الغذاء والدواء وغلاء الأسعار، فضلاً عن البطالة المتفشية بشكل كبير.

في السياق، يقول الناشط في مجال حقوق الإنسان في محافظة نينوى علي فؤاد: "نخشى تزايد عمليات السرقة، وانعدام الأمن تماماً، فيصبح المواطن عرضة لخطر العصابات والمجرمين الذين ينشطون من دون خوف من عقوبة أو قصاص، علماً أن التنظيم يعاقب بشدة كل من ينتهكون حرمة البيوت". يستغرب أن "يغض داعش النظر عن هؤلاء المجرمين في وقت يحاسب الناس على أبسط الأمور، ويفرض غرامات مالية وعقوبات جسدية على المخالفين، ما يدل على ازدواجية المعايير التي يحملها التنظيم الذي لا يفكر سوى بمصالحه الخاصة، بعيداً عن اهتمامه بمصالح وحياة المواطنين".

ويطالب الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان والمجتمع الدولي بوضع خطط عسكرية واتخاذ الخطوات اللازمة "لتحرير مدينة الموصل من خطر التنظيم، الذي عاث فساداً فيها. وقد يستمر مسلسل التخريب والدمار والقتل إذا لم يتم العمل فوراً".