أنا زلاتان (21).. حينما قفز كومان جنوناً..بسبب هدفي المارادوني!

أنا زلاتان (21).. حينما قفز كومان جنوناً..بسبب هدفي المارادوني!

05 سبتمبر 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، ونستكمل سويّاً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

شهر أغسطس/ آب كان شهرا مُزدحما، والجميع كان يتحدث بجنون عن الانتقالات التي ستحدث. بإمكانكم أن تقوموا بتسميته: موسم السخافات، الصحف لا يوجد لديها أي عمل سوى: هل سيذهب إلى هُناك؟ سيأتي إلى هُنا؟ كم سيدفع النادي من أجل ذلك اللاعب، وهكذا.

أتذكر أننا كنا نلعب ضد أوتريخت، وآخر شيء توقعته هو أن يتم استبدالي، لكن كومان فعل ذلك. غضبت كثيرا وقمت بركل اللوحة الإعلانية على جانب الملعب: لماذا قمت باستبدالي. في ذلك الوقت كنت معتاداً على الاتصال بمينو، كان من الرائع الاتصال به دائما. أقوم بذلك لكي أشتكي له.

- ما نوع ذلك المغفل الذي يقوم باستبدالي؟ إلى أين يمكن أن يصل الغباء ببعضهم؟ كنت أتوقع من مينو أن يؤيدني ويقول: أنت على حق، لكن مينو قال لي:

- "بالتأكيد سوف يستبدلك، لقد كنت الأسوأ في الملعب، كنت مُجرد هُراء في تلك المباراة".

- ما الذي تقوله؟

- "أنت مُقرف، كان يجب أن يضعك كومان على الدكة بشكل مبكر أيضا".

- قلت: "اذهب إلى الجحيم أنت والمُدرب أيضا".

أغلقت الهاتف وذهبت لأستحم، ومن ثم خرجت بعد ذلك إلى منزلي في دايمن. لم أكن بمزاج جيد في الحقيقة، لكنني رأيت شخصاً واقفاً أمام منزلي، إنهُ مينو رايولا: كيف يجرؤ على ذلك! ذلك الغبي، وما أن نزلت من السيارة، حتى بدأنا بالعراك معا وتبادل الشتائم:

- "كم مرة يجب عليّ أن أخبرك بهذا: أنت مُجرد هُراء، ولم يكن يجب أن تركل اللوحة الإعلانية، يجب أن تنضج".

- "اذهب إلى الجحيم".

- "أود الخروج من هُنا".

- "إذا اذهب إلى تورينو".

- "ما الذي تتحدث عنه؟".

- "قد نذهب إلى اليوفنتوس".

- "ماذا؟".

- "لقد سمعتني"، بالتأكيد سمعته، لكنني لم أتمكن من الاستيعاب، خاصة في وسط هذا الشجار!

- "هل تقول بأن لديك اتفاقاً مع اليوفنتوس من أجلي؟".

- "نعم، ربما".

- "أنت حقا رائع أيها الغبي".

- "لا شيء رسمياً حتى الآن، لكنني أعمل على ذلك".

فرحت بذلك بالتأكيد، هيا مينو، اجعل ذلك يحدث، اليوفي كان يُدار حينها من قبل لوتشيانو موجي ذلك الشخص القوي الذي صنع مجدهُ بنفسه حتى أصبح من أهم الشخصيات في الكرة الإيطالية، كان ملك سوق الانتقالات، موجي حوّل اليوفي، وجعلهم يفوزون بالدوري، السنة بعد الأخرى، لكنهُ لم يكن نظيفا، فلقد كانت هناك بعض الفضائح، المُحاكمات، الرشاوى والمنشطات وبعض الهراء الذي يُنشر عنه، والذي يأتي حول ارتباطه بشبكة كامورا في نابولي. هذه الإشاعات كلها كانت مجرد هراء بكل تأكيد، لكن الرجل كان فعلا يبدو وكأنه من رجال المافيا.

لقد كان موجي يحب السيجار، والبدلات الباهظة الثمن ليبدو كالمغرور فيها. لقد كان مفاوضا مميّزا بدون حدود، ولم يكن مجرد شخص يتبادل العروض مع الأندية، لكن مينو كان يعرفهُ جيدا. بإمكانك أن تقول إنهم كانوا أعداء قدامى وانقلبوا إلى أصدقاء. مينو سابقا عقد اجتماعا مع موجي ليبدأ مباشرة في العمل، لكن البداية لم تكن عظيمة. مكتب موجي كان كما لو أنهُ غرفة انتظار، كان هناك نحو عشرين شخصا ينتظرون في الخارج. مينو غضب، وغادر. كان في قمة غضبه: هل يتجاهلني في اجتماع مثل هذا؟ الكل تقبّل الانتظار، لأن موجي كان شخصا كبيرا، لكن مينو لا يلقي بالا لهذه الأمور. إذا تمت معاملتهُ بسوء، فأنهُ يكون سيئا. تقابل مع موجي بعد يوم في مطعم "الأورباني" في تورينو وغضب عليه: "لقد تعاملت معي بشكل سيئ"، موجي رد: "من أنت!"، مينو استمر غاضبا: "ستعرفني عندما تأتي لتشتري مني بعض اللاعبين"، من ذلك الوقت، مينو أصبح عدوا لموجي وكان حتى يقدم نفسه لبعض إدارات الأندية: "أنا مينو، وأنا ضد لوتشيانو موجي".

موجي كان لديه العديد من الأعداء، لهذا ما يفعله مينو كان أمرا جيدا، لكن الأمر كان هو أن مينو سيتوجب عليه أن يتعامل مع موجي عاجلاً أم أجلاً. في عام 2001، اليوفي أراد نيدفيد، أحد اللاعبين الذين يدير أعمالهم مينو، لقد كان هناك عرض قادم من الريال بيد مينو من أجل نيدفيد، لكن موجي طلب الالتقاء بنيدفيد ومينو في تورينو من أجل النقاش المبدئي فقط، لكن ماذا فعل؟ عندما وصلوا إلى هناك وتحدثوا قليلا، أخرج المصورين والمراسلين الصحافيين وجعل الأمر يبدو وكأنهُ ترحيب بقدوم نيدفيد ومينو وبافل، فلم يتمكنوا من الخروج من هذا الفخ.

هذا الأمر لم يزعج مينو، لأنهُ أراد نيدفيد في اليوفنتوس، ولأن تصرف موجي سمح لهُ بالحصول على أفضل عقد له ولنيدفيد، لكن ما حدث هو أن مينو أعجب لأول مرة بتصرف موجي، وأدرك بأن هذا العجوز يعرف كل خبايا اللُعبة. حل السلام بينهما بعد ذلك وأصبحا صديقين منذ صفقة نيدفيد.

تحدث إليّ مينو رايولا: ماذا حدث؟ لقد كانت المفاوضات مستمرة بين جذب وشد، وفي نهاية أغسطس، أتذكر أننا كنا نلعب ضد بريدا في الدوري، الصحف حينها كانت لا تزال تكتب عن الخلاف بيني وبين فان دير فارت، وكانت في صف رفائيل بكل تأكيد أكثر من أي وقت مضى، كان المفضّل لديهم، وكنت أنا الفتى السيئ الذي أصابه.

ضد بريدا، ومع تبقي 20 دقيقة على نهاية المُباراة، كنا متقدمين 3-1، وكبديل لفان دير فارت، لعب أحد لاعبي الفريق الشباب: ويسلي شنايدر في مكانه، لقد كان لاعبا جيدا حينها، سجل الهدف الرابع وكان يلعب بذكاء كبير، ومع تبقي خمس دقائق على النهاية، استقبلت الكرة على بعد 20 مترا من منطقة الجزاء، كان هناك مدافعون خلفي يدفعونني، لكنني تخلصت منهم، ومن ثم راوغت مُدافعا آخر. كانت تلك البداية فقط، لأنني استمريت بالمراوغة من خلال محاولة التسديد المُخادع. اقتربت من منطقة الجزاء، ومن ثم قمت بمرواغة أخرى. كنت أحاول أن أجد فرصة للتسديد على المرمى، لكن مدافعين جدداً كانوا يأتون لحجبي في كل مرة، ربما كان يجب عليّ أن أمرّر الكرة، لكنني لم أجد حتى الفرصة للتمرير، لهذا قررت أن أدخل في العمق بسرعة وبعدة مراوغات، حتى راوغت الحارس ووضعت الكرة بقدمي اليسرى. لقد كان هدفا كلاسيكيا مجنونا.

لقد سُمي بهدفي المارادوني، نظراً لأنهُ شبيه بعض الشيء بهدف مارادونا في ربع نهائي كأس العالم 1986 ضد إنجلترا، لقد كانت مراوغة للفريق الخصم كاملا. الملعب انفجر، الجميع أصابه الذهول، حتى كومان، كان يقفز مثل المجنون، بالرغم من أنني أود مغادرة الفريق. لقد كان الأمر يبدو بأن جميع الكارهين لي انقلبوا ووقعوا في حُبي، الكل كان يشجع ويصرخ، الكل كان يقفز، كل الملعب ما عدا شخص واحد، بالطبع فان دير فارت.

كنت أنتظر أي أخبار عن صفقة اليوفنتوس، لكن فجأة موجي قام بوضع بعض المشاكل، أو الخدع، من الصعب التحديد في الحقيقة: لقد قال بأن زلاتان وتريزيغيه لا يمكن أن يلعبان سويّا في الهجوم، طريقة لعبهما لا يمكن أن تتوافق، مينو عرف أن كابيلو لديه رأيا مختلفا عن رأي موجي، موجي بالتأكيد هو المدير الرياضي وهو من يقرر، لكن أنت لا يمكنك أن تعبث أيضا مع كابيلو، إنهُ شخص قوي جدا، قادر على وضع أي نجم على الأرض بنظرة واحدة، لهذا مينو قرر أن يأخذ موجي وكابيلو إلى العشاء، وهُناك بدأ معهم مباشرة.

- "إذا، هل صحيح بأن تريزيغيه وإبراهيموفيتش لا يمكنهما أن يلعبا سويّا؟".

- "ما هذا الهراء؟ ما دخل هذا في العشاء؟".

- "موجي يقول إن طرق لعبهما لا تتوافق، أليس كذلك موجي؟".

- موجي فوجئ، ومينو استمر بالحديث: " لهذا سؤالي يا كابيلو، هل هذا الكلام صحيح أم لا؟".

- كابيلو رد: "لا يهمني إذا كان صحيحا أم لا، لا يجب أن تهتموا أنتم لهذا الأمر، فقط أحرصوا على أن ينتقل زلاتان لليوفي، وما يحدث في الملعب يعتبر من مشاكلي، أنا أقوم بما يتطلبه الأمر".

مينو كان يعمل بجد من أجل إنهاء الصفقة. لقد جن جنونه هو الآخر: "موجي لم يتمكن من إرسال مُحامي إلى أمستردام؟ ما طريقة التعامل هذه؟"، قد تكون هذه التصرفات جزءاً من اللعبة. لم يكن من السهل معرفة ذلك، لأنهُ لم يحدث شيء ملموس، مينو عرف بالأمر الواقع لهذا اتصل بمحاميه الخاص: " تعال في أقرب طائرة إلى أمستردام، وتظاهر بأنك محامٍ لنادي اليوفنتوس"، وبالفعل المحامي فعل ذلك وجاء إلى أمستردام وقام بتمثيل تلك المسرحية، ولقد ساعدت بالفعل، المفاوضات تم تسريعها وتقدمت بخطواتها كثيرا، لكنها لم تغلق، ومينو غضب، واتصل مجددا بي: "تعال إلى هُنا بسرعة، يجب أن نغلق الصفقة من هُنا".

ركضت باتجاه الباب وبالكاد أغلقته. غادرت من هناك وقدمت إلى النادي، دخلت إلى الغرفة حيث كانت توجد إدارة أياكس مع المحامي الخاص برايولا، وبالتأكيد منذ أن دخلت الغرفة، التوتر ساد الموقف، والمحامي قال لي: "تنقصنا ورقة واحدة فقط، ورقة وحيدة ومن ثم صفقتك تكون قد انتهت"، لكن مينو رد عليه: "ليس لدينا وقت كافٍ. يجب علينا أن نغادر"، وبالفعل غادرنا إلى المطار، حيث تنتظرنا طائرة نادي اليوفنتوس. حينها كنت قد اتصلت بوالدي مسبقا: "مرحبا أبي، إنهُ أمر طارئ، سأذهب لأغلق صفقتي مع اليوفنتوس، هل تريد أن تأتي معي؟"، قال لي بالتأكيد، ولقد كان أمرا رائعا بالنسبة لي. هذه الصفقة كانت تعني أن أحد أحلام حياتي سوف يتحقق، وكان من الجميل أن أحظى بوالدي معي في هذه اللحظات. لقد عشنا الكثير سويّا. والدي غادر من مطار كاستروب من كوبنهاغن، إلى ميلانو مباشرة، هناك حيث التقاه أحد أصدقاء مينو وقام بإيصاله إلى مكتب الاتحاد الإيطالي، الذي سأتوجه لهُ أنا من أجل أن تُسجل صفقتي هُناك رسميا قبل إغلاق السوق.

موجي كان مستمرا في خلق المشاكل والتعقيدات، وهذا ما دفعنا ثمنه، فسعري انخفض من مبلغ الـ35 مليون يورو الذي طلبهُ مينو، إلى 25، ومن ثم إلى 20، ومن ثم إلى 16 مليون يورو، وهو ما يساوي 160 مليون كرون سويدي، وبالتأكيد، هذا لا يزال مبلغا كبيرا. أياكس حصل على ضعف ما دفعه في صفقتي، لكن في المقابل لم يكن مبلغا كبيرا بالنسبة لليوفي. للتو حصلوا على مبلغ 70 مليون يورو من صفقة زيدان، لهذا بكل تأكيد كان بإمكانهم توفير هذا المبلغ بسهولة. إدارة أياكس حينها كانت قلقة من عدم توفير اليوفي ضمانا بنكيا للمبلغ، وقلقهم كانت لهُ أسباب واضحة وجيدة، فاليوفي رغم كل النجاح اللي حققه، إلا أنهُ في الموسم الماضي حقق خسائر بقيمة 20 مليون يورو، لهذا لم يتمكنوا من توفير ضمانات بنكية. لكن هذا أمر مشترك وموجود لدى جميع الأندية الكبيرة، بغض النظر عن ما تجنيه، تنفق دائما بشكل أكبر. مررت بلحظات شك أن هذه خدعة جديدة، لكن اليوفي، كنادٍ من الأكبر في العالم، كان يجب عليه أن يوفر هذا المبلغ فورا على طاولة النقاش، لكن بدلا من ذلك: رفض إعطاء ضمان بنكي، وإدارة أياكس رفضت بيعي ما لم يوجد أي ضمان من البنك.

لقد بدأت أشعر باليأس. الوقت كان يمر، ولم تكن هناك أي إشارات تطور، وبالتأكيد، موجي كان جالسا هُناك يدخن السيجار الكبير وكأنهُ يقول بأن: "كل شيء تحت سيطرتي، أعرف ماذا أفعل"، بينما مينو لم يتمكن من فعل ذلك، كان يقف بجانب موجي ويصرخ بإداريي أياكس: "إذا لم توقعوا هذه الأوراق، لن تحصلوا على 16 مليون يورو، ولن تحصلوا على زلاتان، لن تحصلوا على شيء، ألا تفهمون ذلك؟ ما الذي تعتقدونه؟ هل سيتهرّب اليوفي من دفع المبلغ؟ يوفنتوس! هل أنتم مجانين؟ لكن لا مشكلة، لا تكملوا هذه الصفقة، اخسروها، هذا يسرّني".

كانت كلمات قوية، لكن لم يحدث أي شيء، الجميع كان متوترا، مينو كان يعرف كيف يسيّر مثل هذه الأمور، لكنني كنت أعتقد أنهُ يحتاج لمخرج من هذه الصفقة، أو أنهُ يحتاج لأن يقوم بأحد خدعه. فجأة، رايولا التقط كرة في الغرفة، لقد كانت هناك العديد من أشياء اللعب في الغرفة بينها هذه الكرة، رايولا أخذ الكرة وبدأ يلعب بها بشكل جنوني! ما الذي يفعله؟ الجميع كان يفكر، ضرب الكرة وأخذت ترتد من الأرض، حتى انطلقت وضربت رأس موجي وكتفه، الجميع كان في قمة الاستغراب لما يفعلهُ مينو: "توقف عن فعل هذا، أنت تؤذي الموجودين"، لكن مينو أصر "لا، هيا دعونا نكمل ذلك، هيا لوتشيانو، قف، أظهر لي قدراتك، ها أنا قادم إلى الزاوية، هيا يا زلاتان، مررها لي أيها الفتى الساذج"، وقد استمر مينو بفعل ذلك، وبصراحة لم أكن أعرف بماذا كان يفكر المسؤولون في تلك الغرفة، لكن الشيء المؤكد: هو أن رايولا وجد مساندا كبيرا في تلك الغرفة وهو أبي، الذي كان يضحك على ما يفعلهُ رايولا: ما نوعية هذا الشخص؟ يا للروعة، يلعب كرة القدم ويقوم بحركاته أمام شخص كبير مثل موجي في مكتبه! هذه كانت طريقة والدي، كانت أشبه بالغناء والرقص في الوضعية غير المناسبة، ومن ذلك اليوم: أبي لم يعد يهتم بكل ما يقال عني في الصحف، بل أصبح يهتم بكل ما يقال عن رايولا أيضا، مينو كان المهووس المفضّل لديه، لأنه لاحظ أنهُ لم يكن مجرد مهووس عادي، وخاصة أن مينو في النهاية أغلق الصفقة! أياكس لم يتمكن من خسارتي وخسارة المال، لهذا وقّعوا في آخر دقيقة.

المساهمون