يصدرُ هذا الأسبوع فيلم The Disaster Artist، من إخراج وبطولة الممثّل، جيمس فرانكو، والذي يتناولُ فيه حياة المخرج، تومي ويساو، أثناء فترة إخراجه لفيلمه The Room عام 2003، والذي يُعرّف من قبيل السخرية بأنه "أسوأ فيلم تمت صناعته في تاريخ السينما"، أو، كما قال أحد النقاد، "إنه المواطن كين بالنسبة للأفلام الرديئة". وعلى العكس من ذلك أتى فيلم فرانكو، والذي نال تقييمات ممتازة جداً حتى الآن، واعتبِرَ من أفضل أفلام 2017، ومحاولة صادقة لتناول "شغف السينما بالنسبة لشخص لا يملك الإمكانيات الكافية لصناعتها مثل ويساو". ولم تكن تلك، بالطبع، هي المرة الأولى التي تتناول فيها السينما حياة مخرجين حقيقيين داخل الصناعة، أحياناً ما يكونون من رموز السينما، وأحياناً أخرى يكونون مخرجين لا يعرفهم أحد، ولكن شغفهم وقصصهم ملهمة جداً.
"ثمانية ونصف" عام 1964 عن حياة فيدريكو فيليني
قبل هذا الفيلم، كان المخرجُ الإيطاليّ الكبير قد أخرج 6 أفلام، بالإضافة إلى مشاركته في إخراج 3 أفلام أخرى، مما يعني "سبعة أفلام ونصف". ومع حالة الجفاف الإبداعي التي صاحبته في تلك الفترة، قرر، وبشكل فريد في زمنه، أن يصنع فيلماً عن نفسه وعن حياته، وعن محاولته لصنع فيلم، كانت من المرات الأولى التي يحكي فيها سينمائي عن حياته بتلك الجرأة والاقتراب من عالم الصناعة، لتكون النتيجة واحدا من أكثر الأفلام المؤثرة والعظيمة في تاريخ الفن الحديث، والمثل الذي سار عليه عشرات المخرجين بعد ذلك.
"إد وود" عام 1994 عن حياة إد وود
هذا الفيلم هو أقرب عمل يمكن مشابهته لفيلم فرانكو أو ما يسمّى بـ"الفنان الكارثة”. إذْ تناول المخرج، تيم بيرتون، عام 1994 (وفي لحظة تألق كبرى في مسيرته) حياة إد وود، والذي كان يعرف حينها بـ"أسوأ مخرج في تاريخ السينما”، والرجل الذي وقف وراء عدد من أكثر الأفلام رداءة. ولكن بيرتون، ودون افتعال/ يحول سيرة حياته لقصة شاعرية جداً عن حب السينما والتعلق بها، وعن رجل مثل وود يرى في نفسه يمتلك نفس شغف أورسون ويلز، صانع "المواطن كين" الذي غير السينما وهو في السادسة والعشرين من عمره، حتى لو لم يدرك أنه لا يملك نفس موهبته. وعلى الرغم من محاولة إد وود تخليد اسمه بأفلامه، إلا أنه لم ينل الخلود الحقيقي إلا بعد وفاته بعقود. وتحديداً عندما أخرج بيرتون عنه هذا الفيلم، وجعله اسماً معروفاً لأيّ مُحبّ للسينما.
"هيتشكوك" عام 2012 عن حياة ألفريد هيتشكوك
لا يعتبر ألفريد هيتشكوك واحدا من أفضل مخرجي السينما فقط، ولكنه الشخص الذي امتلك نجومية تتجاوز الممثلين والممثلات الذين عملوا معه. واستطاع، بفضل كاريزمته وصورته الشهيرة المتكررة، أن يصبح سبباً كافياً لنجاح أي مشروع. هذا الفيلم الذي أخرجه الكاتب، ساشا جيرفاسي، يتناول فترة محددة من تاريخه، حين قرر عام 1960 أن يغامر بصناعة فيلم أبيض وأسود ذي كلفة محدودة وعن رواية متواضعة اسمه Psycho، والضغوطات النفسية والإنسانية التي مر بها بصحبة زوجته ورفيقه حياته إلما ريفل، حتى نجاح الفيلم وتحوله لأيقونة سينمائية. لم يكن فيلماً ممتازاً، ولكن أداء أنطوني هوبكنز للسير هيتشكوك يستحق المشاهدة بالتأكيد.
"إنقاذ السيد بانكس" عن حياة والت ديزني
من الممتع رؤية توم هانكس وهو يؤدي شخصية والت ديزني، المخرج والرسام وأحد أكثر الشخصيات المؤثرة في تاريخ الصناعة داخل هوليوود. إذْ يتناول هذا العمل فترة إنتاجه للفيلم الموسيقي "ماري بوبنز" وحالة الجدل والصداقة التي جمعته بالكاتبة ب.ل ترافيرز. ليخرج الفيلم بروح خفيفة ومرحلة أقرب ما تكون للشخصيات التي يتناولها.
"بازوليني" عام 2014 عن حياة بيير باولو بازوليني
دائما ما صرح المخرج الأميركي المستقل، أبيل فيريرا، بتأثّره وعشقه لسينما الإيطالي الكبير بيير باولو بازوليني، الرجل الذي توفى فقط في الثالثة والخمسين من عمره، ولم تزد مسيرته العملية عن 15 عاماً، ومع ذلك حفر اسمه في التاريخ كواحد من أهم المخرجين. فيريرا في فيلمه هذا يتناول الأيام الأخيرة في حياة الرجل، وبشكل شاعري للغاية، مركزاً بالأساس على كل الخطط المستقبلية التي وضعها بازوليني قبل وفاته المفاجأة الحزينة، وأفكار الأفلام غير المكتملة التي وضعها ظناً منه بأن هناك مستقبلا طويلا سيتيح له ذلك. نال الفيلم تقييمات متفاوتة من النقاد، ولكن ما اتفقوا عليه أن ويليام ديفو كان خياراً رائعاً للدور، وقدم تجسيداً صادقاً جداً لـ"بازوليني".
"الرهيب" 2017 عن حياة جان لوك غودار
أكثر الأفلام المثيرة للجدل في هذه القائمة. فالعمل الذي أخرجه الفرنسي ميشيل هازانافيوس، وعرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة الأخيرة من مهرجان "كان" السينمائي، يتناول مرحلة مضطربة من حياة المخرج الكبير غودار، قبل وأثناء وبعد ثورة مايو/ أيار 1968 في فرنسا، مقدماً معالجة جدلية للعلاقة بينه وبين زوجته وملهمته في تلك الفترة آن وازيمسكي. وفي الوقت الذي توقع فيه الجميع فيلماً عن شغف جودار بالسينما وأفكاره المتضاربة عن علاقتها بالثورة، ودوره كسينمائي في هذا الحراك التاريجي، جاء الفيلم هزلياً إلى حد بعيد، ويحمل نسخة كاريكاتيرية ومسطحة من غودار، لينال تقييمات منخفضة منذ عرضه في "كان" وأثناء عروضه العالمية بعد ذلك.