أطفال مصر مسمار في نعش الانقلاب

19 ابريل 2014
أطفال مصر في التظاهرات (GETTY)
+ الخط -

 

 تتميز الفعاليات التي ينظمها مؤيدو الشرعية المناهضون للانقلاب العسكري الذي أطاح أول رئيس منتخب للبلاد، بمشاركة واضحة من الأطفال ووجود ملحوظ لفئات عمرية صغيرة.

ورغم انتظام أغلبهم في المراحل التعليمية المختلفة، ينخرط الأطفال في صفوف المحتجين بصورة لا تخطئها العين خلال المظاهرات والمسيرات التي تنطلق يومياً في مختلف الشوارع والميادين للمطالبة بعودة المسار الديموقراطي للبلاد، كما يظهر حرصهم على القيام بأدوار ومهام متنوعة لا تختلف كثيراً عما يقوم به الكبار، فمنهم من يردد الهتافات السياسية ويرفع اللافتات والأعلام، ومنهم من يتصدى لاعتداء قوات الأمن والبلطجية في بعض الأحيان.

بإصرار على المشاركة، رفض محمد (9 سنوات) محاولات جميع أسرته إثناءه عن قرار النزول والمشاركة في المظاهرات لصغر سنه قائلاً: "الموت حينما يأتي لا يفرق بين صغير وكبير ولكن المهم أن نعيش بكرامة، أصغر مني شاركوا في الثورة واستشهدوا.. كمان لازم نجيب حقهم".

حجة الصغير الطالب في الصف الخامس الابتدائي أجبرت والده على اصطحابه يومياً في المظاهرات التي ينظمها مؤيدو الشرعية والرئيس محمد مرسي رفضاً للانقلاب العسكري يومياً، والتي تتميز بمشاركة واضحة للأطفال ووجود ملحوظ لا تخطئه العين سواء بصحبة الأهل أو الأصدقاء، كما يقول ياسر والد محمد لـ"العربي الجديد".

وأضاف: حال محمد وأصدقائه مشهد يتكرر في غالبية الأسر المصرية التي تستعد باهتمام بالغ للمشاركة في معظم التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري على شرعية أول رئيس مدني منتخب في كل الميادين وليس في الإسكندرية فقط.

وخلال إحدى المظاهرات التي انطلقت في غربي المدينة يقف سعيد (10 سنوات) بصحبة والده الموظف بشركة الكهرباء وفى يده لافتة عليها شعار رابعة العدوية قائلاً: "أنا أشارك في عودة مصر وليس الرئيس مرسي"، معتبراً أن دوره لا يقل عن دور والده الذي يحرص على المشاركة في المظاهرات للمطالبة بإسقاط الانقلاب ومحاكمة قادته إلى جانب تطهير الداخلية والقضاء.

وأكد استعداده هو وأفراد أسرته للخروج في المظاهرات سواء في الصباح أو المساء، بعد تجهيز زجاجات المياه الغازية والخل والتأكد من جهوزية الهواتف لاستقبال وإرسال المكالمات إضافة إلى عدم اصطحاب أي متعلقات زائدة عن الحاجة تحسباً لأي طارئ.

بدوره أكد الدكتور عمرو أبو خليل، الخبير النفسي والاجتماعي، على وجود تحول كبير في سلوك الأسرة المصرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة زيادة الوعي في البلاد، خصوصاً لدى الأطفال الذين تربوا خلال تلك الفترة في حضن ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي انطلقت ضد الظلم والطغيان وأصبح لديهم رغبة في تغيير الواقع.

وأشار في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن هذه الفئة العمرية تتميز بالجرأة والتفاعل مع الواقع، إلى جانب الرغبة في تحقيق المثالية والتغيير من دون النظر إلى الحسابات الدقيقة لدى الكبار، ويتعرضون لأخطار كثيرة جراء مشاركتهم في هذه المظاهرات، بعكس الجيل الذي سبق عصر التكنولوجيا، والذي لايزال مرتبطاً بالقديم وعدم الرغبة في تغيير الواقع الذي اعتاده.

وأكد أنه لا يمكن إغفال أو التقليل من دور الجيل الجديد في مواجهة التحدي وكسر حاجز الخوف من قمع الأجهزة الأمنية، لكونهم الأكثر احتكاكاً بالتقدم التكنولوجي وآليات التواصل الحديثة، سواء عن طريق الانترنت أو الاتصالات، وهو ما يجعلهم ثوار المستقبل وأول مسمار في نعش الانقلاب.

في ميدان سيدي بشر شرقي مدينة الاسكندرية، يروي يوسف حسين (13 عاماً) تفاصيل بعض المشاكل التي يتعرض لها هو وأصدقاؤه خلال الفعاليات عندما تهاجم قوات الأمن والبلطجية المسيرات في محاولة لفضها باستخدام الغاز المسيل للدموع ورصاص الخرطوش، وهو ما يتسبب في سقوط مصابين أو قتلى في بعض الأحيان، مؤكداً أن مثل هذه الاعتداءات لم تثنه عن الخروج لاستكمال التظاهر والهتاف ضد حكم العسكر.

بصوت  تملؤه الرقة والطفولة، يحفظ يوسف بعض الهتافات والشعارات التي يرددها خلال المظاهرات قائلا: "أكتر هتاف احبه هو ثوار أحرار هنكمل المشوار، والانقلاب هو الإرهاب" مضيفاً أنه لن يتوقف عن المشاركة والتظاهر ضد أي شيء ضد صالح البلد. "هذه ليست المرة الأولى التي أحضر فيها المظاهرات الرافضة للانقلاب، سبق أن ذهبت لاعتصام رابعة العدوية مع أفراد عائلتي، وهنا أفرح وأنا ماسك علم يرمز للميدان الشهير".

وعلى بعد خطوات، وقفت سعاد مصطفى حاملة طفلها الصغير في يد وفي الأخرى لافتة مكتوب عليها "مكملين"، مؤكدة أن اصطحاب الأطفال، رغم المخاطر التي يتعرضون لها في المظاهرات، واجب لتربيتهم على المطالبة بحقوقهم والاعتراض على كل ما هو ظالم أو مجحف والتعبير عن رأيهم بطرق مشروعة.

وأكدت أنها تخشى على ولدها شأنها شأن كل الأمهات، نظراً لصغر سنه، إلا أنها لا تستطيع أن تمنعه من المشاركة في هذه اللحظة التاريخية التي قد لا تتكرر، وبخاصة أن كل أفراد العائلة يشاركون فيها حاملين أرواحهم على أكفهم، من أجل الانتصار للشرعية وإسقاط الانقلاب الذي يهوي بالوطن إلى الدرك الأسفل، على حد وصفها.

المساهمون