أسواق البصرة الشعبية تحتضر

أسواق البصرة الشعبية تحتضر

16 فبراير 2014
+ الخط -

تتميز البصرة عن غيرها من مدن العراق والمنطقة العربية بالأسواق الكثيرة، المتنوعة بين التجارية والأدبية كسوق المربد الذي يطرح بضاعة من الشعر، إضافة إلى ما تحويه البصرة من ثروة اقتصادية مثل النفط وخيرات أخرى.

اشتهرت البصرة بالزراعة وخاصة زراعة النخيل ،التي تقلصت في الوقت الحالي بنسبة خطيرة جدا، فضلا عن المنتوجات الزراعية الأخرى لا سيما "الطماطة" "او الطماطم " التي يعرفها أبناء بعض المحافظات العراقية بـ "طماطة الزبير"، إلا أنها اشتهرت كذلك بأسواق ساهمت وساعدت في سد احتياجات الأسرة البصرية كالحبال والسلال المصنوعة من “جريد” النخيل ومقتنيات أخرى تعد الآن خزينا في ذاكرة التراث البصري.

واشتهرت البصرة ببعض الصناعات الشعبية التي كان لها، هي الأخرى، الفضل في تعويض النقص الحاصل في الكثير من السلع . أسواق البصرة التي كانت يوماً ما عامرة بالكثير من المنتجات هي الآن في ذاكرة البصريين بعدما عدوها جزءا من تراثهم الجميل، ومن تلك الأسواق سوق الحبال الذي لا يزال جزء منه قائما منذ أكثر من 80 عاما في منطقة العشار بالقرب من (جامع الأمير)، وهو من أقدم وأعرق الأسواق في المدينة.

كان سوق الحبال يعرف آنذاك بـ"سوق نجيب باشا" وهو من الأصول التركية، و كان عبارة عن خمسة محال صغيرة تعمل بالمنتج المصنع محلياً، وقد كانت جميع الأشياء مأخوذة من النخيل ومنها "العلاكة الخوص أو الطبك الخوص" وهو عبارة عن فراش دائري الشكل مصنوع من الخوص أيضاً ومطرز بأشكال وألوان جميلة يستخدم لنشر الخبز المستخرج من التنور، وهناك سلة لحواية الرطب، و"الخصف"، وكذلك الحبال المصنوعة من ليف النخيل، التي تعرف بـ"طبيكية".

وكان سوق الحبال يشهد نشاطا تجاريا ملحوظا في ذلك الوقت، حيث يبدأ من ساعات الصباح الأولى حتى حلول المساء. ومن الأشياء الأخرى التي كانت تباع في ذلك السوق "الدولاب" وهو عبارة عن سلة مصنوعة من الخوص تحتوي على غطاء مطرز بألوان جميلة تستخدمه العروس لوضع ثياب العرس فيها.

وفي العشار وبالقرب من جامع الأمير كان هناك، وقبل أكثر من 80 عاما، سوق شعبي يعرف في ذلك الوقت بـ"سوق الألبان".

وكانت النساء من أغلب الباعة في ذلك السوق، حيث كن يفترشن الأرض بعد إجهاد أنفسهن في عرض بضاعتهن، وهي عبارة عن أنواع مختلفة من الأجبان والألبان الطازجة وأصناف مختلفة من التمور المعروفة بجودتها.

كانت البضاعة التي تنال استحسان المتبضع البصري تأتي من المناطق الواقعة شمال مدينة البصرة ابتداءً من القرنة والمدينة والهوير حتى منطقة الهارثة، وهذه المناطق معروفة بطابعها الريفي وتتركز مهنة أهلها على تربية الجاموس والأبقار، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الحيوانات التي تعد مصدرا للكثير من اللحوم والبيض والأجبان.

كما اشتهرت البصرة بأجود أنواع التمور التي وصل صيتها وشهرتها إلى دول الخارج، فكان البرحي والحلاوي والخستاوي وأصناف أخرى من التمور البصرية المشهورة بجودتها العالية معروضة في ذلك السوق الصغير “سوق الألبان”، بعضها تم كبسه بعد أن يضاف إليه السمسم و"الحبة الحلوة" والجوز في بعض الأحيان.

ويعد سوق "التنكجية" واحداً من أقدم الأسواق في البصرة، ويقع في منطقة العشار وسط البصرة ويحيط به من الجهة الجنوبية سوق “الخضارة” وهو من أكبر الأسواق وأضخمها ويعتبر المركز الرئيسي لتموين الأسواق والمحال المنتشرة في عموم المدينة، ويحد سوق "التنكجية" من الشمال سوق "الداكير" وهو مركز لبيع أنواع مختلفة من الحديد والخشب وفيه أيضا مراكز لاستلام وتسلم البضائع التجارية المختلفة القادمة من وإلى البصرة.

وسوق التنكجية الذي تجاوز عمره 60 عاما لم يتبق منه سوى 3 محال بسيطة ما زال أصحابها يصرون على التواصل مع مهنتهم رغم ما أصابها من اضمحلال وانكماش على مدى السنوات العشر الأخيرة.

المساهمون