أسماء تحرج الزعماء وعقد يكشفها الإخفاء:حسين أوباما وعلي عفاش

أسماء تحرج الزعماء وعقد يكشفها الإخفاء:حسين أوباما وعلي عفاش

16 نوفمبر 2014
أسماء تحرج الزعماء وعقد يكشفها الإخفاء: حسين أوباما
+ الخط -

من المفارقات التي حدثت من قبيل المصادفة، يوم الأحد الماضي، في وقت واحد تقريباً، أن تطرق زعيمان معروفان ينتميان إلى ثقافتين مختلفتين، كل على حده عبر محطات تلفزيونية في بلده، لموضوع واحد يتعلق بمقطع في اسمه أو لقبه، والمعاناة التي لحقت به جراء دلالات إجتماعية ترتبت عنها تبعات سياسية خارجة عن تحكمه.

الرئيس الأميركي: 

"إذا كان اسمي باراك حسين أوباما، ورغم ذلك تمكنت من الوصول إلى موقعي الذي أنا فيه، ألا يدل ذلك بأني سياسي (ناجح)؟".

الرئيس اليمني السابق:

"أنا اسمي علي علي عبدالله بن علي عباس عفاش.. حمْيَريّ الأصل، وكانوا يقولون عفاش كأنها شتيمة.."

النموذج الأوّل جسّده الرئيس الأميركي باراك أوباما تلفزيونياً (ربما للمرة الأولى)، معرباً عن عقدته النفسية والاجتماعية في اسمه الأوسط (حسين)، ومعاناته السياسية جراء هذا الاسم، وحاول جاهداً إبراز أصله المتواضع بغرض إثبات عصاميته، والتأكيد على أنه حقق نجاحاً سياسياً كبيراً رغم انتسابه لرجل اسمه حسين، ودون الانتماء إلى عائلة سياسية عريقة كغيره ممن ساعدتهم أسرهم على قطع مشوارهم السياسي بصورة أكثر سهولة.


النموذج الثاني، جسّده الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح، قبيل أو بعيد حديث أوباما بسويعات قليلة، أمام حشد من مؤيديه في صنعاء، يهتفون: "بالروح بالدم نفديك يا علي" فخاطبهم قائلاً: "أنا اسمي علي علي عبدالله بن علي عباس عفاش.. حمْيَريّ الأصل.." إلى آخر الخطاب.

وبذلك اعترف صالح  تلفزيونياً، ربما للمرة الأولى أيضاً، أن لقبه العائلي ليس الأحمر، وفقاً لـ وثائق ترشيحه في أكثر من انتخابات رئاسية، أوكما كان يظن الملايين من مواطنيه قرابة أربعة عقود منذ ما قبل توليه الرئاسة في اليمن الشمالي عام 1978.
وأكد الرئيس اليمني السابق أن لقبه (اسمه الأخير أو العائلي) هو "عفاش"، مشيراً إلى أن البعض كان يعتبر هذا الاسم مدعاة للشتيمة، وهو الأمر الذي قد يبرر إخفاء هذا المقطع من اسمه نحو أربعة عقود، أو تهربه من الاعتراف به، ولكن صالح لم يوضح ما هو وجه الشتيمة في ذلك الاسم.

والحديث عن دلالات الاسم ومدلول اللقب لأي فرد يختلف من مجتمع إلى آخر، وقد يكون المدلول سلبياً في منطقة ما وإيجبيا في منطقة أخرى من المجتمع نفسه، ولكن الأمر المتفق عليه هو أن المدلول السلبي للأسماء هو موضوع حساس بل ونادر التناول، ولهذا استغرق الأمر من أوباما ست سنوات في المنصب كي يضع يده علناً، بمثل هذا الوضوح، على جرح غائر في نفسه، ربما أنه لم يشف بعد. أما صالح فقد استغرق الأمر منه 36 سنة، قبل أن يعترف علناً بالاسم الذي ظل يتفادى نطقه طوال تلك السنين.

وبذلك وفر لنا أوباما وصالح بحديثيهما التلقائيين المنفصلين، مادتين مهمتين للتحليل ستكونان بلا أدنى شك موضع اهتمام المختصين في فروع علميّ النفس والاجتماع، قبل السياسة، لأنهما قدما النموذجين بلسانيهما في لحظات نادرة من هيجان المشاعر أمام كاميرات التلفزيون، وبالتالي يمكن سبر أغوار النموذجين، بما في ذلك خلفيات الحرص الذي أبداه أحدهما على إبراز أصله المتواضع، مقابل استبسال الآخر في التفاخر بأصله "الحمْيَري" العريق.

ففي مواجهة تلفزيونية صريحة، لم تخلُ من الدروس الاجتماعية رغم طابعها السياسي، تفاخر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بأنه نجح في الوصول إلى رئاسة الولايات المتحدة رغم أن اسمه الكامل هو باراك حسين أوباما، في اعتراف تلقائي منه على ما يبدو بمعاناة مكبوتة أو صعوبات واجهها في حياته السياسية والاجتماعية بسبب وجود حسين في اسمه الثلاثي، خصوصاً عندما بدأ يشق طريقه نحو البيت الأبيض.

ففي حلقة من برنامج "واجه الأمة" بثتها محطة سي بي إس الأميركية، يوم الأحد (التاسع من نوفمبر الجاري)، وجه المحاور الأميركي الشهير بوب شيفر، لأوباما سؤالاً محرجاً يتناسب مع مضي ثلاثة أرباع فترتيه الرئاسيتين، حيث مضت منهما ست سنوات تقريباً وتبقى له سنتان فقط من رئاسته الثانية والأخيرة، ولكن دون تسجيل مجد أو إنجاز تاريخي يحسب له. وقد استفزه المحاور الجريء بطرح قاس لأسئلة ذات دلالات اجتماعية ونفسية، في قالب سياسي يؤلم قلب أي سياسي. 
لم ينفعل أوباما أو يحتدَّ، بل التزم بهدوئه المعروف عنه، ودافع عن نفسه، دفاعاً يمكن للقارئ اللبيب أو المشاهد أن يستنبط الإيحاءات النفسية ويحلل الدلالات الاجتماعية لإجابات أوباما التلقائية، من خلال الحوار الذي نقتطف منه أهم الأسئلة ذات الطابع الذاتي والاجتماعي والنفسي، من خلال ارتباطها بطموح الرئيس، أي رئيس، في ترك تراث سياسي تتحدث الأجيال عنه:


شيفر: جميع الرؤساء في التاريخ الحديث الذين نجحوا بشكل أو بآخر - كانوا جميعاً شغوفين بالسياسية، ولديهم الحماسة الكاملة لألاعيبها - بطرق مختلفة - أعني ليندون جونسون، فرانكلين روزفلت، ورونالد ريغان، بيل كلينتون. لقد عرفوا بحبهم للأخذ والعطاء، وممارستهم لسياسات لي الذراع، وإجادتهم لمجاملة الخصوم، لكني لا أشعر أن لديك نفس الشغف بمثل ما اتصف به هؤلاء العظماء، الأمر الذي يدفعني أن أسألك ألا تحب السياسيين والسياسة؟ ألا تحب وظيفتك كرئيس؟ ولماذا لا تمارس ما مارسه أولئك الرؤساء الناجحون؟!

أوباما: (مبتسماً) اسمح لي أن أقول لك يا بوب، إنني أعشق وظيفتي.. ودعنا نكون هنا عادلين في التقييم.. إذا كان اسمي باراك حسين أوباما، ورغم ذلك تمكنت من الوصول إلى موقعي هذا الذي أنا فيه، ألا يدل ذلك بأني سياسي ....؟!

ونتابع حوار أوباما مع بوب شيفر غداً. 

 

دلالات

المساهمون