أحمد عز الدين أسعد.. قراءة في العصيان الوطني

أحمد عز الدين أسعد.. قراءة في العصيان الوطني

13 يوليو 2020
(الانتفاضة الفلسطينية الأولى، Getty)
+ الخط -

فرَض إعلان "صفقة ترامب- نتنياهو" بداية العام، إعادة التفكير في استراتيجيات مواجهة الاحتلال الصهيوني عبر مراجعة وتقييم بنيته وسياساته الاحتلالية والتوسعية القائمة منذ حوالي سبعة عقود، وسبل مقاومتها، في ضوء إنكار الولايات المتحدة لحق الشعب الفلسطيني في دولة ذات سيادة عاصمتها القدس وعودة اللاجئين.

"العصيان الوطني والحياة اليومية كمقاومة، مدخلًا للإجابة على سؤال: ما العمل؟" عنوان اللقاء الثالث الذي نظّمته "مكتبة الأرشيف" في عمّان بالتعاون مع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" عند الثالثة من عصر اليوم الإثنين، وقدّم خلاله الباحث في العلوم الاجتماعية أحمد عز الدين أسعد مداخلة رئيسية أعقبها نقاش مع الجمهور.

تطرّق المحاضر إلى جوهر الصراع مع العدو الصهيوني عبر استعراض العديد من المراجع التي وضعها كتّاب عرب، ومن خلال عمله خمس سنوات في العمل الميداني الذي رصد من خلاله العديد من الانتفاضات والهبّات الشعبية في الآونة الأخيرة، منبّهاً إلى أنه استعمار استيطاني هدفه الإحلال والطمس من خلال قضمه الأراضي بشتى الطرق والوسائل، وهو الوقت نفسه استعمار استغلالي يسعى إلى استنزاف الثروات وتحويل الفلسطينيين إلى عمالة بأجر رخيص لديه.

وتحدّث أسعد عن ثلاث مشاهدات له خلال الأسبوع الماضي لتوضيح الصورة على الأرض، أولها في قرية العيسوية بالقرب من البلدة القديمة في القدس المحتلة، وهي محاصرة من الجامعة العبرية وهداسا ومعسكر للجيش الإسرائيلي وشارع التفافي عليه مستوطنة، ولا تشكّل مساحة الأبنية أكثر من 6% من مجموع أراضي القرية التي يُمنع أهلها من البناء عليها، بينما وضعت بلدية الاحتلال في القدس مخطط بناء مدينة صناعية لتشغيل أبنائها وأبناء فلسطين.

ثانيها في بلدة عين كارم بالقرب من القدس أيضاً، والتي يتوزّع أغلب أهليها في مخيمات داخل فلسطين وفي الشتات، حيث شاهد امرأتين عجوزتين إسرائيلتين تشير واحدة منهما بيدها إلى بيت عربي قديم وتخبر الثانية أنه جزء من التاريخ الإسرائيلي، وإلى جانب هذا التطهير العرقي الثقافي، تقام في البلدة منشآت سياحية لتشغيل الفلسطينيين فيها.

وثالث المشاهدات تتعلّق بتصاريح دخول العمال الفلسطينيين التي تمّ تقييدها مؤخراً، كما يتم استغلالهم سواء بساعات عمل اطول أو تخفيض الأجور، وجيمعها تشير إلى طبيعة الاستعمار الاستيطاني والاستغلالي في آن، والتي بات من الضروري فهمها من أجل كسر بنيتها.

انتقل أسعد بعد ذلك لتوضيح العصيان المدني بالرجوع إلى تنظيرات عديدة، كم حيث هو فعل جماعي بقرارات موحدة للتمرد على السلطة والخروج عنها، موضحاً أشكاله المتعدّدة مثل عدم دفع الضرائب، وتنفيذ القوانين الظالمة وغير الأخلاقية حتى ينهار الجهاز البيروقراطي.

ورأى الباحث هنا أن المطلوب في الحالة الفلسطينية هو العصيان الوطني الذي يشمل ما هو مدني وغير مدني، والذي يحتاج إلى قرارات وطنية مباشرة تعبّر عن هوية فلسطينية توجد اليوم بيئة خصبة للدعوة إليه، بحيث ينخرط الناس خارج الاتقسامات فتفرز القواعد قيادة تكون أصدق في التعبير عنهم.

وأوضح أن الهدف هو تحويل الحياة اليومية إلى مقاومة لمواجهة بنية استعمار يمارس المحو والاستغلال، مقييماً تجارب سابقة حقّقت نجاحات، ومنها القيادة الوطنية الموحدة التي طرحت برنامجاً وتلقفه الناس خلال الانتفاضة الأولى كأداة للخلاص لأنه كان يعبّر عن مطالبهم، ويلامس احتياجاتهم، كما تحدّث عن تجربة بيت ساحور في لجان الأحياء وعمل عيادات أهلية وبساتين النصر والاقتصاد المنزلي، ولم يستطع الاحتلال كسر عصيانهم رفضاً لدفع الضرائب، إلى جانب حالات استطاع من خلالها أهالي العديد من القرى الوقوف متكاتفين صفاً واحداً لمنع هدم البيوت، وتمكّنوا من صدّ الاحتلال.

وخلص أسعد إلى أن العصيان الوطني يتطلب اليوم وضوح الرؤية والأهداف، وأن ينخرط فيه كلّ الفلسطينين في كلّ مكان، داخل فلسطين، وخارجها، وأن يكون علنياً وتقوده المؤسسات التي عليها أن تعمل معاً وخارج منطق الثنائيات، بخطاب موحد وقررات مشتركة، مبيناً أن العصيان هو أداة نضالية واستراتيجية وليس هو مشروع المقاومة نفسه.

المساهمون