أحزاب اليسار وأمجاد "سيريزا"

أحزاب اليسار وأمجاد "سيريزا"

30 يناير 2015
+ الخط -

كان متوقعاً اكتساح حزب سيريزا اليساري الاجتماعي الانتخابات اليونانية، التي جرت، الأسبوع الماضي، على أرض صاحب المدينة الفاضلة، لأسباب وعوامل عدة، أبرزها استفحال الأزمة المالية داخل هذه البلاد من أوروبا الشرقية، إلى حدود بلغت معها الديون المالية 177% من الناتج الداخلي الخام، وكما السياسية الاقتصادية التقشفية التي كان لها وقع سلبي على القدرة الشرائية للمواطن اليوناني.
في المقابل، وفي الساحة السياسية، ظلت أحزاب دون غيْرها تمسك بزمام الأمور، ووعدت، في أكثر من مناسبة، بتغيير حالة البلاد نحو الأفضل، وبعد أن استنفدت وسائلها كافة، كان لزاماً أن تتداعى شعبيتها، وبالتالي، كان ممكناً سحقها، انتخابيّاً، وهذا ما حدث بالضبط، أي أن حزب اليسار الاجتماعي، سيريزا، ملأ الفراغ الذي خلفته الأحزاب التقليدية اليونانية وراءها، وبالتالي، ما حققه هذا الحزب كان نتيجة الظروف الداخلية للبلاد، خصوصاً في شقها المتعلقْ بالاقتصاد.
وأحدث اكتساح "سيريزا" الانتخابات اليونانية ضجة كبيرة، في أوساط سياسية وصحفية، التي أهدرت مداداً كثيراً، وتنبأت بصعود النجم اليساري، وخصوصاً الراديكالي في سماء الدول الأوروبية، وهناك من ربط ما حققه حزب "سيريزا" بما تعيشه إسبانيا مع حزب يساري يدعى "بوديموس"، قد نتفق في شيء واحد أن للحزبين الأرضية السياسية نفسها، لكن هل للحزبين، معاً، الظروف نفسها، هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.
وفي حواره مع صحيفة لوموند الفرنسية، قال المؤرخ الفرنسي، جاك جوليار: من المستبعد، حقاً، أن تتأثر الساحة السياسية الفرنسية بعوامل خارجية، كالتي تشهدها اليونان حاليّاً. وقال: إن ما سيحدد الخريطة السياسية في فرنسا هي الانتخابات التشريعية الجزئية التي ستشهدها منطقة مونتبيليه، الأحد المقبل. وبشأن تداعيات نتائج الانتخابات اليونانية على اليسار الفرنسي، قال: إن ظروف اليونان ليس كالتي تعيشها فرنسا، كما أن سياسية التقشف الفرنسية لم تؤثر سلباً على مستوى المعيشة الفرنسية.
وإذ تحدثنا عن اليسار المغربي، وتداعيات الاكتساح الانتخابي لـ"سيريزا"، فهذا الربط من جهة ربما بعيد، كل البعد، عن المنطق السياسي، ففي المغرب يساران، أحدهما يوصف بالمعتدل، ويتقرب من السلطة "المخزن"، ويسعى، بشتى الوسائل، إلى خدمتها، ويسار آخر أكثر تقوقعاً على ذاته، مازال يدور في فلك "الحلم الثوري" و"الجنة الاشتراكية"، غير أن يساريّ المغرب وجهان لعملة واحدة، عنوانها ما السبيل الى الكعكة؟
وصعود اليسار الاجتماعي في اليونان، وظهور حزب "بوديموس" في إسبانيا، يحيلاننا، بالضرورة، إلى ما عاشته أغلب دول الربيع الديمقراطي العربية والإسلامية، والتي انتهت بصعود الإسلاميين إلى الحكم، نتيجة فقدان الثقة في أغلب مكونات المشهد السياسي العربي والإسلامي قبل الربيع، إذ حملتها الشعوب مسؤولية استفحال الاستبداد السياسي، ووضع يدها في أيدي أنظمةٍ لم نكتشف وجهها البشع، إلا بعد سقوطها.

 

2E63B9A3-EF1E-46F6-A1E0-B034637ED96A
2E63B9A3-EF1E-46F6-A1E0-B034637ED96A
محمد لعبيدي (المغرب)
محمد لعبيدي (المغرب)