أبو تريكة على قائمة الإرهاب!

03 فبراير 2017
+ الخط -
إن كنت تعتقد أنّ اللاعب محمد أبو تريكة قد تمّ التحفظ على أمواله، ووضعه على قائمة الإرهاب، لانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، أو للتقليل من شعبيته، أو لإفقاره نظراً لمشاركته بالثورة، فأنت لم تعرف بعد نوع وحجم المواجهة التي يخوضها النظام السياسي في مصر، مع أبو تريكة، فما يريده النظام هو قرع جرس الإنذار لكلّ لاعب كرة قدم مصري يحاول تكرار نموذج محمد أبو تريكة في الملاعب، نظراً لما يحمله ويروّجه من مبادئ، وما يحمله من قضايا تؤثر على استقرار النظام السياسي في مصر.
ولو كان الأمر يقتصر على شخص أبو تريكة لانتهي الأمر، من دون اتخاذ أي إجراء ضده، لكن الخطورة في تكرار هذا النموذج على ملاعب كرة القدم المصرية، بما يعنيه ذلك من استمرار وتكرار ما يروّج له ويحمله هذا اللاعب من قضايا، وهو ما يخاف منه النظام المصري، بمعنى أنّه، بعد أن كانت تستخدم كرة القدم لتغييب الشعب وإلهاء الناس، ستصبح كرة القدم مصدراً لتذكير الناس بقضايا أمتهم وأحوال بلدهم، وهذا دوماً ما كان يكرّره أبو تريكة من حين إلى آخر، داخل المستطيل الأخضر، ولا زال يكرّره بعد اعتزاله، وهو تذكير المسلمين بقضايا أمتهم، إذ لم يترك اللاعب فرصة أو مناسبة إلا ويستغلها في تذكير الشباب بقضايا أمتهم.
شدّد أبو تريكة، في لقائه أخيراً مع الكابتن نادر السيد في برنامج العربي الرياضي على الرسالة والدور الذي يجب على اللاعب أن يؤديه خارج الملعب، وأنّ رسالته لا تقتصر علي أرض الملعب فقط، بل وخارجه أيضاً في أن يكون قدوة لشباب جيله في الأخلاق، وفي تذكيره الشباب بقضايا أمتهم، وفي أنّ عليهم استغلال تلك الشهرة في إحياء قضايا الأمة، وخصوصاً القضية الفلسطينية.
ولكي ندرك خطورة تكرار نموذج أبو تريكة، وما يحمله من مبادئ في الملاعب، تخيّل معي ذلك المشهد الذي يقف فيه أحد عشر لاعباً أمام الجمهور، كل منهم يرتدي تي شيرت يذّكر الشباب بأحد قضايا الأمة من العراق، مروراً بسورية، وصولاً إلى فلسطين. تخيّل معي ردّة فعل هذا الجمهور، حينما يتجاوب مع هذه الدعوات، حينها قد تتحوّل المباريات إلى أحداث كبرى، تعيد إلى الأمة مجدها، بعد أن كانت المباريات وسيلة لإلهاء الشعوب وتغييبها.
أتمنى أن نكون فهمنا الآن ماذا أعني بأن ينقلب السحر على الساحر، إذ كان أبو تريكة، ولا يزال، يسعى إلى كسر تلك الصورة النمطية عن لاعبي كرة القدم، والتي كانت تنحصر في إلهاء الجماهير بقصة الشعر أو طريقة اللبس أو جنون المعجبات، ليحولها إلى صورة أخرى ثرية، تؤدي رسالة جليلة في خدمة قضايا الأمة، شأنها شأن كلّ المجالات الأخرى التي توّظف في خدمة قضايا الأمة.
أما عن طريقة تعامل اللاعب مع الأزمة، فلا يخفى على أحد ما تعرّض إليه اللاعب من هجوم محاولين استفزازه وشخصنة الموضوع، فضرب لنا أبو تريكة مثالاً آخر في إنكار الذات، وفي إعلاء الحديث عن قضايا الأمة عن قضاياه الشخصية، وليت الساسة يتعلمون منه.
مشكلة النظام مع أبو تريكة ليست مشكلة تدّين، ولا انضماماً لجماعة ولا مساعدة جمعيات خيرية، فقد شهدنا ذلك النموذج كثيراً قبل ذلك، مثل الكابتن ربيع ياسين والكابتن مختار مختار وغيرهم ممن لا زالوا في الملاعب، لكن تكمن خطورة أبو تريكة على النظام في خطورة نوعية قضايا الأمة التي يتبناها، خصوصاً القضية الفلسطينية، وما يحمله من مبادئ يسعى إلى نشرها ليست على هوى النظام. ولذا، يحاولون تقييده قدر الإمكان، حتى لا يتكرّر نموذجه في الملاعب.
C6A0B2C1-8523-4E0C-9CC1-42AE7D15CCE6
C6A0B2C1-8523-4E0C-9CC1-42AE7D15CCE6
أحمد نصر (مصر)
أحمد نصر (مصر)