"معرض أربيل".. وداعاً أيها العراق القارئ

"معرض أربيل".. وداعاً أيها العراق القارئ

06 ابريل 2014
سندس عبد الهادي / العراق
+ الخط -
دشّن "معرض أربيل الدولي للكتاب" فعالياته أخيراً بمشاركة حوالى 250 دار نشر عربية وأجنبية من 35 دولة. واستُهلّت نشاطات الدورة التاسعة من المعرض بتحية إلى الشاعر شيركو بيكه سي (1940 ـ 2013)، حيث أُلقيت في افتتاحه مجموعة من قصائد الشاعر الكردي الراحل، إضافة إلى مقاطع شعرية مسجلة بصوته، مع عرض لفيلم "أسد الجبل" الذي تناول سيرة حياته.

وكعادة معارض الكتب في المنطقة، حظي الكتاب الديني بحصة الأسد من المنشورات في "معرض أربيل" هذا العام، كما طغت العناوين العائدة إلى فترات متأخرة من القرن الماضي على نظيرتها من الإصدارات الحديثة، بحسب زوار متابعين.

ورغم التأكيد الرسمي من السلطات المحلية على عدم وجود أي نوع من أنواع الرقابة على الكتب والمطبوعات في إقليم كردستان العراق (يتمتع بشبه حكم ذاتي منذ التسعينات)، بيد أنّ إدارة المعرض تحظر على دور النشر المشارِكة "عرض الكتب التي تسبّب الفتنة الطائفية أو المذهبية بين أبناء الشعب العراقي والشعوب العربية والإقليمية"، وذلك تحت طائلة إقفال الجناح "المخالف". وهو شرط يرى مراقبون أنّه يستند إلى تعابير مطّاطة يمكن أن تضع حرية التعبير على المحك. وإنْ لم تسجّل في المعرض حتى الآن (يستمر حتى 12 من الجاري) أي حالة مصادرة أو منع لكتب.

وسبق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أن وصفت حرية التعبير في كردستان العراق بأنّها "تمر بأيّام مظلمة"، بعد قيام سلطات أمن الإقليم في العام 2012 باعتقال واحتجاز 50 على الأقل من الصحافيين ونشطاء المعارضة السياسية بشكل تعسفي.

ويأتي افتتاح معرض أربيل (تنظمه "مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون")، بعد أيام قليلة من اختتام الدورة الثانية لـ"معرض بغداد للكتاب" 2014 (الدورة الأولى 2012)، وذلك في ظلّ شبه قطيعة بين "وزارة الثقافة العراقية" (الاتحادية)، و"وزارة الثقافة والشباب" في الإقليم الكردي، شمال البلاد. وهو ما يرى فيه مراقبون انعكاساً للتوتر السياسي القائم بين حكومتي المركز والإقليم، ليتجسّد في النهاية بحرص كلّ من رئيس الوزراء العراقي (نوري المالكي) ورئيس الإقليم الكردي (مسعود البرزاني) على افتتاح المعرضين (كل منهما على حدة) بشكل شخصي. ما يلقي الظلال القاتمة على واقع الثقافة العراقية، وعلى قطاع النشر بصفة خاصة.

ففي حين تؤكد وزارة الثقافة العراقية أنّها نجحت خلال عام واحد في طباعة أكثر من 600 كتاب ضمن فعاليات "بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013"، يرى مثقفون محليون أنّ الأموال الطائلة التي صُرفت على التظاهرة (500 مليون دولار أميركي) لم يكن لها تأثير ملموس على الأرض في هذا المجال تحديداً.

كما عبّرت منظمات حقوقية محلية عن غضبها علناً بعد لجوء مسؤولي الوزارة في وقت سابق إلى فرض قوانين رقابية على الكتب يعود بعضها إلى عهد نظام صدام حسين. وقد بررت بغداد هذه الخطوة في حينه بأنّها تهدف إلى الحدّ من انتشار مؤلفات تمجّد العنف الديني وتروّج للفتاوى التكفيرية.

والعراق ليس استثناءً في تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، التي سبق لها أن أشارت إلى أنّ ما يقرأه المواطن العربي لا يتجاوز 4 صفحات في السنة. إذ يشكو المشتغلون في قطاع النشر العراقي من ضعف تسويق الكتاب، وارتفاع سعره. في حين يتهم المؤلفون الناشرين بالعزوف عن التعاون مع كتّاب شباب أو جدد، ناهيك عن تدني المستوى الإخراجي لمنشوراتهم.

وهو أمر تنادى إلى تدارك مفاعيله السلبية بعض المثقفين والناشطين المدنيين من الشباب، حيث دعت مبادرة: "أنا عراقي، أنا أقرأ"، في أيلول/ سبتمبر الماضي (تأسست قبلها بعام)، إلى تظاهرة قراءة جماعية في شارع المتنبي (وسط بغداد)، الذي يعدّ سوقاً ثقافياً تقليدياً تزدهر فيه "بسطات" تجارة الكتب التي تعرّضت بعض منها لمحاولات إزالة من سلطات العاصمة في حينه.

وسبق ذلك بأشهر، إطلاق "اتحاد الناشرين العراقيين" لحملة في الشارع نفسه للمطالبة بتعديل القوانين التي تمنع تصدير الكتب المطبوعة في العراق إلى الخارج. ورفع منظمو الحملة لافتة كبيرة أمام مقرّ الاتحاد كُتب عليها: "أطلقوا سراح الكتاب العراقي أسوة ببقية دول العالم".

المساهمون