"مصالحة" حمص مجمّدة: مَن يتلقّى القذائف ليس كمن يحصيها

"مصالحة" حمص مجمّدة: مَن يتلقّى القذائف ليس كمن يحصيها

16 ابريل 2014
بعض ما تبقّى من بابا عمرو (جوزف عيد، getty)
+ الخط -

حملت حمص (وسط البلاد) لقب "عاصمة الثورة السورية"، بعدما أخذ أبناؤها على عاتقهم، على الرغم من العنف المفرط الممارس ضدهم، استمرار التظاهر ضد حكم الرئيس، بشار الأسد، لفترة طويلة، مكّنت السوريين من إعادة الانتفاض إلى مناطق استطاع النظام إخماد الثورة فيها.

ولا تزال حمص تدفع ثمن ذلك حرباً دخل فيها سلاح الحصار والتجويع بقوة، وخصوصاً في حمص القديمة ومنطقة الوعر.

وأمام واقع حصار مؤلم، مترافق مع "تخاذل" يتهم به الناشطون المجتمع الدولي تجاه أبسط حقوقهم الإنسانية، تنقسم الآراء حول ما يجري في حمص المحاصرة.

فبعد اتفاق هدنة برعاية الأمم المتحدة، خرج نحو 300 محاصر من المدينة القديمة، لا يزال منهم نحو 60 معتقلاً حتى الآن، في حين توقف تنفيذ بنود الاتفاق تحت تأثير خروقات النظام الذي يؤكد بعض الناشطين المعارضين أنه سعى لمحاولة منع وصول القليل من المساعدات الغذائية حتى.

"المصالحة" المفروضة

ويفرض موضوع "المصالحة" نفسه حالياً أكثر من أي وقت مضى، في ظل أنباء من حمص حول محورين: الأول عسكري يتمثل في اشتداد موجة القصف على الأحياء المحاصرة، وسط ما يشاع عن تعزيزات لتجديد محاولات الاقتحام. والثاني يختصره حديث عن مفاوضات بين ممثلين عن ثوار حمص وعن النظام، للاتفاق على "أمر ما"، لا أحد يعلم ما هو تحديداً، إلا المفاوضون أنفسهم، لكن التوقعات تشير إلى اتفاق يقضي بانسحاب آمن لمقاتلي المعارضة من حمص، ليدخلها النظام بسلام.

ونجحت سياسة اتفاقيات الهدن مع المعارضة المسلحة في تحييد بعض المناطق الساخنة في جنوب دمشق، ما حفز النظام على محاولة تطبيقها في أماكن الصراع الأخرى.

وفي حمص، جرت مفاوضات مع النظام امتدت شهراً كاملاً، غير أنها لم تزد الأوضاع الإنسانية والأمنية في حمص إلا سوءاً، حسب ما أفاد أبو الحارث الخالدي، أحد أعضاء لجنة المفاوضات عن محاصري المدينة، في تصريح لـ"العربي الجديد".

وأكد الخالدي، بأن وفد مفاوضات الهدنة في المدينة، أصدر بياناً أوضح فيه ملابسات ما جرى خلال الأسابيع الماضية بعد التوصل إلى مسودة اتفاق مع ممثلي النظام، ينص على وقف نزف الدماء، ويحافظ على ما تبقى من بنية تحتية في مدينة حمص، وذلك خلال ثلاثة اجتماعات مطولة كان آخرها في 10/4/2014.

واختتم الاجتماع بالتفاهُم على لقاء في اليوم، التالي بحضور مسؤول أمني لإتمام ما تم الاتفاق عليه، ووضع آلية تنفيذ بنود الاتفاقية، لكن أمل الوفد لم يزل معلقاً في الهواء، كما ورد في البيان المذكور.

ويتساءل البيان الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، عن مبرر "المواعيد المطاطية، وإلى متى تبقى سياسة النظام مرهونة بوشوشات شياطين الإنس والجن المتعطشين لفرض الحل الأمني بغض النظر عما يجره هذا الحل الوحشي على النظام نفسه من انغماس في مستنقع الدماء".

ويقول الموقعون على البيان: ليعلم القاصي والداني أننا أصحاب قضية عادلة لا مساومة عليها ونقول لمن توهم ضعفنا إن للصبر حدوداً".

وسبق أن تعهد، الشيخ أبو الحارث الخالدي، بمزيد من المعلومات حول المفاوضات، بعد جلسة اللجنة مع المحافظ، طلال البرازي، ووزير المصالحة الوطنية علي حيدر بتاريخ 2/ 4/ 2014، وقال حينها: إن نص الاتفاقية بات على طاولة الرئيس بشار الأسد، والمفوض عنه في حوار اللجنة، أي الوزير حيدر، الذي طلب إمهاله حتى البدء في تطبيق الاتفاقية لتزويد اللجنة بتقرير كامل.

ثمّ عاد الخالدي، ليعتذر عن ذكر أي تفاصيل، مبرراً ذلك بـ"طلب أن يبقى الأمر طي الكتمان إلى حين التطبيق، لأن المعطّلين كثر من جهتنا ومن جهتهم".

صوت المحاصرين

يقول الناشط المعارض، أبو عمار الحمصي، لـ"العربي الجديد"، من داخل المناطق المحاصرة: إن المجلس الشرعي في حمص المحاصرة، أصدر منذ فترة فتوى بأن فعل تسليم النفس للجيش النظامي هو إثم، بينما رأت "جبهة النصرة" أنّ من يعطي معلومات تضرّ بمن بقي صامداً، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، وهي "الخيانة".

ووصف أبو عمار، الوضع في حمص بأنه "أسوأ مما يتخيل أي أحد"، مشيراً إلى أن درجة الجوع لا تحتمل، ما جعل الكثير من الشباب يضطرون إلى تسليم أنفسهم نتيجة نقص الغذاء.

وكشف أبو عمار، أن أكبر مشاكل الداخل المحاصر اليوم، هو "الافتقاد إلى وحدة الصف تحت كلمة واحدة". وعن هذا الموضوع، يلفت إلى أن بعض القادة في الداخل يمكن وصفهم بـ"المخطئين"، نافياً وجود الخيانة أو العمالة بينهم. كما ينفي الرجل أن يكون النظام قوياً بالقدر الذي يقدمه الإعلام، معلناً أن "معظم الثوار على الأرض ضد المصالحة".

غير أن أبو عمار، يعود ليعزو أية عملية جنوح إلى "المصالحة" لما يشعر به الثوار من "تخاذل من حولنا، فضلاً عن تخاذل العالم، عربياً وإسلامياً وعالمياً".

دلالات