"مدن في حرب": العمران وعنف القرن الواحد والعشرين

"مدن في حرب": العمران وعنف القرن الواحد والعشرين

11 ابريل 2020
صورة جوية لكابول، تصوير: أندرو رينيسن
+ الخط -

بغداد وبوغوتا وسيوداد خواريز وكابول وكراتشي، مدن عاشت الاجتياحات والعنف الأهلي والحروب الداخلية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، وهذه المدن وواقعها الحضري والعمراني خلال الحرب وبعدها هو موضوع كتاب "مدن في حرب: انعدام الأمن العالمي والمقاومة الحضرية" الذي صدر مؤخراً عن "منشورات جامعة كولومبيا" لمجموعة مؤلفين.

قام بتحرير الكتاب الباحثتان الأكاديميتان ماري كالدور وساسكيا ساسين، وهما صاحبتا فكرة جمع فريق دولي من العلماء والباحثين بهدف دراسة المدن كمواقع للحرب المعاصرة وانعدام الأمن بعد نهاية القرن العشرين.

تذكر المحررتان في المقدمة كيف أن الحرب في القرن الحادي والعشرين تتجاوز بكثير الجيوش التقليدية والدول القومية؛ ففي عالم من الصراعات المنتشرة التي تدور عبر مدن مترامية الأطراف، أصبحت الحرب مجزّأة وغير مستوية لتتناسب مع إعداداتها، ومع ذلك، فإن تحليل الدول الفاشلة والحرب الأهلية وبناء الدولة نادرًا ما يعتبر المدينة، وليس البلد بأكمله، أرض المعركة.

بالنسبة إلى كالدور المتخصصة في الثقافات الأمنية وساسين التي تدرس المدن والصراع منذ بداية الألفية الثالثة، فقد حاولتا تكوين وتطوير رؤية جديدة حول المدن ومناطقها الجغرافية وكيفية مواجهة هذه المدن وسكانها للصراع وعدم الاستقرار، إضافة إلى الطرق التي توفر بها الأشكال الحضرية إمكانات لمواجهة العنف.

يقدّم العمل عدداً من دراسات الحالة لمدن بغداد في العراق وما عاشته خلال الاجتياح الأميركي وفي فترة الاحتلال ثم العنف الأهلي الذي عاشه العراقيون عام 2006، وبوغوتا في كولومبيا حيث تتوقف الدراسات عند العنف الذي عاشته البلاد عام 2008 والذي كان نتيجة لأحداث وصراعات تعود إلى التسعينيات.

إلى جانب مدينة سيوداد خواريز في المكسيك التي أطلق عليها لفترة طويلة لقب "مدينة الموت"، والتي عرفت نسباً مخيفة في الفقر والعنف والجريمة وصراعاً دامياً بين السلطة وعصابات المخدرات المنظمة خلال الألفية الثالثة.

تتناول الدراسة أيضاً الحرب على كابول في أفغانستان عام 2001 وطبيعة المدينة الجغرافية، حيث يضيء أحد الفصول الدامية من الحروب الأميركية في القرن الواحد والعشرين، إلى جانب كراتشي في باكستان التي شهدت أعمال عنف ضد الأقليات وإضرابات وجرائم جماعية في العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين.

يكشف الكتاب عن التوزيع غير المتكافئ لانعدام الأمن وكذلك كيف يمكن أن تقدم القدرات الحضرية المقاومة والأمل. من خلال التحليلات حول كيفية تفاعل الأشكال المعاصرة للهوية وعدم المساواة والتفرقة مع البيئة المبنية، يشرح "مدن في حرب" لماذا وكيف أصبح العنف السياسي مدينياً بشكل متزايد. كما يشير إلى قدرة المدينة على تشكيل نوع مختلف من الذاتية الحضرية التي يمكن أن تكون بمثابة أساس لمستقبل أكثر سلامًا وإنصافًا.

يُذكر أن ماري كالدور هي أستاذة الحوكمة العالمية ومديرة وحدة أبحاث المجتمع المدني والأمن البشري في إدارة التنمية الدولية في كلية لندن للاقتصاد. من مؤلفاتها: "البحث عن الأمن: الحماية بدون الحمائية والتحدي للحكم العالمي"، و"الحروب الجديدة والقديمة: العنف المنظم في عصر عالمي"، و"ثقافات الأمن العالمي".

أما ساسكيا ساسين فهي أستاذة علم الاجتماع وعضو لجنة الفكر العالمي بجامعة كولومبيا، ومن إصداراتها: "الطرد: الوحشية والتعقيد في الاقتصاد العالمي"، و"المدينة العالمية"، و"المدن في الاقتصاد العالمي".

المساهمون